د.محمد شومان يكتب: الرئيس حمدين والنائب أبوالفتوح ..حمدين.. تمرده قديم واجتهاده الفكرى والسياسى أكثر عمقا.. والاثنان تجمعهما الوطنية المصرية المتفتحة والنزاهة والتواضع والإخلاص للفقراء

الإثنين، 05 مارس 2012 08:53 ص
د.محمد شومان يكتب: الرئيس حمدين والنائب أبوالفتوح ..حمدين.. تمرده قديم واجتهاده الفكرى والسياسى أكثر عمقا.. والاثنان تجمعهما الوطنية المصرية المتفتحة والنزاهة والتواضع والإخلاص للفقراء حمدين صباحى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
المقترحات بشأن تحالف انتخابى بين حمدين صباحى وعبدالمنعم أبوالفتوح جديرة بالتفكير والنقاش، فمعركة الرئاسة هى الفرصة الأخيرة لرموز نظام مبارك، ولن يفرطوا فيها أو يسمحوا لأنفسهم بالفشل، كما حصل لهم فى انتخابات البرلمان، فهى معركتهم الأخيرة، لذلك على قوى الثورة الانتباه والاستعداد.

يتجمع الفلول وبدعم مالى سخى حول عمرو موسى وشفيق وربما عمر سليمان أو شخص آخر سيكشف عنه النقاب قريبا، ما يجمع بين كل هذه الأسماء أنها شاركت بأدوار مختلفة ولسنوات طويلة فى نظام مبارك، وهى سلبية كبيرة من وجهة نظر شباب الثورة والرأى العام الذى يطمح - ولديه كل الحق - فى ظهور شخصيات جديدة لم تشارك فى نظام مبارك وتنتمى للثورة، سلبية أخرى تخصم من رصيد موسى وشفيق وغيرهم وهى كبر السن فى مجتمع 60% منه شباب، لكن هؤلاء الشيوخ لديهم مميزات أهمها توافر الخبرة السياسية والحكمة وربما القدرة على الانتقال بمصر إلى عصر جديد، لذلك أعتقد أن حكمتهم وخبرتهم سترغمهم على التوافق على مرشح واحد لانتخابات الرئاسة، لأن خبرة انتخابات البرلمان بغرفتيه كشفت عن ضعف كل المرشحين المحسوبين على النظام السابق، والخوف من تكرار السلوك الانتخابى نفسه مع موسى أو شفيق أو حتى سليمان لا بديل إذن أمام القوى المحافظة سوى التوافق على مرشح واحد منذ الجولة الأولى فى الانتخابات، وفى هذه الحالة من المرجح أن ينال هذا المرشح دعم وتشجيع الجيش والذى لاشك يريد رئيسا محافظا يدين للجيش بالولاء وبالتالى يدافع عن مصالح وامتيازات المؤسسة العسكرية.

حسابات القوى المحافظة واضحة وأقرب إلى الحسم، أما مرشحو معسكر الثورة بالمعنى الواسع فحساباتهم مرتبكة، وإن كانوا يمتلكون قوة معنوية ورأس مال رمزيا هائلا، فحمدين وأبوالفتوح وأبوإسماعيل لم يتورطوا مع نظام مبارك، والتزموا طوال حياتهم موقفا نقديا معارضا، لكن خبرة كل منهم وفرص نجاحه متفاوته، فأبواسماعيل ينقصه المعرفة والخبرة السياسية فقد التحق متأخرا بركب المعارضة، كما أن رؤيته والتزامه بالمنهج السلفى يحول دون قدرته على التجديد وانفتاحه على الآراء والمواقف الأخرى، ويجعله فى الأخير أسيرا لفكر وأيديولوجية ضيقة تحصر ناخبيه فى معسكر السلفيين، وهؤلاء لا يمكن أن يضمنوا فوزه لأنهم لا يزيدون بأى حال من الأحوال عن ربع الناخبين، ولأن انتخابات الرئاسة تختلف تماما عن البرلمان، فإن ما حصل عليه السلفيون من أصوات لن يذهب لأبو إسماعيل. كذلك الحال بالنسبة للإخوان فالأصوات التى اختارت مرشحيهم فى البرلمان لن تذهب للمرشح الذى ستدعمه الجماعة.

يبقى الأمر محصورا فى حمدين وأبوالفتوح، وهما فى تقديرى أفضل المرشحين من ناحية التأهيل السياسى والخبرة العملية فى الشارع ومع الناس، فضلا عن شجاعتهما فى الخروج والتمرد على تقليدية وجمود الفكر الإخوانى والفكر الناصرى، أى أن كل منهما متمرد على قيوده الأيديولوجية التى نشأ فى إطارها، لكن حمدين وأبوالفتوح لديهما نقاط ضعف عديدة منها تماثل القاعدة الاجتماعية والعمرية التى تدعمهما، وعدم العمل من داخل مؤسسات الدولة، وعدم امتلاكهما موارد مالية كافية لتمويل حملة انتخابية قوية تستطيع أن تقاوم الانفاق السخى للمرشحين المحافظين، وبالتالى فإن المنطق والمصلحة السياسية والعملية يحتم تحالف الاثنين، ليتمكنا من خوض الانتخابات بقوة والتنافس الجاد على مقعد الرئيس، فكلاهما مرشح الثورة، ومرشح ما بعد الأيديولوجيتين الإخوانية والناصرية وهما بكل المقاييس الأقرب إلى روح وتفكير الشباب، والأهم فإن تحالف حمدين وأبوالفتوح سينهى بمعنى من المعانى الخصام التاريخى والثارات الموروثة بين الناصرية والإخوان، كما قد يضع نهاية للاستقطاب الفكرى والسياسى بين القوى المدنية والإسلامية وهو الاستقطاب الذى يهدد وحدة المجتمع. والذى ظهر فى استفتاء مارس الماضى وانتخابات البرلمان، وأخشى من تكرار ظهوره فى انتخابات الرئاسة.

فى هذا السياق لابد أن تعى لجنة كتابة الدستور أهمية النص على انتخاب الرئيس ونائبه فى بطاقة واحدة ليس فقط تسهيلا على تحالفات يحتاجها الوطن وكذلك المرشحين، ولكن تأكيدا على مبدأ ديمقراطى خاص بحق الشعب فى انتخاب الرئيس ونائبه، خاصة أن الشعب المصرى عانى فى تاريخ الجمهوريات المتعاقبة من أخطاء انفراد الرئيس باختيار نائب غير مؤهل.

وحتى إذا لم ينص الدستور الجديد على الجمع بين الرئيس ونائبه فى بطاقة واحدة، يظل تحالف أبوالفتوح وحمدين ضرورة سياسية ووطنية تعززها مصالح مشروعة، ويمكن التوافق على إعلان بالتزام واحد منهما بتعيين الآخر نائبا له وتفويضه بإدارة ملفات معينة فى العهد الجديد، لكن لابد أولا من سرعة حسم اختيار ترشيح واحد منهما كرئيس، واقترح تسمية حمدين رئيسا وأبوالفتوح نائبا، ولدى أسباب كثيره تبرر اختيارى، أهمها أنه كفيل بوصول شخص ينتمى لمعسكر الثورة إلى مقعد الرئاسة. ولا يعنى ذلك أن أبوالفتوح ليس من معسكر الثورة أو أن حمدين أكثر ثورية منه، فالرجلان متماثلان تقريبا، لذلك عندما أختار حمدين فإننى أختار وبالقدر نفسه أبوالفتوح، لأن الوطنية المصرية المنفتحة تجمعهما، والسعى للتنمية المستقلة وامتلاك مشروع قومى ذى مرجعية ثقافية إسلامية هدفهما، والإخلاص للفقراء والتواضع والنزاهة قيم وسلوك التزما به.

أبوالفتوح سر قوته وضعفه فى آن معا، أنه خرج عن الإطار الأيديولوجى والتنظيم الجامد لجماعة الإخوان، فخسر أصوات الجماعة وأنصارها، لكن خروجه جاء متأخر زمنيا وحدث قبل ثمانية شهور فقط، وبالتالى فإن أفكاره ومواقفه من نقد الجماعة وتجديد الفكر الإسلامى السياسى لم تكتمل أو تتبلور حتى أن هناك كثيرا من القوى المدنية تشكك فى جدية انشقاقه عن الإخوان، أما حمدين فإن تمرده قديم واجتهاده الفكرى والسياسى أكثر عمقا وتبلور فى تجربة حركة ثم حزب الكرامة الذى شارك حمدين فى تأسيسه، وقد انتقدت الكرامة التجربة الناصرية ودعت إلى توافق وطنى عام للاصطفاف فى مشروع قومى للنهضة، واتخذت موقفا إيجابيا من تيار الإسلام السياسى، بل إن هناك من داخل الكرامة من يعرف الناصرية باعتبارها اجتهادا ضمن الرؤية العامة للإسلام فى السياسة والحكم، من هنا تحالفت مع الإخوان فى كثير من المواقف السياسية قبل وبعد الثورة، وكان لعلاقة الصداقة بين حمدين وأبوالفتوح دورها فى التقريب بين الكرامة والإخوان.

وعندما أقترح تسمية حمدين رئيسا فإننى لا أفضله عن أبوالفتوح إلا من زاوية واحدة فقط وهى تحقيق التوازن السياسى والثقافى للمجتمع المصرى، والذى أصبحت مؤسساته المنتخبة تميل وبقوة ناحية تيار الإسلام السياسى، ما قد يؤدى إلى هيمنة سياسية وثقافية قد تعيد إنتاج نظام الحزب الواحد والصوت الواحد، فأبوالفتوح رغم تمرده الفكرى عن الإخوان يظل محسوبا على تيار الإسلام السياسى، وبالتالى فإن ترشحه للرئاسة قد يثير قلقا مشروعا لدى الأقلية من احتمال وجود برلمان ورئيس ينتميان إلى الإسلام السياسى، وبالتالى يبدو اختيار ترشيح حمدين رئيسا طوق نجاة للوطن ولقوى الثورة من تهمة هيمنة الإسلاميين، ولا يعنى ذلك التشكيك فى إسلام حمدين صباحى فكلنا مسلمون، لكن حمدين يظل مهما خالف ناصريته وابتعد عنها وجها مطمئنا للقوى المدنية والمسيحيين، وعلى معسكر الثورة الوعى بأن ورقة التوازن بين التيار الإسلامى والقوة المدنية سيلعبها المرشحون المحافظون مثل عمرو موسى وشفيق. والأدعى أن يمسك مرشحو الثورة بهذه الورقة لأن هناك مؤشرات كثيرة ترجح رغبة كثير من المصريين للتصويت بشكل يضمن التوازن الذى غاب إلى حد كبير عن تشكيلة البرلمان بغرفتيه.

تبقى فى الأخير مقولة افتقاد حمدين وأبوالفتوح خبرة العمل من داخل مؤسسات الدولة، وبالتالى الادعاء أنه من الأفضل لمصر انتخاب عمرو موسى أو شفيق نظرا لتمتعهما بخبرة إدارية وسياسية طويلة، وأعتقد أن هذه المقولة لا تصمد للنقاش الجاد، لأن النظام السابق لم يسمح لحمدين وأبوالفتوح بالعمل فى مؤسسات الدولة، كما أن الرئيس القادم لابد أن يكون سياسيا وليس مجرد وزير تكنوقراطى، ويجب أن يعمل على رأس فريق، ولا ينفرد باتخاذ القرار كما كان يفعل الرؤساء السابقون، وهذا الفريق يمكن أن يضم تكنوقراط ووزراء سابقين ينقلون الخبرة المطلوبة، ولنتذكر دائما أن كثيرا من رؤساء العالم الناجحين جاءوا من خارج مؤسسات الدولة والسلطة التنفيذية، مثل جون كيندى وأوباما، فكلاهما كان عضوا فى مجلس الشيوخ، ولم يشغل منصبا تنفيذيا، من هنا قد يكون من الأفضل لمصر أن يأتيها رئيس من خارج الصندوق أى من خارج مؤسسة الدولة التى تجمد فكرها وتيبست مفاصلها أثناء حكم مبارك، فهذا القادم إذا كان من نوعية حمدين أو أبوالفتوح سيحمل ولاشك رؤية وفكرا يجدد بهما شباب مؤسسات الدولة ويمنحها الحيوية اللازمة لنهضة مصر.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة