السيد الطنطاوى

كله ها ينزل الشارع!!

السبت، 25 فبراير 2012 09:51 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قلت لصديقى الذى يجلس أمامى ويحدق فى كوب الشاى الذى يمسكه بيده وهو صامت لا يتكلم كأنه أصابه خرس مؤقت: هل قرأت ما قاله الأستاذ نجاد البرعى، رئيس المجموعة المتحدة للاستشارات القانونية، فى صالون ابن رشد قبل أيام، لم يرد على وظل محدقا فى كوب الشاى، قلت له: الصالون عقده مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، وكان يناقش قضية مهمة جدا وهى قضية التمويل الأجنبى لمنظمات المجتمع المدنى، وسألته: ما رأى حضرتك فى ذلك؟ رمقنى بنظرة ثم عاود وحدق مرة أخرى فى كوب الشاى الذى وضعه على الترابيزة ربما لوجع أصابه فى يده من كثرة حمله للكوب دون أن يقربه إلى فمه، لكنى لم أيأس وزدت فى الكلام: تعرف أن الأستاذ نجاد البرعى فى كلمته عزا الحملة التى قادتها الحكومة على المنظمات المتمولة من الخارج إلى وجود سياسة لتقييد المجتمع المدنى من كل من الحكومة والبرلمان بمساندة وزارة التعاون الدولى والمجلس العسكرى الذى يقيد الحريات، بعد أن كان الأمن فى زمن مبارك هو الذى يقوم بهذه المهمة، على حد تعبير الأستاذ نجاد، لم يرد علىَّ حضرته وأمسك بكوب الشاى بيده ولم يقربها إلى فمه وإنما بدأ مرة أخرى يحدق فيها، ولم يعرنى أى اهتمام كأنى أكلم نفسى وخفت أن يتهمنى هو أو أحد من الجالسين حولنا بالجنون، وبدأت أتلفت يمينا ويسارا إلا أننى اطمأننت أن أحدا لا يعيرنى اهتماما مثل صديقى الذى يحدق فقط فى كوب الشاى، ابتسمت فى سرى وكدت أضحك على نفسى بصوت عال، ولكنى خفت فى هذه المرة اتهامى فعلا بالجنون أو اتهامى بتناول حبوب الهلوسة بتاعة عمنا القذافى، ربتت على كتفه وقلت له أرجوك اسمعنى.. نفسى حد يسمعنى ولو لمرة واحدة، وأضفت دون أن أجد منه استجابة أو إيماءة تدل على أنه سمح لى بالاستطراد فى الكلام، ولكنى رأيت أو تخيلت أنه راض على ما أقوله من خلال انفراجة يسيرة فى موقفه منى تخيلتها مرت سريعة على وجهه، قلت فى سرى استمر ولن تخسر شيئا ذا بال، قلت له: المهم فى الموضوع إن الأستاذ نجاد البرعى يرى أن ما يحدث هو اغتيال معنوى للمنظمات، وأن عدم تنظيم مظاهرة واحدة للتضامن مع تلك المنظمات دليل على أنها لم تصل للناس فى الشارع بعكس ما حققته الجماعات الإسلامية من تواجد قوى بين صفوف الجماهير فى الشوارع، انتبه صديقى فوضع كوب الشاى على الترابيزة، ولم ينظر إلىَّ بل مد بصره عبر النافذة البعيدة وتمعن فى حركة الناس بالشارع، وبحركة سريعة نظر مرة أخرى إلى الكوب، لمحت حزنا باديا على وجهه، قلت فى نفسى سأقول آخر جملة ويحصل منه ما يحصل، قلت له: يا صديقى العزيز الأستاذ نجاد فى كلامه شدد على أهمية تقديم الخدمات للجماهير وللناس من جانب منظمات المجتمع المدنى، حتى يكون لها تواجد ملموس بينهم، انتفض صديقى ووجه إلى كوب الشاى، ارتعبت من ردة فعله وخفت أن يرمينى بالشاى، إلا أنه ابتسم ابتسامة صافية ابتسمت على أثرها تبعها بضحكة عالية فضحكت ثم بكى بكاء شديدا لم أجده يبكى من قبل بهذه الحرقة، فلم أبك لأنى لم أر مناسبة لهذا البكاء، هدأته بكل السبل إلا أنه لم يستجب لى وبدأ الجالسون ينظرون إلى وإليه وكنت فى حرج بالغ من ردة فعله المفاجئة والتى ارتفعت وتيرتها بشكل متدرج، وفجأة سكن عنه الغضب والبكاء وقال لى بصوت زاعق: بعد إيه نازلين الشارع وبعد إيه هيقدموا للناس خدمات، ما الفرصة كانت قدامهم من زمان، ولا "احلوت" حكاية النزول للشارع وتقديم الخدمات للغلابة.. بعد ما شافوا إن الشعب التف حول الإخوان والسلفيين وهما قاعدين ليل نهار على القهاوى وعلى الفضائيات، جذبته بسرعة شديدة من يده بعد أن هاج الناس فى القهوة ونزلنا الشارع مسرعين!!








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة