شاكر رفعت بدوى يكتب: فلسف حياتك

الجمعة، 17 فبراير 2012 05:59 م
شاكر رفعت بدوى يكتب: فلسف حياتك صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تتغير وتيرة الحياة بسرعة، ونحن كما نحن لا نفعل سوى أن يصيبنا الذهول مما يحدث حولنا، ولا يمكننا تغييره..فما بالنا وحكام الأمس قد أصبحوا من أرباب السجون وأصحاب السوابق ..والذين كانوا بالأمس القريب صامتين لا نسمع لهم صوتا، أصبح صوتهم يجلجل الآن، وهؤلاء الذين مللنا من أحاديثهم قد انزووا بعيدا.. وما كان محرما بالأمس أصبح حلالا اليوم، وما كان ممنوعا أصبح الآن مستباحا.

نتحدث عن التغيرات المتسارعة فى وطننا وفى العالم الذى يحيط بنا... تغيرات سريعة نلهث معها ونظل واقفين فى أماكننا بعقلية، لا تستطيع استيعاب ما يحدث فتدهسنا تلك التغيرات المتلاحقة وتقضى علينا ربما لأننا لم نعتد عليها أو لأننا نرفض تلك التغييرات ونأبى إلا أن نعيش فى عالمنا الخاص، وفى انفصال تام عما يحدث حولنا وهذا السبب الذى يجعلنا نصاب بالكآبة لأننا لم نكيف أنفسنا للتعامل مع تلك المستجدات والتحولات الدراماتيكية، التى أصبحت سمة لحياتنا والتى معها أصبح لزاما علينا أن نتغير نحن أيضا حتى نستطيع أن نحيا سالمين.

فلابد أن نغير قناعاتنا بما يسمح باستيعاب تلك التحولات المفاجئة بشكل يسمح لنا بقبول الحياة، أو بمعنى آخر لابد لنا أن نتعلم كيف نفلسف حياتنا.

وفلسفة الحياة تعنى تبسيط الشىء بشكل يذيب أى مشكلات قد تسبب تعطيل حياتنا وإيقافها، نفلسف حياتنا بأن نقنع أنفسنا دائما بأننا باستسلامنا لمشيئة الله لن نعيش للحظة من دونه فنحن نشاركه عز وجل مشاكلنا ونعرضها عليه حال إيماننا به وقربنا منه، ومن ثم فسيساعدنا عز وجل فى حلها، كما أننا لابد أن ندرك أن تغيرات الحياة تجعلها لا تقف على حال، ومن ثم فما نشكو منه حتما سيتغير ويتبدل فما كان كبيرا بالأمس أصبح صغيرا للغاية وكل مشكلة وإن بدت كبيرة فستخبو وتنتهى وهذا لا يعنى أن نهرب من مشاكلنا وننتظر انتهاءها دون تدخلنا، بل نقف بثبات لها وندرك حتمية انتهائها.

علينا أن ندرك أيضا أن الفشل فى المرة الأولى يزيد فرص النجاح فى المرات الأخرى، وأن التسامح مع الآخر لا يعنى الإذعان، بل هو تحرر من أحقادك وغضبك التى لا ينبغى أن تقضى عليك بسبب شخص أغضبك، وإلا فكأنك تساعده فى مسعاه الآثم وتسمح له بإزعاجك دون إذنك فالتسامح هو طريق السعادة من خلال الشعور بالراحة والاستسلام.

ولا تحاول أن تكره شخصا أغضبك بل حدث نفسك بأنك منزعج منه أو تحمل بعض الضيق لأسلوبه واختلق له الأعذار، فربما هو فى حالة غضب شديدة أو ربما أن حالك ربما فى وضع تحسد عليه مما جعله ماضيا فى إغضابك واحمد الله على ذلك وحاول أن تخفف حدة غضبه بشكل لا يجعلك تحمل بذور الكراهية له، وأنك أفضل من هذا التعيس الذى يلهث وراء المال، ولا يجد للراحة طريقا، وهو قد لا يستمتع بثرواته جراء انكبابه عليها بينما أنت تملك سعادة وطمأنينة لن يستطيع هذا أن يشتريها بكل ثرواته، وعلينا ألا نسمح لأنفسنا بأن نخاف من الموت بشكل يمنع استمتاعنا بالحياة، فالموت ليس أمرا سيئا كما يبدو لنا بل يجب إدراك أنه لن يستطيع أحد أن يرينا الجنة ولن نتمكن من دخولها بإذن الله إلا من خلال الموت ... هكذا يجب أن نقابل مشكلاتنا بمزيد من تغيير آلية تفكيرنا ودرجة قناعتنا بشكل يغير النمطية التى اعتدنا عليها بالإيمان واليقين، وكذلك بالسخرية التى يمكن أن تخفف توترنا وانزعاجنا مما قد يحدث حولنا من أشياء لم نعتد أن نراها تحدث، وعلى خلفية ذلك فلقد قابلنى أحد الأصدقاء يشكو لى فى كل مرة مما يحدث حوله ولا يستطيع استيعابه قائلا لى فى كل مرة :"أنا هتجنن".. فلما مللت قوله تلك الكلمة فاجأته بقولى له فى إحدى المرات : "طب متتجنن ... فعلا أتجنن لو حاسس إن مشاكلك هتنتهى وجرب تعيش مجنونا ".. فلاحظت ذهوله من ذلك الرد الذى لم يتوقعه ومن بعدها لم أسمعها منه أبدا بل لاحظت عليه أنه بدا أكثر هدوء وتكيفا لأن ردى له قد غير نمطيته فى تعامله مع الحياة بشكل إيجابى..هكذا نريد أن نعيش...هكذا نريد أن نعيد صياغة تفكيرنا بشكل لا يعكر علينا صفو الحياة ولا بهاءها..بألا نعيش ساخطين متبرمين على قدر الله الناجم عن عجزنا عن ملاحقة واستيعاب التغيرات الحادثة بل علينا أن نحمده عز وجل ونفتش داخل أنفسنا لنخرج كنوز السعادة التى تأبى أن تخرج فى ظل هذا الضيق والامتعاض والفشل فى مسايرة تلك التحولات.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة