يكفى أن تحصر عدد «المريمات» بين أقاربك سواء كنت مسلما أو مسيحيا لتعرف مكانتها

مريم العذراء.. التى تجمع المسلمين والمسيحيين تحت جناحيها

الخميس، 01 يناير 2009 11:37 م
مريم العذراء..  التى تجمع المسلمين والمسيحيين تحت جناحيها
كتب كريم عبد السلام

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄لو سألت أى مسلم عن السور التى يحب سماعها أو تلاوتها من القرآن الكريم ستجد من بينها بالقطع سورة مريم

إذا كانت هناك 10 شخصيات تجمع المسلمين والمسيحيين فى مصر فإن مريم العذراء أولاهم، وإذا كان هناك 5 شخصيات فهى أولهم، وإذا لم يكن هناك سوى شخصية واحدة تجمعهم خصوصا فى هذا الزمن الأغبر فهى السيدة العذراء ،الشفيعة المؤتمنة، الوديعة الطاهرة، ويكفى أن تحصر عدد المريمات بين أقاربك، سواء كنت مسلما أو مسيحيا، كم مريم فى أسرتك أو فى مدرستك أو فى شارعك أو فى عملك، الإجابة ستدلك على الحب الكبير والمكانة العالية التى تحتلها السيدة العذراء، وهذه المكانة تمثل مجموعة من القيم يتضمنها اسم السيدة العذراء فهى الطاهرة أفضل نساء العالمين، الفريدة التى اصطفاها الله سبحانه وتعالى من بين النساء لتحمل بنبيه عيسى عليه السلام بلا دنس، كما أنها الفريدة التى اختصها القرآن الكريم بسورة كاملة من سورة، كما اختص عائلتها بسورة أخرى هى سورة آل عمران.

من الطبيعى أن يقدس المسيحيون مريم العذراء وأن يرفعوها لمرتبة القديسين، لكن اللافت الذى يستحق التوقف والتأمل والخروج منه بالمفيد، هو هذا الولع المسلم بالسيدة العذراء، فلو سألت أى مسلم عن السور التى يحب سماعها أو تلاوتها من القرآن الكريم ستجد من بينها بالقطع سورة مريم، ولو كنت من أصحاب اللياقة الاجتماعية الحريصين على أداء واجبات العزاء سيلفت نظرك كيف يحرص المقرئون على تلاوة سورة مريم إلى جانب ما تيسر من سورتى يوسف والرحمن فى معظم المآتم، وإذا كنت من هواة السماع عموما وسماع التلاوات القرآنية بالأصوات الرخيمة المصرية قبل هوجة المقرئين التوربينى وارد الخليج والمقرئين البكائين المنفرين، الذين لا يجيدون التمثيل، ستدهش من قدرة المقرئين المصريين على الإبداع فى تلاوة سورة مريم وطبعا سورتى يوسف والرحمن.

وإذا كنت من مدينة صغيرة أو من حى شعبى بمدينة كبيرة كالقاهرة، حيث يتمثل دورك الأسرى فى شراء مستلزمات البيت من عم عبده البقال، سيتشكل وجدانك على حركته البطيئة وهو يناولك ماطلبه أبوك أو أمك من بقالة على إيقاع الطبلاوى الاستعراضى وهو يتلو: «وَاذْكُرْ فِى الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا/فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا/قَالَتْ إِنِّى أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا، قالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا/قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِى غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِى بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا/قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَىَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا/فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا/فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِى مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا/فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِى قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا/وَهُزِّى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا/فَكُلِى وَاشْرَبِى وَقَرِّى عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِى إِنِّى نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا/فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا/فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِى الْمَهْدِ صَبِيًّا/قَالَ إِنِّى عَبْدُ اللَّهِ آتَانِىَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِى نَبِيًّا»

ستندهش من حركة عم عبده البقال، وستربط دائما بين النتيجة الكرتونية المعلقة على الحائط فى الدكان الرطب نصف المظلم، الذى تشيع فيه رائحة البسطرمة، وتظهر فيها سيدة جميلة جدا يشع منها النور، وهى تحتضن طفلا ملائكيا، وبين «قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِى غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِى بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا»، وستظل فى ذاكرتك تلك الروابط البعيدة غير المفهومة، لماذا كان عم عبده البقال يعلق تلك الصورة الملونة الجميلة للسيدة التى تحمل طفلها فى أمومة بالغة، وكيف كنت تتمنى أن تحملك أمك مثلما تحمل هذه السيدة طفلها، وعندما تسأل أباك، وبراءة الأطفال الحقيقية فى عينيك، عن معنى كلمة «بغيا»، يسألك بنبرة صوتية حادة أين سمعتها؟، فتقول له فى القرآن عند عم عبده البقال فيبتسم ويهدأ ويصف عم عبده بأنه مبروك، دون أن يريح بالك حتى تصل إلى الأستاذ عبدالله الرقيات مدرس اللغة العربية فى الصف الأول الثانوى وعاشق الشيخ محمد صديق المنشاوى، فيجيب عن سؤالك حول كلمة بغيا بالآية 42 من سورة آل عمران «وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ» ثم يحكى لك عن معجزات السيدة العذراء التى ظهرت للناس بعد النكسة فوق كنيسة الزيتون بالقاهرة فى 2 أبريل 1968، ويجزم الأستاذ عبد الله بظهورها لتخفف عن المحزونين والمقهورين والمجروحين، معقبا: لا شىء يكتر على الله.

تأتى موضات الأسماء وتروح، تشتهر أسماء رشا وأخواتها ثم تشيع أسماء فريدة وأخواتها، وتظهر أسماء ديجا وأخواتها، ووسط كل الأسماء يظل اسم مريم مضيئا، وكأن على أحرفه تلك الهالة المذهبة المضيئة للسيدة العذراء بألوانها الزاهية فى لوحة نتيجة الحائط الكرتونية فى دكان عم عبده البقال، كما تظل تلاوة الطبلاوى الشجية: «فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا/فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِى مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا».. الله الله يا مولانا.


موضوعات متعلقة..
◄عشماوى.. الرحمة حين تنبت لها شوارب مرعبة
◄جحا.. بطل يمكن تكراره وأول من جمع «الهبل مع الشيطنة»
◄على بابا.. الحطاب الطيب الذى فتح له «سمسم» باب الثراء
◄هؤلاء مرشحون للدخول إلى ذاكرة الوجدان الشعبى بجدارة
◄على الزيبق.. روبن هود على الطريقة المصرية
◄شهريار .. السفاح الذى نجا من محكمة مجرمى الحرب ليقع فى قبضة زوجته شهرزاد هانم
◄الظاهر بيبرس.. فهم الدور التاريخى للحاكم فأحبه الناس
◄عنترة بن شداد.. أبوالفوارس الذى صنع نفسه بدمه وعرقه
◄مارجرجس.. سريع الندهة.. مغيث المصريين
◄«أدهم الشرقاوى».. مثل السادات الأعلى.. والسياسة وظفته لتعميق البطولة بين الناس
◄سيدنا الحسين.. مدد يابن بنت رسول الله «صلى الله عليه وسلم»
◄الزناتى خليفة.. القوة والشجاعة حينما تقتلها الخيانة
◄أبوزيد الهلالى سلامة.. البطل العادل الذى يحتاجه العرب
◄أبطال الخيال الشعبى فى مصر
◄حكم قراقوش.. ديكتاتورية الأغبياء فى كل زمان
◄أيوب.. إنا وجدناه صابرا
◄شفيقه ومتولى.. الملحمة التى جعلت من القاتل بطلاً
◄حسن ونعيمة.. الحب حينما يتحول إلى دم ودموع
◄كان ياما كان الشاطر حسن تزوج ست الحسن والجمال فى زمان مثل زماننا بالضبط
◄أمنا الغولة والنداهة وأبو رجل مسلوخة.. الثلاثى المرح الذى يميتنا من الرعب
◄مريم العذراء.. التى تجمع المسلمين والمسيحيين تحت جناحيها
◄أم العواجز.. رئيسة جمهورية مصر الشعبية
◄فرعون.. أليس له ملك مصر وهذه الأنهار تجرى من تحته
◄قارون.. إمبراطور المال فى تاريخ البشرية يزورنا فى المنام!








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة