(افتح قلبك مع د. هبه يس)....الأمان المفقود

الجمعة، 30 ديسمبر 2011 08:39 ص
(افتح قلبك مع د. هبه يس)....الأمان المفقود د. هبة يس- خبيرة التنمية البشرية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أرسلت (....) إلى افتح قلبك تقول: أرسل إليكِ بعد أن ضاقت بى الدنيا, فأنا شابة فى منتصف العشرينات، خريجة كلية مرموقة و جميلة، وأهلى مستواهم مرتفع والحمد لله، تزوجت و سافرت للعيش مع زوجى فى أمريكا، حيث إنه فى بعثة دراسية هناك لعدة أعوام.

بدأت حياتنا بالمشكلات العادية التى تحدث بين أى زوجين حديثى الزواج، إلا أن زوجى شخص عصبى جداً، كان يثور لأتفه الأسباب، وينفعل بشدة على أى شىء، حتى وإن كان بسيطاً، والأخطر من ذلك أنه كلما انفعل أو ثار أسمعنى ألواناً وألواناً من الألفاظ البذيئة، وهددنى بالطلاق، وأنه كان من الممكن له أن يتزوج من هى أحلى وأذكى وأغنى منى!!! على الرغم من أنى (والله على ما أقول شهيد) مضرب للأمثال من حيث الجمال والتربية ورجاحة العقل، إضافة إلى البخل المادى والمعنوى الشديد الذى أعيشه مع زوجى، على الرغم من نزعة التدين (الظاهرى) التى يحاول أن يلصقها بنفسه.

باختصار أنا لا أشعر مع زوجى بأى نوع من أنواع الأمان، لا الأمان المادى حيث يكفينى، ولا يمكنه تأمين مستقبلنا، ولا الأمان المعنوى فأنا لا أحس معه بأنى جميلة أو ذات قيمة له، ولا أنى أنثى من أساسه، ولا الأمان النفسى فأنا مهددة بين الحين و الآخر بالطلاق، وعلى أقل و أتفه الأسباب.

ما زاد الطين بلة الموقف الآتى: طلب منى زوجى فى يوم أن أوقع له على بعض الأوراق اللازمة لاستكمال أوراق الإقامة الخاصة بنا، و طبعاً وقعت بمنتهى حسن النية، ولا أقول إنه كان سيئ النية فى ذلك، ولكن حدث ما لا يحمد عقباه، و تسببت تلك الأوراق فى مشاكل وصلت للقضاء الأمريكى، وكدت أتعرض أنا للعقوبة بسبب هذه التوقيعات، فهل لكِ أن تتخيلى كيف كان رد فعله تجاه هذا الموقف؟ لا شىء... بمعنى كلمة لا شىء، فقد قام والدى بحل الأزمة، وتسوية كل الأمور المتعلقة بهذه المشكلة لينقذنى من هذه الورطة، دون أدنى مساعدة أو تدخل، ولو حتى (شفهى) من زوجى!!!.

وحتى بعد هذا المأزق لم يتحسن زوجى معى فى المعاملة، حتى من باب الاستسماح أو تطييب الخاطر، فقد حدث أن طلبت منه الاتصال بأبى بعدها فلم يوافق (نظراً لأن الاتصال من أمريكا مكلف بعض الشىء؛ ولأنه يرفض توصيل النت للمنزل)، فاتصلت أنا بوالدى بدون علمه، وعندما اكتشف ذلك غضب، وثار علىّ، ونطق علىّ بالطلاق مرتين، وكأنى ارتكبت جرماً لا يغتفر.

ثم جاء ليعتذر لى بعد ذلك، وطلب منى أن أسامحه؛ لأنه يحبنى ولا يريد مفارقتى، لكنه فعل ذلك فقط لـ (يؤدبنى) لأنى لم أكن مطيعة، ولم أعير كلامه انتباها!!! تجاوبت معه، و جعلت الموقف يمر بسلام، لكنى منذ ذلك الحين وأنا لا أثق به تماما، وأشعر بأنى معدومة الأمان وأنا معه، و أرسل إليكِ الآن لتساعدينى فى اختيار أحد القرارات الثلاثة التى توصلت إليها، وهى:
1) أن أعود إلى مصر، و أتسلم عملى، و أبدأ حياتى، وأنتظره حتى ينهى هو دراسته ويعود، فربما وجودنا بجوار الأهل يحسن من الوضع، لكن هناك مشكلة ما تواجهنى بخصوص هذه الخطوة، وهى أن زوجى يصر على أن يكون مرتبى معه لا معى، فهو يرفض تماماً أن تكون لى استقلالية مادية من أى نوع.
2) أم أعود وأطلب منه الانفصال، ولكن هنا أيضا مشكلة، وهى أن ابنى (ذو السنوات القليلة) متعلق جدا بأبيه، و كون أنى سأحرمه منه شىء يحزننى ويؤرقنى جداً.
3) أم أصبر و أتحمل وأعيش معه، عسى تدينه هذا يصبح حقيقياً ويأتى بفائدة فى يوم من الأيام؟.
لا أعرف أيهم أختار، و كلهم أمرّ من بعضهم، خاصة وأنى قد زهدت الحياة مع هذا الإنسان، وزهدت فيه، فحتى عندما يحاول نيل رضاى والتقرب إلى ببعض الكلمات (حتى يحصل على مايريد)، أجد نفسى نافرة، متأذية، غير قابلة لهذا الشىء تماماً.
لا أفهم حقا كيف للرجل أن يهين زوجته، و يتطاول عليها وعلى أهلها بالألفاظ، ويهددها دوماً بالطلاق، ثم يعود بين ليلة وضحاها كالحمل الوديع يقترب منها، وكأن شيئاً لم يكن؟... هل لكِ أن تساعدينى؟.

وإليك أقول:
لن أجادلك فى صعوبة الحياة بهذه الطريقة، و لن أخالفك الرأى فى أن العيش على الحافة باستمرار أمر يستحيل معه الإحساس بأى مشاعر طيبة، لكن ماذا فعلتِ أنتِ حيال كل ذلك؟ هل حاولتى أو أحد من طرفك إصلاح هذا الموقف؟ أم أنك كنتِ مفعولاً به طوال هذه الفترة الماضية؟.

هناك أكثر من طريقة للإصلاح، أولهم طبعا بالحسنى، وبالتفاهم بينك و بينه أو بحضور أحد من أهلك _والدك مثلا_ إن شئتِ، ويتم الاتفاق على عدة نقاط، وبمنتهى الوضوح والهدوء أيضا، مثل: إن التهديد بالطلاق هذا أمر مرفوض، وغير قابل للنقاش، اشرحى له بصراحة أنه كلما ذكر الطلاق أمامك أشعرك بأنك لست ذات أهمية أو قيمة له، لا أنتِ ولا ابنك، وأنه لم يكن ليقبل أن يشعر منك مثل هذا الإحساس فى يوم من الأيام مهما بلغت خلافاتكم، وضحى له مدى البعد النفسى الذى يخلقه بينكم لفظ الطلاق، واشرحى له أنه هو بنفسه من يجعل تجاوبك و تسامحك معه أصعب بمثل هذه المواقف.

الخطوة الثانية إن لم يستجب بالحسنى، فبالتهديد، فبحسب ما قلتِ أنه ألقى عليكِ يمين الطلاق مرتين_ أنصحك باستشارة مفتى عدل ليقول لك موقفك من هذا الطلاق_ فإن صح هذا الطلاق، فإنه لم يتبق لكما سوى طلقة واحدة، لهذا يجب تهديده وتخويفه من طرف أهلك، بأنه لو تلفظ بالطلاق هذه المرة، فهذا معناه أنه لن يعود إليكِ، ولا لابنه نهائيا، إلا بعد أحداث وإجراءات وشئون لا يعلم مداها إلا الله، خوِّفيه، نعم اجعليه يشعر هو الآخر بالقلق وعدم الأمان، اجعليه يفكر ويعرف أنه بأفعاله وأقواله هذه ربما يصبح بلا أسرة إلى ما لا نهاية، فهناك أشخاص لا يتعظون إلا إذا خافوا و شعروا بالخطر يقترب منهم بحق.

الخطوة الثالثة التنفيذ، وهى إن استمر الحال بنفس السوء، بعد أن نصحتم وهددتم، فلن يبقى لكِ إلا أن تنفذى تهديدك، سافرى وعودى إلى مصر لتعيشى بين أهلك_ دون أن تطلبى الانفصال_ اجعليه فقط يجرب البعد عنك أنت وابنك، واجعليه يقدر نعمة وجودك معه، وإلى جانبه فى الغربة، فربما بعدك هذا يكون الدرس القاسى الذى يجعله يستفيق أخيراً.

هناك أيضا أمر آخر لابد من الاتفاق عليه وبوضوح، وهو ذمتك المالية المستقلة، وهو أمر لا جدال فيه شرعاً وقانوناً، وكفاكِ أن تخبريه أن رجلاً (متدينا) مثله لابد وأن يطبق أحكام وقوانين دينه، و التى كفلت للزوجة حق أن يكون لها مالها الخاص، حتى وإن كانت أغنى من الزوج.

الحمد لله أن لكِ أب، ولكِ أهل يمكنهم الوقوف بجانبك، اطلبى دعمهم ومساعدتهم فى التفاهم معه، بشكل جاد وحاسم حتى تصله الرسالة بأنكِ لن تتهاونى بعد الآن.

لكن بعيدا عن كل هذا، دعينى أخبرك أنى أشعر- ولا أعرف لماذا- بأن زوجك قابل للإصلاح، فحتى وإن كان تدينه ظاهرياً أو غير مكتمل كما تقولين، فلعلها البداية، ولعله يزداد مع الأيام، وعادة من يقترب من الله يرقق الله قلبه، ويفتحه للخير باستمرار، فأنا أشعر أن زوجك به بذرة الخير، فحاولى معه حتى آخر مدى، ولم لا؟، لم لا تفعلى كل ما فى وسعك حتى تحافظى على بيتك وعلى ابنك وعلى استقراره؟ صدقينى لن تخسرى شيئا، حتى وإن لم تأت المحاولات بالنتيجة المرجوة, لكنك ستخسرين وتندمين كثيراً لو تسرعتى وأخذتى الطريق السهل وطلبتى الانفصال فى هذه المرحلة.

وأخيراً دعينى أقول لكِ وبمنتهى الصدق والأمانة، لا أمان فى هذه الدنيا، إلا مع الله، صدقينى مهما كان الأهل أو الزوج أو الأبناء، فهؤلاء ليسوا بالأمان الحقيقى كما تتخيلين؛ لأنهم كلهم زائلون، مثلنا تماما، فمن المؤكد أنك تسمعين مئات القصص عن من كانت تعتمد على أهلها أو زوجها أو أولادها، ثم حدث لها ما حدث بعد أن فقدت هؤلاء، لأى سبب من الأسباب.

سأنهى معكِ كلامى بأكثر شىء أريدك أن تركزى عليه، وهو الدعاء والتقرب إلى الله، عادة ما أنصح به الكثيرين، لأنى وبصدق أرى أنه الحل الأمثل بل والوحيد أحياناً فى كثير من المواقف المتأزمة، ادعى بقلب مفتوح أن يصلح الله لك زوجك، وأن يصلحك لزوجك، وأن يؤلف بين قلبيكما، وحاولى أن تذكريه دائما بالله وبفضله عليكما، وتذكرى معه نعمه التى لا تعد ولا تحصى، والتى من أهمها أن منَّ عليكما بنعمة الإنجاب التى حُرم منها الكثيرون غيركما.

للتواصل مع د. هبه وافتح قلبك: h.yasien@youm7.com









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة