أحمد دومه

... ولكِنَّ خذلانَ البلادِ هوَ الكُفرُ

السبت، 15 أكتوبر 2011 05:48 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بمجرّد خروج الرصاصة من الجنود وقبل حتى أن تصعد أرواح الشهداء إلى بارئها أو تجِفّ دموع الثكالى والأرامل والمكلومين، نصّب الكثيرون أنفسهم خزّاناً للجنّة والنار، وأمسكوا فى أيديهم بصكوك الغفران، وجلسوا على باب الجنّة يملون على الله ما يفعله فيقررون من يدخل ومن لا يدخل، ظانِّين أن الله ملكٌ لهم، أو أن تظاهرهم بالإيمان يجعلهم وكلاء لله فى الأرض والسماء، يكتنفون من يشاؤون بالرحمة، ويلقون من يشاؤون فى العذاب الأليم، فعلى الرغم من كون القاتل واحدًا فى الحالتين «السلطة الحاكمة»، والمقتول واحدًا فى الحالتين «أبناء الشعب المصرى»، والحالة أيضا واحدة فى الحالتين «حالة الثورة»، فإن هؤلاء الآلهة الجدد قرّروا أن من قُتل فى يناير مع الشهداء ومن قتل فى أكتوبر فى الجحيم، لا لشىءٍ إلا أن هذا مسلم وهذا قبطى، وهذا مات على يد الداخلية، والآخر مات على يد «المجلس العسكرى»، متجاهلين بذلك حقيقة أن «الله ليس ملكاً لأحد».

هذه الحالة - المزرية - التى انتابت البعض فجعلتهم يتجاهلون صور الشهداء وما حدث لهم جراء الطلقات الناريّة أو الدهس تحت عجلات مدرعات الجيش والاعتداء بالضرب حتى الموت، ومشاهد الأشلاء والدماء التى امتلأت بها ساحات المستشفى القبطى، وانشغلوا بالبحث فيما لا يملكه سوى الله من شاكلة هل هؤلاء يمكن أن يكونوا شهداء أم أنهم «كفّار» لا يستحقّون سوى الجحيم؟ ونسبوا شماتتهم فى الموتى وجحود قلوبهم فى المشهد - زورا - إلى الإسلام والإسلام منه براء، وكأنهم لا يعرفون أن النبى «صلى الله عليه وسلم» قام وهو وسط صحابته عند مرور جنازة يهودى، وعندما نبهه أحد الصحابة إلى أن الجنازة ليهودى قال «صلى الله عليه وسلم»: أليست نفسا؟ فلم يشمت النبى فيه، ولم يدعُ للتمثيل به.

الشهداء الذين سقطوا ضحيّة «حكم العسكر» فى أحداث ماسبيرو هم أطهر من أنجب هذا البلد، فقد ضحوا بدمائهم وحياتهم من أجل حريّتنا وكرامتنا، خرجوا ليقولوا «يسقط حكم العسكر»، وليرفضوا المحاكمات العسكريّة للمدنيين، وليعلنوا «أن الثورة لن تموت»، ولم يخرجوا من أجل إعلان الحرب على الإسلام أو المسلمين. العدو الحقيقى لهذا البلد «مسلمين وأقباطًا» هو المجلس العسكرى الذى يقتل الثوار، ويحاكم الأحرار، ويترك المجرمين ليخرِّبوا ويدمِّروا كيفما شاؤوا، ولا يجرؤ حتى على القيام بفعلٍ واحد ثوريٍّ يوهمنا - مجرد وهم - أنه مع الشعب أو الثورة. وأخيرا.. أذكركم بما قاله القمص «سرجيوس» عندما خطب فى جامع الأزهر أثناء ثورة 1919 وهتف: «إذا كانت ذريعة الإنجليز لاحتلال بلادنا هى حماية الأقباط، فليمت الأقباط وليعش المسلمون أحرارا»، فرد عليه الشيخ محمد عبدالمطلب من الجهة الأخرى قائلا: «كلانا على دين هو به مؤمن، ولكن خذلان البلاد هو الكفر». إلى رفيقى وصديقى الشهيد «مينا دانيال»: فعلتَها وسبقتنى كما قلتَ، لكننى أعدُك أننى سألحق بك، فالميدان الذى ارتوى بدمك لن نتركه حتى نلحق بك أو ننتصر.

«المجد للشهداء.. النصر للشعب».








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة