إبراهيم أصلان

عن التفكير فى الأشياء الأخرى

الجمعة، 30 سبتمبر 2011 04:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تذكرت فجأة، منذ أيام، أن المجلس العسكرى ومجلس الوزراء كانا أعلنا أن هناك وثيقة للمبادئ العليا للدستور سوف يتم إقرارها.. الدكتور السلمى نائب رئيس الوزراء أعد واحدة وصرح بحسم أن مصر لن تكون إلا دولة مدنية، بينما قدم الأزهر الشريف وثيقة استثنائية لاقت قبول القوى الوطنية كلها، حتى الأتراك، باعتبارها تضع ضمانة لتحقيق مجتمع ديمقراطى يصون لجميع من يعيشون على أرض هذا الوطن حقوقا متساوية، حتى لا يتاح لمن يوكل إليه تشكيل لجنة لوضع الدستور أن تجنح أو تجور عليها، الأمر الكفيل بأن يؤدى إلى كارثة محققة، ولكن ما نعرفه جميعا أن هذه الوثيقة، سواء كانت من السلمى أو من الأزهر الشريف، رفضتها جماعة الإخوان المسلمين والسلفيون وهددوا، على ما أذكر، بمليونية حاشدة، هذا حقهما بالطبع ولابد أن لديهما من الأسباب ما يدعوهما إلى ذلك، لكن الدهشة فعلا أن المجلس العسكرى ومجلس الوزراء أصحاب الإعلان الصريح الواضح عن الوثيقة راحوا يتصرفون باعتبارهم لم يعلنوا شيئا.

وعندما لاحظت انقطاع أى سيرة لهذه المسألة تصورت أن ذلك عائد لعدم متابعتى جيدا لما يدور من حولى، بسبب الملل أحيانا، وعدم الفهم فى أغلب الأحيان، فضلا عن أن صحتى لم تعد تساعدنى على مكابدة المسالك المريبة والفاضحة التى باتت تملأ النفس العليلة بالمخاوف والغضب، إلا أننى خلال اليومين الأخيرين وجدتنى أعاود متابعة ما يحدث لقانون الانتخابات الذى أقره المجلس العسكرى ومجلس الوزراء بينما ترفضه أغلب القوى الوطنية، وتصورت أن أى تعديلات محتملة أو غير محتملة ستجرى عليه مرهونة بموقف الجماعة وحدها، حينئذ تذكرت حكاية الوثيقة وأردت التأكد من مسألة انقطاع سيرتها من عدمه، وانتهزت فرصة لقاء بالمقهى مع أحد الأصدقاء المتابعين وسألته:

- بأقول لك إيه أخبار الوثيقة؟
- وثيقة إيه؟
- وثيقة المبادئ الدستورية يا جدع؟
- أنهى واحدة فيهم؟
- الوثيقة اللى المجلس العسكرى طلب من الحكومة تعملها، وهى عملتها.
- آه، بتاعة الدكتور السلمى؟
- هى دى.
- لأ، ماعنديش فكرة.
- يعنى ما سمعتش عنها تانى؟
- لأ
- الله، طيب وبعدين؟
- وبعدين إيه؟
- يعنى راحت فين.
- ما أعرفش.
-يعنى ضاعت؟
- الله وأعلم.

- طيب والمجلس العسكرى ما سألش الدكتور عصام شرف الوثيقة راحت فين؟
- يمكن سأله، لكن ما تنساش إن الدكتور عصام شرف جاى من التحرير.

قال الكلمات الأخيرة وقام لبعض شأنه، وأنا جلست أشرب الشاى وأفكر، لقد رأيت الدكتور عصام شرف فى ميدان التحرير فعلا وبرفقته صديقنا الإعلامى حسين عبدالغنى، كانت هذه المرة الأولى التى أراه فيها، ولكنى لم أخبر أحدا أبدا أننى لم أكن أعرفه، ثم تابعته على الشاشة ووجدته رجلا دمثا وهو يأكل على الحصيرة مع أناس آخرين، شعرت نحوه بتقدير كبير. وقلت لنفسى لابد أن هناك أسبابا أخرى غير مسألة أنه: «جاى من التحرير»، لأن الملايين من الناس تستطيع فى ذهابها وإيابها أن تقول: «أنا جاى من التحرير»، أنا شخصيا أمضيت قرابة عشرين عاما أمر به وأنا ذاهب كل يوم إلى مقر جريدة الحياة اللندنية بجاردن سيتى، وكان بوسعى أثناء جلوسى فى حجرة مكتبى أن أقول، كل يوم: «أنا جاى من التحرير».

فكرت فى أشياء من هذا النوع وأنا قاعد وحدى على رصيف المقهى، ثم فكرت فى أشياء أخرى.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة