نرمين كحيلة تكتب: الأوابون

السبت، 23 يوليو 2011 08:24 ص
نرمين كحيلة تكتب: الأوابون صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قال تعالى:"واذكر عبدنا داود ذا الأيدى إنه أواب" (سورة ص 17-20) فمن هو الأواب؟ الأوب: هو الرجوع، يقال: آب أوبًا وإيابا ومآبا.. قال الله تعالى: "إن إلينا إيابهم"([الغاشية/25] وقال: "فمن شاء اتخذ إلى ربه مآبا" [النبأ/39]، والمآب: المصدر منه واسم الزمان والمكان.. قال الله تعالى: "والله عنده حسن المآب" [آل عمران/14]، والأواب كالتواب، وهو الراجع إلى الله تعالى بترك المعاصى وفعل الطاعات، قال تعالى: "أواب حفيظ" [ق/32]، وقال: "إنه أواب" [ص/30] ومنه قيل للتوبة: أوبة، والتأويب يقال فى سير النهار (قال ابن المنظور: والتأويب فى كلام العرب: سير النهار كله إلى الليل) وقيل: آبت يد الرامى إلى السهم (انظر: المجمل 1/106) وذلك فعل الرامى فى الحقيقة وإن كان منسوبًا إلى اليد والأواب هو الرَّجاع أى الذى يرجع بإرادته واختياره، وكذا ناقة أؤوب: أى سريعة رجع اليدين.

"وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ" (ص 30) جاء فى تفسيرها: أخبر سبحانه: بأن من جملة نعمه على داود أنه وهب له سليمان ولداً، ثم مدح سليمان، فقال: { نِعْمَ ٱلْعَبْدُ} والمخصوص بالمدح محذوف، أى: نعم العبد سليمان، وجملة: {إِنَّهُ أَوَّابٌ} تعليل لما قبلها من المدح، والأواب: الرجاع إلى الله بالتوبة.

نِعْمَ ٱلْعَبْدُ لأنه كان أَوَّاباً إلى الله، راجعاً إليه فى جميع الأحوال؛ فى النعمة بالشكر، وفى المحنة بالصبر وكلمة أواب ذكرت فى أكثر من موضع فى كتاب الله عز وجل
"رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِى نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُوراً" [الإسراء: 25] والأواب هو: الكثير الأوْب، أى الرجوع. والمراد: الرجوع إلى ما أمر الله به والوقوف عند حدوده وتدارك ما فرط فيه. والتائب يطلق عليه الأوّاب "وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ" [صـ: 44] جاء فى تفسيرها:
{ إِنَّا وَجَدْنَـٰهُ صَابِراً} أى: على البلاء الذى ابتليناه به، فإنه ابتلى بالداء العظيم فى جسده، وذهاب ماله، وأهله، وولده، فصبر { نِعْمَ ٱلْعَبْدُ} أى: أيوب {إِنَّهُ أَوَّابٌ} أى: رجاع إلى الله بالاستغفار، والتوبة.. فالله تعالى لم يقل نعم العبد إنه لا يخطئ أبدًا أو لا يرتكب ذنوبا أبدًا بل بالعكس هو امتدحه ليس لأنه معصوم بل لأنه بمجرد أن يذنب أو يخطئ سواء فى لحظة ضعف بشرى أو بدون قصد يعود إلى ربه سريعًا فكأنه يقول يا رب لا أبيت الليلة وأنت عنى غاضب مثلما يفعل المحب مع محبوبه لا يطيق أن يغضبه ولو حتى ساعة فكلما أخطأ فى حقه عاد سريعًا واعتذر له.. بمعنى أن يكون العبد فعلا نادمًا وحزينًا على ذنبه لا ينوى الرجوع إليه.

ولذلك النبى صلى الله عليه وسلم كان يستغفر الله فى اليوم سبعين مرة حتى يكون من الأوابين رغم أنه كان لا يذنب فما بالنا نحن الآن كم مرة نحتاج للاستغفار فى اليوم؟ وهذا يأتى من خلال محاسبة النفس كل ليلة لبيان ما إذا كانت أذنبت أم لا؟ فليسأل كل منا نفسه هل أنا أواب؟ فإذا كانت الإجابة نعم فهنيئا لك بهذه المنزلة العظيمة منزلة الأوابين.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة