عماد عمر

سيدى الأمير.. "ادينى عقلك"

الجمعة، 17 أكتوبر 2008 10:46 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الأمير الوليد بن طلال صاحب عقلية استثمارية من الطراز الأول.. لكن المشروع الذى أعلنت عنه شركته "المملكة" لبناء برج فى مدينة جدة السعودية بارتفاع ألف متر يطرح كومة من الأسئلة تفوق ارتفاع مثل هذا البرج.

والأمير الوليد، الذى يمثل الواجهة الاستثمارية للعائلة الحاكمة فى السعودية، له مكانته على قائمة أغنى أغنياء العالم، وهو معروف بقدرته على تحويل شركات خاسرة إلى مشروعات مربحة من خلال عمليات إعادة الهيكلة وضخ الاستثمارات اللازمة، والعقلية التى تحسن حساب المخاطر وتجيد نقل مشروعات من الخسارة إلى الربح، لابد أن تثير الكثير من التساؤلات حين تدخل فى مشروع تثور علامات استفهام كثيرة حول جدواه الاقتصادية.
وقد أعلن مسئولون سعوديون هذا الأسبوع عن خطط طموحة لتطوير مدينة جدة وتحويلها إلى مركز تجارى ومالى على ساحل البحر الأحمر ينافس دبى الواقعة على الجانب الآخر لشبه الجزيرة العربية، وتشمل تلك الخطط إقامة برج "المملكة" بارتفاع كيلومتر، أى أكثر من ضعف ارتفاع برجى مركز التجارة العالمى فى نيويورك، اللذين دمرا فى هجمات سبتمبر 2001.

وربما يمكن تقبل إقامة مبنى شاهق مثل مركز التجارة العالمى فى منطقة مثل مانهاتن، حيث تكثر ناطحات السحاب وتسعى شركات ومؤسسات دولية كثيرة للعثور على موطىء قدم لها فى أرقى أحياء نيويورك، لكن أن يقام مبنى بارتفاع كيلومتر فى مملكة صحراوية مثل السعودية، فلا أقل من أن نقول للأمير الوليد "ادينى عقلك" لكى نفهم حكاية هذا البرج الذى سيقام فى إطار مشروع يتكلف حوالى 27 مليار دولار، وإذا كان الإنفاق على مشروع توشكى يقترب من سبعة مليارات دولار منذ إطلاقه قبل 12 عاماً، فلنا أن نتخيل المساحة الخضراء التى يمكن أن تنتج عن استثمار 27 مليار دولار فى مشروع زراعى، لكن شركات الأمير الوليد التى تتلكأ فى مشروعاتها فى توشكى تعتبر أن مشروع برج "المملكة" كأعلى مبنى فى العالم سيضع السعودية فى واجهة العالم المتقدم.

ولك أن تتخيل بالطبع حجم التجهيزات الفنية والهندسية لإنشاء مثل هذا البرج، وربما يضم البرج أول "مترو أبراج" فى العالم أيضاً، فليس من المعقول أن تكون المصاعد المعتادة مجدية فى خدمة مثل هذا المبنى وربما يحتاج الأمر إلى تسيير شبكة مترو بين طوابقه، وإذا سكنت فى الطابق الأخير من هذا البرج فربما يمنعك الكسل من النزول إلى الشارع لركوب سيارتك، وللحفاظ على وقتك ربما تفضل أن تشير إلى إحدى الطائرات العابرة لتأخذك فى طريقها، فالبرج لن يحتاج إلى محطة مترو أو أوتوبيسات بالقرب منه، وإنما "لمحطة طائرات" على سطحه، وبالطبع لا داعى للتفكير فيما سيتكلفه تأمين هذا البرج ضد الحرائق وغيرها من المشاكل، وكل هذه التكاليف لابد أن تنعكس على سعر المتر فى المكاتب الإدارية فى البرج، ولا أدرى كيف يمكن إقناع شركة عالمية باستئجار مساحة فى هذا البرج بدلاً من إقامة مقرها فى مكان ما من الصحارى السعودية القريبة مقابل جزء على ألف من التكلفة.
الحقيقة أن البعد الاستثمارى ليس واضحاً، لى على الأقل، فى المشروع، الذى يبدو لى مجرد مرحلة جديدة فى سباق مع دبى حول من يكون لديه أعلى مبنى فى العالم، ربما من باب "الوجاهة" الاستثمارية التى لا يوفرها "وجع القلب" فى مشروع مثل توشكى، ولا أعرف كيف ينظر الغرب لعقولنا ونحن نفكر بهذه الطريقة، وبأمانة أقول لك ياسيدى الأمير "ادينى عقلك" لأن "أصحاب العقول فى راحة".








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة