تهانى الجبالى: من الخطر تقليد دستور أى بلد ونستفيد من الآخرين

الإثنين، 04 يوليو 2011 11:04 ص
تهانى الجبالى: من الخطر تقليد دستور أى بلد ونستفيد من الآخرين المستشارة تهانى الجبالى
كتب وجدى الكومى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
رفضت المستشارة تهانى الجبالى تمثل تجربة أى بلد من البلدان، أثناء كتابة الدستور، قائلة: هناك خطورة شديدة فى تمثل وتقليد دستور أى بلد، أثناء بناءنا لشرعيتنا الدستورية، ومصر تستطيع وأنا واثقة من هذا أن تقرأ تجارب الآخرين، وتبنى شرعيتها الدستورية التى لا تماثل أحدا، وإنما تعبر عن مصر، لأن مصر دولة ذات دور، وموقعها فى العالم رمانة الميزان، وإذا اختل الميزان فى مصر فلا قيامة لأحد، وإذا لم يكن الشعب المصرى هو الضامن لبناء شرعيته الدستورية، فأعتقد أن هناك خلل قد يستدعى خروج الشعب المصرى مرة أخرى، ليعبر عن سخطه.

جاء ذلك خلال الندوة التى أقامها المركز القومى للترجمة لمناقشة الدستور التركى، الصادر ترجمته حديثا عن المركز، بترجمة المترجمة أمانى فهمى، وحضر الندوة الدكتور عمرو الشوبكى، والسفير التركى، والدكتور عمرو الشلقانى، وأدارها السفير محمد رفاعة الطهطاوى.

وأشارت الجبالى إلى أن ثورة مصر التى جعلت العالم يقف على أطراف أصابعه، مستلهما مضمون مصر الحضارى، متسائلا، كيف لهذا الشعب بعدما تعرض له من تجريف سياسى واجتماعى واقتصادى، أن يتمثل فى لحظة قيمة وحضارة مصر، وهذا هو المشهد الذى تبنى فيه مصر دستورها القادم، قائلة: قيمة ما نحن فيه من دراسة للتجربة التاريخية والدستورية لتركيا، هى أنها تصنع دستور ينتمى لأمة.

وقالت الجبالى إن المقدمات فى تركيا كانت مختلفة عن مصر، لافتة إلى أن تركيا تحولت من حكم آخر خليفة إسلامى، إلى مرحلة تطرف علمانى، يقصى الدين عن الدولة، وداخل هذه التجربة، هناك ثلاث مراحل تاريخية ، عكست نفسها على دستور تركيا بتعديلاته، أحدهما مرحلة حزب الرفاه الذى واجه التطرف العلمانى، بتطرف دينى، مما جعل السقوط طبيعيا، لأن التطرف لا يصنع أمة، وهو ما تلاه بالمرحلة التى توافق فيها الفكر الدينى الذى استمد روحه من حضارة الإسلام، وليس من تضييع الأمة فى إطار التفاصيل، وكان هذا هو المفتاح للمرحلة الثالثة للتجربة التركية.

وأضافت الجبالى: هناك الآن وصول لمرحلة فى خصوصية تجربة تمثل أمة تسمح ببناء دولة قوية ذات ثقل، تستطيع أن تبارى الدول ذات قدرة التأثير، وتركيا الآن، تحاول أن تصوغ مواد دستور، لن تعود به لنقطة الصفر، أو لنقطة الوسط، لأنها لن تكون فى تطرف علمانى، أو تطرف دينى، بل ستكون فى محاولة للمزج بين الحداثة والأصالة، وهذه المعادلة انعكست على الدستور فى إطار مقومات الدولة.

وقالت الجبالى: فى مصر الأمر يحتاج لقراءة التجربة التركية من خلال خصوصية الشعب المصرى، فنحن فى هذه اللحظة فى مصر، نختلف عن تركيا، فالقوات المسلحة المصرية ليست العسكر، وجيش مصر منذ الفراعنة جزء لا يتجزأ من الوطنية المصرية، وفى عهد إبراهيم باشا فى لحظة استقلال مصر عن الخلافة، وبداية بناء الدولة الحديثة فى عهد محمد على، كانت القوات المسلحة المصرية، هى التى امتزجت وارتبطت بأمل شعب مصر فى التطور، وهذه خصوصية مصر، فنحن لا نفزع كشعب مصر من وجود القوات المسلحة إلى جانبنا، وكان الشعب المصرى يبحث عمن يحميه فى ثورة 25 يناير، وكان استقباله لنزول الجيش المصرى، مدللا على السند والدعم الذى ينتظره الشعب المصرى من الجيش، وقد يكون هناك إخطاء فى إدارة المرحلة، ولكن هذا لا يمنع أن الجيش المصرى يختلف عن الجيش التركى.

ولفتت الجبالى النظر إلى أن القضاء المصرى أيضا كان جزءا من أدوات الدولة المصرية الحديثة، مشيرة إلى أن القضاء المصرى أحد قاطرات التقدم فى مصر، وكان تاريخيا، ومنه خرج رموز التطور الاجتماعى والسياسيى، مثل سعد زغلول، ورموز التطور الدينى المستنير مثل الإمام محمد عبده، وغيرهم من الأسماء التى تستخلص من تاريخ القضاء المصرى لحماية الحقوق، وحين نسعى لاستكشاف التجربة التركية، قد نجد اختلاف كبير بيننا وبينهم، فاعتقد أن اللجوء للقضاء المصرى يختلف عن اللجوء لأى قضاء دولة فى العالم، لأنه أحد قاطرات التقدم، ويكفينا تاريخ المحكمة الدستورية العليا، أو مجلس الدولة.

وتحدث الدكتور عمرو الشوبكى، مشيرا إلى أن تقدم مصرليس فى استنساخ تجارب غيرها ، لأن لكل مجتمع سياق تاريخى واجتماعى مختلف، لكن يمكن الاستفادة من هذه التجارب من باب تطوير النموذج والخبرة الوليدة، من خلال عدم تكرار أخطاء أخرى، قد تكون وقعت فيها شعوب أخرى، وبهذا المعنى فتركيا رأت كل التجارب المختلفة فى الإصلاح، وتركيا لم ترى رئيس جمهورية أو رئيس وزراء، ولم يكن هناك مبارك التركى، بل تغير النظام عبر مبارزة فكرية وسياسية، موجودة على الساحة، والملمح الأساسى كان الاستقطاب للجماهير.

وأضاف الشوبكى: وحدث انقلابان، كان آخرهما عام 1980، ورغم قسوة تدخل الجيش، لكن الصراع العنيف بين التيارين العلمانى والأصولى، أنتج خبرة كبيرة لحزب العدالة والتنمية، ولفت الشوبكى إلى أن تجربة الرفاة أو حزب السعادة هو الطبعة التركية للأخوان المسلمين، حيث وصل للحكم بعد نجاح أربكان، ومن التجارب المهمة التى يجب أن نتأملها فى مصر، هو نجاح التجربة التركية فى خلق تيار إسلامى مدنى، يتمثل فى حزب العدالة والتنمية، قائلا: وليس المطلوب طبعا تطبيق تجربة هذا الحزب بحرفية فى مصر، بل تمثل العناوين العريضة لهذه التجربة، حيث استطاع هذا التيار أن يدير صراع ديموقراطى بين كل التيارات، وفى نفس الوقت تحييد دور الجيش.

وقال الشوبكى: نقطة أخرى افتقدناها فى مصر، حيث لم يكن عندنا فى مصر الإصلاحيين من داخل النظام كما كان " تورجيت أوزال" فى تركيا، الذى استطاع أن يخلق جسرا بين التيارات العلمانية والتيارات الدينية المتشددة، فتركيا خلقت حزبا متصالح مع العلمانية، وأحزاب علمانية متصالحة مع التيارات الدينية، فالمجتمعات لا تتطور فى حالات الاستقطاب غير الصحية بين التيارات الإسلامية والمدنية المختلفة، ولابد أن نبحث فى خلق تيار وسط جديد، مشيرا إلى أن المقارنة يجب أن تكون فى الاستفادة بمعايير النجاح هناك، وليس تطبيق التجربة بكافة أشكالها.

وأكد الشوبكى أن التجربة التركية لم تشهد انقطاعات تاريخية كبرى، مثل تجربة مصر، فمصر شهدت توجهين عكس بعض داخل نظام جمهورى هما توجه الناصرية والساداتية، ثم الللاتوجه فى الثلاثين عام الأخيرة، أما تركيا، فهناك تراكمات تاريخية أقوى بها، واستطاعت أن تفلت من مسالب الانقطاعات، وهو ما جعل التغيرات فى تركيا أبطأ، ويمنحنا فرصة لحرق مراحل والتقدم للأمام بشكل أسرع، رغم أن تركيا حققت تراكمات أكثر.

وأشار الشوبكى إلى أن الجيش والقوى المدنية والتيارات الإسلامية تمثل ثلاثية، فشلت بعض الدول، فى إدارة العلاقة المركبة بينهم، وظهرت اغتيالات وانقلابات، وطبعا لا يمكن أن نقارن القضاء فى مصر بالقضاء فى سوريا أو فى باكستان، قائلا إنها ثلاثية متكررة فى كثير من الدول، فهناك بلدان فشلت مثل باكستان، فى إدارة العلاقة بين الجيش والتيارات المدنية والإسلامية، وهذه مسألة يجب أن نتأملها.

وتحدث الدكتور عمرو الشلقانى الأستاذ المساعد بالجامعة الأمريكية، محذرا من خطورة النقل والاقتباس من الدساتير الأخرى، مشيرا إلى أن مصر وتركيا دخلتا تجربة الإصلاح القانونى منذ 200 عام، ومصر مستقلة قانونيا عن النظام العثمانى منذ 1905، ولدينا فى مصر باع طويل فى الإصلاحات الدستورية أكثر من تركيا، مشيرا إلى مبدأ إستقلال القضاء أدى فى مصر إلى أنه أصبح وسيلة لتكميم القضاه عن أستخدام حريتهم فى التعبير، بدعوى أن ذلك يؤدى بدخول القاضى لحلبة الممارسة السياسية، مما ينتقص من نزاهته القضائية.

ولفت السفير محمد رفاعة الطهطاوى إلى أن الحركة الدستورية فى تركيا بدأت بترجمة كتاب تخليص الإبريز للغة التركية وكذلك ترجمة الدستور الفرنسى.

وأكد الطهطاوى على أن الدساتير لا توضع من قبل الملائكة، لافتا إلى أن القوى السياسية الحاكمة تضعها لتشكل ستارا قانونيا لها، يؤكد سيطرتها على الوضع السياسى.
وقال الطهطاوى:لا يمكن أن نتقدم تقدما حقيقيا فى ظل حكم عسكرى، لأن النمو الطبيعى المعتمد على الديموقراطية، هو السبيل الوحيد للتقدم، لذلك أى محاولة لتبرير دور لللقوات المسلحة خارج الإطار المرسوم لها، هى محاولة خاطئة ومرفوضة.

وانتقد الطهطاوى سكوت القضاء عن انتهاك حقوق الإنسان، وخضوع بعض القضاءة لأمن الدولة والنظام السابق، وقاطعته الجبالى لافتة إلى ضرورة عدم التقليل من قيمة مؤسسات الدولة، مشيرة إلى أن وجود سلبيات فى بعض أجزاء الدولة، وأدواتها، لا يعنى إبعاد هذه الأدوات، مع علاج هذه الثغرات، وأكد الطهطاوى على أن دور القضاء يظل فى إطار الفصل بين السلطات.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة