د. سهير عبد الفتاح

اسم المستمع أولاً!

الخميس، 16 أكتوبر 2008 12:17 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى ضوء قانون العرض والطلب نستطيع أن نفهم كيف وصلت الأغنية العربية إلى ما وصلت إليه الآن.

إذا أردنا أن نعرف اسم المغنى فعلينا أن نعرف اسم المستمع، لأن الفن سوق تخضع للقانون الذى تخضع له أى سوق، وهو قانون العرض والطلب، إذا كانت الأغنية المعروضة موافقة لطلبات المستمعين أو لأذواقهم وأمزجتهم نجحت، ووجدت القبول، وحققت الشهرة للمغنى، وتحولت الأغنية الواحدة إلى أغنيات، وتحولت الأغنيات إلى تيار من الأغانى يضم شعراء، وملحنين، ومطربين، لأن هناك جمهورا واسعا من المستمعين يطلب هذا النوع من الغناء، ويطرب لسماعه.

والذوق يختلف من عصر إلى عصر آخر، ففى كل عصر توجد طبقة بالذات تتصدر المجتمع كله، وتفرض على بقية الطبقات، لأنها تملك المال، أو تقبض على السلطة، أو توجه الثقافة.
فى القرن التاسع عشر كانت هناك بداية نهضة أدبية يقودها عدد من الشعراء والأدباء، منهم شهاب الدين، والبارودى، وإسماعيل صبرى، وكان المستمعون جمهورا من أبناء العائلات، وكبار الموظفين، وكبار التجار الذين فتحوا قصورهم ومنازلهم لكبار مطربى العصر من أمثال الشيخ المسلوب، وعبده الحامولى، ومحمد عثمان، فمن الطبيعى أن تتميز الأغنية المصرية فى ذلك العصر بالإناقة والقرب من الفصاحة، والتأثر بالألحان التركية التى كانت تتردد فى هذه القصور.

ولو قارنا بين أغنية للشيخ المسلوب وأغنية للشيخ سيد درويش لظهر الفرق واضحا جدا، فالشيخ المسلوب يغنى للسادة فيقول:
جميل زمانك لك صفا
أشرب بأه فى صحته
والدهر عن حالك عفا
والقلب وصل بغيته
وعبدالحى حلمى يغنى من نفس النغمة:
فى مجلس الأنس الهنى
طاب الصبوح وقد وفا
والغصن فى الروض انثنى
طربا لأوقات الصفا
أما سيد درويش فيغنى لأبناء الشعب، للسقايين، والشيالين، والجرسونات:
يهون الله
يعوض الله
ع السقايين دول شقيانين
متعفرتين م الكوبانية
وتغنى مثله منيرة المهدية للفلاحين الذين انخرطوا فى ثورة 19 فتعرضوا للسجن على أيدى المحتلين الإنجليز:
صابحة الزبدة، بلدى الزبدة
خدوا أموالى، حبسوا رجالى
واللى نفعنى، ربى جمعنى
ع المصريين ناس وطنيين
بلدى الزبدة
وفى ضوء قانون العرض والطلب نستطيع أن نفهم كيف وصلت الأغنية العربية إلى ما وصلت إليه الآن.
المواطن العادى هو الذى يقود الذوق فى هذا العصر، فمن الطبيعى أن نستمع إلى الأغانى التى نستمع إليها الآن.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة