شهرت وهبة تكتب: أما آن الأوان لاستخدام الطاقة النووية فى تحلية المياه؟

الأحد، 19 يونيو 2011 03:37 م
شهرت وهبة تكتب: أما آن الأوان لاستخدام الطاقة النووية فى تحلية المياه؟ صورة السد العالى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قديما قال هيرودوت إن "مصر هبة النيل"، لما تضفيه مياهه العذبة على الحياة فى مصر من خيرات متنوعة، خاصة فى مجال الزراعة، ويوفر نهر النيل لمصر 55.5 مليار متر مكعب من المياه سنوياً، ونتيجة للزيادة السكانية المستمرة، وثبات كمية المياه التى تحصل عليها مصر من النيل، ونقص مصادر المياه، والاعتماد على النيل، كمصدر أساسى للمياه العذبة، بنسبة 98,5%، حسب تقديرات خبراء المياه، فقد تناقص نصيب المواطن المصرى من المياه سنوياً من 2560 متراً مكعباً عام 1955 إلى ما يقرب من 700 متر مكعب عام 2011، بحيث أصبحت مصر طبقاً للتصنيف العالمى من ضمن الدول الفقيرة مائياً، لأن نصيب المواطن فيها يقل عن 1000 متر مكعب.

ونظراً لزيادة السكان وزيادة الطلب على المياه نتيجة الاحتياجات الشخصية واحتياجات الزراعة، وفى نفس الوقت ثبات نسبة الموارد المائية، خاصة المحصلة من "نهر النيل"، فإن ذلك يجعل قطاع المياه يواجه تحديات كبيرة لمقابلة الطلب عليها، وأن هذا الارتفاع فى الطلب على المياه يتطلب القيام بدراسات وأبحاث علمية وعملية ووضع استراتيجية طويلة الأمد والبحث عن بدائل أخرى غير تقليدية فى المصادر لاستخدامها لتوفير المياه العذبة.

لذا أصبح الخيار الآن لدى مصر هو استراتيجية إزالة الملوحة وإنتاج مياه عذبة من المياه المُحلاة، وهو ما تقدمه المحطات النووية، وذلك عن طريق إنشاء محطات نووية لتحلية المياه، بحيث يحدث اندماج نووى أو انشطار لليورانيوم فى المفاعل النووى، وينتج عنه توليد طاقة حرارية عالية، تُستخدم لغليان الماء فى المراجل، من أجل الحصول على بخار تحت درجة حرارة وضغط مرتفعين، حيث يقوم البخار بتحريك التربينات البخارية الموصَلة بمولدات كهربائية لتوليد الطاقة الكهربائية، ثم يتم تحويل جزء من البخار إلى وحدات تحلية المياه، ومن ثم تسخين مياه البحر وتقطيرها للحصول على مياه عذبة، وتسمى هذه العملية بـ"التحلية النووية".

إن استخدام المحطات النووية لتحلية المياه سيعود بالنفع على مصر، وذلك لأسباب متعددة، ومنها انخفاض تكاليف إنتاج المياه بالمحطات النووية بنسبة 30% مقارنة بالمحطات التقليدية، كما أن عمر المحطات النووية يمتد من 40 إلى 60 سنة، بينما لا يزيد العمر الافتراضى للمحطة التقليدية على 30 سنة، كما أن المحطات النووية سوف توفر لمصر ما لديها من احتياطى النفط والغاز، بينما تعمل المحطات التقليدية على نفاد الطاقة وتسبب ملوثات بيئية.

فلا يوجد عائق يمنع مصر الآن من المضى قدماً فى تشغيل "مفاعل الضبعة" المقام فى منطقة الضبعة على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وهو المكان الوحيد الذى يصلح لإقامة المحطات النووية، والذى تم توقيف العمل فيه منذ سنوات، ولكن الظروف الحالية لا تمنع من تشغيله من أجل الاستخدام السلمى للطاقة النووية لتحلية المياه، خاصة بعد قيام الثورة المصرية التى أطاحت بالنظام السابق الذى تسبب فى إيقاف العمل بالمفاعل عمداً وإهماله تماماً.
كما لا يوجد عائق دولى يمنع تشغيل المفاعل، لأن الأمر يتوافق مع اتفاقية 1968 لمنع الانتشار النووى التى تؤكد على حق الدول فى الاستخدام السلمى للطاقة النووية، وعلى الدول العظمى مثل "الولايات المتحدة" ضرورة مساعدتها فى ذلك، فأصبح هذا الاستخدام العلمى "حق" طبقاً للاتفاقية.

ولن ننكر أن الواقع سيجر مصر آجلاً أو عاجلاً على البدء فى إنشاء محطات الطاقة النووية، عندما تشعر أن مواردها من البترول والغاز الطبيعى قاربت على النفاد، ولكن الخوف من أن هذا القرار يأتى متأخراً، حيث تكون تكلفة إنشاء المحطة النووية فوق طاقتنا.

إذاً بالنظر إلى مقابلة الطلب على المياه، وللحصول على التنمية المستدامة، وللحفاظ على ثرواتنا الطبيعية من النفط والغاز للأجيال القادمة، واستخدامها فى متطلبات أخرى تواكب التطور العلمى والحد من الملوثات البيئية، ومن أجل الحصول على المياه بصفة مستمرة، فإنه لابد من البدء فى استخدام الطاقة النووية السلمية فى تحلية المياه.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة