نزار الحموى يكتب: جديد الدراما السورية

الأحد، 12 يونيو 2011 10:20 م
نزار الحموى يكتب: جديد الدراما السورية بشار الاسد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
منذ أربعة أو خمسة أشهر؛ وفى حديث خاص مع مخرج تلفزيونى سورى مشهور قال إن هناك أزمة على مستوى النص، فالدراما السورية قد عالجت كل الموضوعات وعملت كل شىء، وليس من موضوع جديد تطرحه. وعلى كل حال، أعلم الموجودين بأن نصوصا قد تم شراؤها والعمل عليها، وبأن كثيرا من المسلسلات السورية ستظهر فى رمضان.. ما شاء الله.

واليوم، وسط الأخبار التى تخرج من سوريا، سمعت أن كثيرا من المخرجين قد انطلقوا مع فرقهم إلى مواقع التصوير، وأن الكاميرات قد دارت، لا شك أن هذا الخبر يقع موقعا غريبا خارج السياق العام ويشبه إلى حد كبير أخبار التلفزيون السورية. ففى أى عالم يعيش هؤلاء الفنانون؟

لا شك أن المرحلة السابقة قد قدمت كما ونوعا إنتاجاً لا يمكن الاستهانة به، وأبرزت فنانين صار لهم حضورهم الذى لا يمكن بحال تجاهله، لكن، من جهة أخرى، ما كان لهذا الإنتاج أن يظهر لولا أنه احتفظ بفاصل بينه وبين الواقع وضروريات الحياة التى نراها تتفجر فى الثورة الحالية، على الرغم من أن الواقعية هى الصفة الأبرز لجزء غير قليل من هذا الإنتاج، أو لنقل بطريقة أخرى إن مادة هذه الأعمال كانت كما يبدو واضحا من طبيعة النظام السورى تخضع لرقابة النظام، ولم تكن لتستجيب للواقع إلا ضمن حدود مرسومة مسبقا، بالتالى فإن هوة سحيقة كانت تفصل الأعمال التلفزيونية والثقافة عموما عن الواقع.

يتساءل المرء ترى ماذا يمكن لمثقف قولبته الأجهزة الأمنية أن يقدم، وما هى تلك النصوص التى كتبت حتما قبل الثورة؟ هل تتناول موضوعات البطولة كالعادة؟ لكن أى بطولة؟ هل سيستلهم هؤلاء بطولات الشبيحة أم بطولات الجيش العربى السورى العقائدى؟ أم بطولات أطفال درعا وبانياس ودوما وحمص واللاذقية ومعرة النعمان؟ أم سيروون بطولة الظاهر بيبرس والزير سالم؟ أو سيتخيلون روايات كالكواسر والجوارح والقوارض وأبطالا كلالقنيفل والبردجيق والعقنقرح؟ هل سيذهبون على عادتهم إلى سمرقند لتصوير مشاهد الحسن الصباح فى قلعة الموت؟ ألا يعلمون أن ثوار باب السباع قد أنجزوا ببطولاتهم ستين جزءاً من مسلسل باب الحارة؟ ألا يعرفون أن أبطال تلكلخ وتلبيسة قد حولوا الزعيم والعكيد إلى مجرد رسوم كاريكاتيرية سخيفة وأبو شهاب وأبو العز وأبو النار إلى مجرد ضفادع؟

لقد تغير الزمن، إن شعباً يثأر لكرامته ويقاوم، كما عين تقاوم مخرزا، أو بالأحرى لن يتلقى مجددا ثقافة الشبيحة ولن يتقبل تهريجا من أرنب.

أظن أن على القائمين على العمل التلفزيونى أن يعيدوا حساباتهم قبل أن يتورطوا حتى لا يكون سقوطهم مثل سقوط النظام مدويا، وأن يعوا تماما أن الناس هم من رفعوهم، بالتالى أن يدركوا أن تصرفهم مثل قطيع أغنام بزيارتهم زعيم الشبيحة الذى يقتل الشعب السورى كل يوم سيجعل الثوار والناس ينفرون منهم.

هنالك أحاديث تدور عن ظاهرة صحفية يبدعها ثوار سوريا سأتكلم عن بعض التفاصيل فقط للمقارنة، فالخبر يصاغ من ثلاث كلمات أحيانا ولا يتجاوز العشرين، خبر صادم ونيئ من غير رتوش ولا صناعة يأتيك من قلب الحدث، ويتيح لك المشاركة، وأنت أمام كومبيوترك، أما التقرير يكون كاملا من ستين كلمة وسطيا، يبدأ من حيث يريد، يسير فى فضاء الحدث بقلق ويتركك حتى قبل أن ينتهى، ومقاطع فيديو واقعية أكثر من الواقع نفسه بكاميرات مرتبكة ومخبأة وملطخة بلطخات دم أحيانا، وهنالك من الصحفيين من أطلق عليه النار ومات، إن مقطعا مصورا بموبايل بحجم دقيقة أو أقل، ويجترح الواقع اجتراحا أو يحتوى صرخة حرية يجعل من تقارير السى إن إن والجزيرة والبى بى سى باهتة وقديمة، هنالك فعل إبداعى بالثورة نفسها أو بنقل أحداث الثورة، فلا كلام فارغ ولا أشعار ولا ثرثرة بصرية.

بالله عليكم، ماذا يصور هؤلاء المخرجون بكاميراتهم الحديثة وذات التكنولوجيا العالية؟! أو كيف سيلقى الممثلون البارعون حوارات ربما أكل عليها الدهر وشرب فى زمن الثورة؟ كيف سيواجهون مشكلة إطلاق النار أثناء تصوير المشاهد؟

أظن بأنهم سيلجأون إلى تقنيات تلفزيون الدنيا والتلفزيون السورى، وسيتم الاتفاق مع المخابرات والشبيحة والجيش على إيقاف إطلاق النار على الأقل أثناء التصوير.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة