معصوم مرزوق

الخطوط الحمراء.. الوهمية!!

السبت، 04 يونيو 2011 12:40 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بعد الثورة المباركة لم يخل لقاء تليفزيونى أو مقال صحفى أو تصريح لمسؤول عن الزمجرة بأن موضوعاً ما يعد «خط أحمر» لا يجوز تجاوزه.. فما هى حكاية الخطوط الحمراء؟؟..
يستخدم الخط الأحمر لتحديد القيم الدائنة فى الحسابات، ولحظر منح القروض لأسماء طبيعية أو معنوية نتيجة لحسابات المخاطر، ويستخدم فى الخرائط العسكرية لتحديد مواقع وأعمال القوات الصديقة.. ويستخدمه بعض العشاق فى كتابة خطاباتهم الهائمة على أوراق زرقاء..
المشكلة أنه نتيجة للإسراف فى استخدام مصطلح «الخط الأحمر» فقد معناه التحذيرى، لدرجة أن بعض الزوجات يستخدمنه فى تحذير أزواجهن: «الضحك لهذه الجارة خط أحمر يا حبيبى».. أو «مصاريف الماكياج خط أحمر».. وأصبح التعرض للاعب معين خطاً أحمر، والحديث فى السياسة أو الدين أو الجنس... خطوط حمراء حقيقية تكتب بالدم...
ابن البلد لا يعترف بهذه الترهات، فهو يستخدم ألواناً أخرى، فهو يقول فى ثقة: «توكل يا راجل.. سكتك خضرا».. أو «نهارك اسود ومهبب»، أو «يا ليلة زرقا».. ويستخدم الأحمر فى إظهار «العين الحمرا»، وكذلك فى وصف لون بعض المؤخرات.. بما يؤكد وجود ألوان شعبية تختلف عن اللون الأحمر المثقف النخبوى عاقد الحاجبين ذى الجبين اللجينى..
الخط الأحمر اصطلاحاً هو الحد الذى لا ينبغى تجاوزه، ولكن هل يجوز أن يصبح لكل من هب ودب قلم أحمر يخطط به الخطوط متى شاء وأين شاء؟؟.. فوضى من الخطوط الحمراء تحذر وتنذر وتحدد وتحظر.. ويبدو الأمر وكأن أهل النخبة الطيبين مثل عسكرى المرور الذى أضاء الإشارة الحمراء رافضاً الاعتراف بأى إشارة أخرى.. ولا بأس من وقف المرور أو وقف الحال طالما يستمتع البعض بهذا اللون الخاص..

سأستخدم اللون الأحمر بدورى، ولكن متقمصاً دور حكام المباريات حين يخرجون الكارت الأحمر لطرد اللاعبين، سأستخدمه فى طرد هؤلاء اللاعبين الذين يريدون الاستئثار بالكرة طول الوقت ولا يفهمون روح الفريق واللعب الجماعى، سأستخدمه فى طرد اللاعب الذى لا يعترف بتوقيت الاعتزال كى يعطى لأجيال جديدة شابة فرصتها، سأستخدمه فى طرد تلك النخب التى بالغت فى استخدام الخطوط الحمراء للتيئيس ولنشر الذعر والتردد.. سأستخدمه فى طرد تلك الحفنة المشاغبة من الجمهور التى تسعى بغوغائية لفرض الفوضى..
وأقول تحديداً إنه يصعب على الجراثيم أن تغزو الجسد السليم.. أو العقل السليم..
إن القاتل الحقيقى للحلم هو الجهل والفقر والمرض والنخب الفاسدة.. تلك الازدواجية الممجوجة حول «عنصرى» الأمة.. مصر عنصر واحد فقط «المصرى».. الدين ليس المشكلة.. ليس الإسلام ولا المسيحية.. إن المستهدف هو مصر والمصريون.. فلندع هذه الازدواجية العفنة، فكلنا مواطنون.. كلنا «أقباط»..

وأظن أن محاولة القفز إلى النتائج يفقدنا التشخيص الصحيح.. المسألة ليست شخصاً هنا أو هناك، فكم، باسم الدين، ارتكبت وترتكب الجرائم.. أتصور أن المشكلة فى بناء المجتمع نفسه، وكيفية رؤيتنا لأنفسنا وللآخر.. لا أفضل لعبة الأسماء.. لأنها قشور لظاهرة أو لحالة.. البوصلة يجب أن توجه للحالة، وعندها ستتوارى هذه الأسماء.. أو هكذا أظن...

على سبيل المثال كانت محاكم التفتيش والحروب الدينية الأوروبية ناتجة أساساً من خلل بنيوى فى المجتمعات الأوروبية.. بل إن الحروب الصليبية نفسها فى التحليل الأخير كانت نتيجة لذلك، ولم يكن البابا أوربان الثانى فى دعوته للحرب المقدسة ينفذ نصاً دينياً، وإنما يستغل جسداً مريضاً كى يدفع البشر للكراهية.. العنصرية العرقية فى أمريكا وجنوب إفريقيا مثال آخر لنفس الخلل البنائى فى المجتمع.. إلخ

إن مظهر الداء هو الشخصنة.. ولكن الداء الحقيقى يكمن فى الجذور.. جذور المجتمع نفسه.. بنيته السياسية والاقتصادية والثقافية.. وقد أكون مخطئاً.. ولكن ألا ترون معى أن تركيز التصويب على الفروع والأشخاص هو ذخيرة ضائعة.. بل حلقة مفرغة من الرأى والرأى الآخر.. حين تعتدل الشجرة، فإن الظل لا يكون أعوج...

إن أشعة الفجر الأولى لا تبدو إلا بعد ظلمة حالكة.. وما أراه من رد فعل أهلنا حتى الآن يؤكد أن «رب ضارة نافعة».. لدى ثقة فى الغد، وفى شبابنا الواعد..








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 7

عدد الردود 0

بواسطة:

نوبى ابراهيم

الجمله دى صح

فكم، باسم الدين، ارتكبت وترتكب الجرائم..

عدد الردود 0

بواسطة:

كيميائى فيصل خطاب

لاخط احمر الا سلامة الوطن والمواطن

عدد الردود 0

بواسطة:

ثروت

زهقنا من الخطوط الحمراء والصفرا وكل الخطوط

عدد الردود 0

بواسطة:

خالد الشيخ

ائتلاف الخطوط

عدد الردود 0

بواسطة:

ميخائيل كامل

لن توجد اى الوان لصالح الوطن

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد عبد الله

الجهل والفقر والمرض

عدد الردود 0

بواسطة:

هاله

احمر وردي كلها ألوان يا سيد

مقاله جامده

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة