بعد سقوط النظام.. إيه النظام؟

الجمعة، 06 مايو 2011 12:01 ص
بعد سقوط النظام.. إيه النظام؟ عمرو موسى
أكرم القصاص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄◄ أحزاب قديمة تنقرض.. وإعلانات عن أحزاب جديدة لم تولد.. ومجتمع مدنى مازال محاصراً
◄◄ حزب الإخوان فى الطريق.. وأحزاب سلفية.. والليبراليون موزعون ومشتتون بين الوفد وحزب ساويرس وعمرو حمزاوى
◄◄ إعلانات عن عشرات الأحزاب الجديدة يصعب التمييز بينها قبل سنوات.. التجمع والناصرى أنهيا الصراعات.. واليسار والناصريون يبحثون عن أحزاب
...

«الشعب يريد تغيير النظام»، كان هتاف الثوار فى التحرير، تنحى الرئيس السابق، وتحقق الجزء الأول، وفى المضمون لايزال النظام السابق قائما حتى تحل مكانه مؤسسات ومنظمات وأدوات جديدة للمشاركة.

الثورات بما تبنيه وليس بما تهدمه، ومصر بحاجة لإعادة بناء المؤسسات السياسية بما يتيح فرص المشاركة للمواطنين.

والطريق هو بناء المجالس الشعبية المحلية ومجلسى الشعب والشورى ليصبحوا ممثلين للمجتمع بفئاته، وهذا يتم من خلال منافسة بين برامج، والطريق لهذا هو الأحزاب ومنظمات المجتمع المدنى الجمعيات والمؤسسات الخيرية والاجتماعية، والنقابات المهنية والعمالية والروابط والتجمعات التى تمثل جماعات ضغط فى المجتمع السياسى.

نعرف أن المواطنين كانوا مستبعدين فى النظام السابق ضمن «الأغلبية الصامتة» فهل يمكننا إقامة نظام يخرج الأغلبية من صمتها؟

الأمر يحتاج إلى قنوات تتيح للتيارات المختلفة التعبير عن رأيها، وتمارس المشاركة، وألا يقتصر الأمر على صناديق الانتخابات.

حتى الآن لم تظهر هذه القنوات فى الأفق.. فالأحزاب القديمة تعانى أمراض النظام السابق وتواجه الانقسام، والنقابات المهنية والعمالية لاتزال تعيش حالة التبعية، وهناك اتجاهات لتغيير شكلها وفتح باب التعدد النقابى، بما يغير الصورة.

حزبياً، وعلى الرغم من إصدار محكمة القضاء الإدارى، حكما بحل الحزب الوطنى، بعد 30 عاما من الهيمنة على السياسة والسلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية؛ لا يمكن القول بانتهائه من الوجود، ليس فى عودته ضمن ثورة مضادة، لكن لكونه كان يستقطب قطاعا من المواطنين، بعيدا عن القيادات ويفترض أن تحل الأحزاب الجديدة مكان الحزب الوطنى، الذى كان جزءا من العملية السياسية مع الأحزاب الأخرى حتى لو كانت مشلولة ومصابة بفيروس التسلط.

بناء النظام الجديد يتطلب السعى لكسب الأغلبية الصامتة وإخراجها من الفعل لرد الفعل.. قبل ثورة يوليو، لم يستطع حزب الوفد- ممثل الطبقة الوسطى- تشكيل حكومات بقدر ما فعلت أحزاب الأقلية التابعة للقصر والاحتلال، وحاولت ثورة يوليو إحلال تنظيمها السياسى مكان الأحزاب، ورأينا صيغة تحالف قوى الشعب العامل فى هيئة التحرير ثم الاتحاد القومى ثم الاتحاد الاشتراكى الذى تم تقسيمه، بداية تجربة التعدد إلى أحزاب جعل التجربة محاصرة.

جمعيات بلا أهداف
عاد المجتمع المدنى خلال السنين الثلاثين الأخيرة من خلال المنظمات الحقوقية والجمعيات.. لعبت المنظمات الحقوقية دوراً فى تعريف الناس بأهمية العمل الاجتماعى، لكنها لم تصل إلى أن تكون بديلاً للدولة فى الأنشطة الاجتماعية والتعليمية والتوعية والتدريب السياسى والاجتماعى والعمل التطوعى، ولاتزال فى حاجة إلى صيغ للتمويل بعيدا عن التمويل الخارجى، وأن يساهم الاقتصاد الرأسمالى فى تكوين صناديق لدعم الأنشطة الاجتماعية، مثلما هو فى أوروبا وأمريكا، التى أدركت أهمية أن يكون هناك مجتمع مدنى يدعم جمعيات الرعاية التعليمية والصحية والفقراء، وهى أمور تحتاج إلى إعادة نظر عندنا، مع الاعتراف بأن الجمعيات الخيرية والدينية اتجهت خلال السنوات الأخيرة إلى لعب دور سياسى، واختلط دورها الاجتماعى بأدوار دعوية أو سياسية، ضمن الفوضى السياسية التى كانت قائمة.

أحزاب بلا حزبيين
الحزب الوطنى استمر واحدا وثلاثين عاما أو أكثر وأعضاؤه من الصف الثانى والثالث ينتظرون أن ينضموا إلى الأحزاب الأخرى، وإذا كانت هناك رغبة فى عدم تكرار التجربة السياسية السابقة، فيجب أن يسعى نشطاء العمل السياسى لاستقطاب وضم الأغلبية الصامتة، والتى خرجت عن صمتها فى الاستفتاء على التعديلات الأخيرة وبدت راغبة فى المشاركة، وتحتاج إلى من يدلها على قنوات للعمل وآفاق المشاركة.
الملاحظ، حتى الآن، أن العمل السياسى اقتصر على عدد محدود ممن استطاعوا النفاذ للإعلام.. وتردد الحديث عن عدد كبير من الأحزاب مع القانون الجديد، وبقيت الفكرة أقرب للتزاحم منها إلى التنظيم، وتم تجاهل قطاع كبير من الشباب الذين شاركوا فى الثورة دون أن يجدوا تيارا يوجه حماسهم السياسى، وسعى بعضهم إلى دعوات الأحزاب الجديدة، وصدمهم عدم تبلور التيارات السياسية فى برامج اجتماعية وسياسية، وربما كان حزب الإخوان هو الذى يحمل ملامح الجماعة مع بعض الإضافات، وحزب الوسط المنشق عن الجماعة وأول حزب يحصل على حكم يحاول التوجه للمحافظات والشباب فى مرحلة التعريف، بينما الأحزاب القديمة تعيش صراعات، فضلا عن ارتباطها بنظام سقط مما يقلل من صورتها.
حزب التجمع لايزال فى حالة الجدل الداخلى ولم يَبدُ أنه يحمل طرحا يناسب المرحلة الجديدة، وفقد الكثير من زخمه فى السنوات الأخيرة، بسبب دخوله فى مشاحنات وانقسامات، الأمر الذى دفع عددا من قيادات اليسار لمحاولة البحث عن صيغة لحزب جديد يستوعب اليسار الذى أصبح موزعا.. الحزب الناصرى ليس أفضل حالا من التجمع، أكلته الصراعات على رئاسة الحزب بين أحمد حسن أمين عام الحزب وسامح عاشور النائب الأول، بعد رحيل رئيسه ضياء الدين داود ـ وحتى قبلها ـ وبدا عاجزا عن التواجد.
حزب الوفد هو الآخر استُهلك فى صراعات وخلافات، وبعد استقرار الأمر لرئيسه الحالى السيد البدوى لايزال يبحث عن نفسه، ولم يعد هو الوحيد الذى يمثل الليبرالية بل أصبحت هناك أحزاب وتنظيمات أخرى تنافسه ومحتمل أن تجذب كوادره وشوارده.

القديم قديم
لا يختلف حزب العمل عن الواقع، فقد نشأ فى عهد الرئيس السادات، وحمل اسم «العمل الاشتراكى» ثم تحالف منتصف التسعينيات مع الإخوان، ويملك خطابا مختلطا بين مصر الفتاة القديم والأفكار الإسلامية، وبعد عودة العمل بأحكام قضائية تحت رئاسة مجدى أحمد حسين، لايزال يعانى الصراعات وأزمة الخطاب السياسى.
الواقع يقول: إن الأحزاب التى تزامنت مع الحزب الوطنى تبدو وكأنها أصابتها لعنة النظام السابق، بينما لم تظهر بوادر ميلاد أحزاب جديدة.
كانت مطالب القوى السياسية قبل ثورة يناير هى إطلاق حق تكوين الأحزاب، وهو ما تم من خلال قانون الأحزاب الجديد، فهل كانت التيارات جاهزة؟
السياسيون الكلاسيكيون لايزالون يعملون السياسة بالطريقة القديمة، والشباب لديه مطالب فى شكل جديد وليس لديه تصورات، هل يريد المشاركة أم القيادة؟ رغبات وحماس تفتقد الخبرة أحيانا، أو تحمل رؤى أكثر اتساعا مما هو قائم.. شكل وقواعد العمل السياسى لم تتغير وهناك فجوة تحتاج إلى مبادرات سياسية، ثم إن المرشحين المحتملين للرئاسة لم يأتوا من بيئة سياسية مثل عمرو موسى والبرادعى أو عبدالله الأشعل، وهشام البسطويسى، فهم من عالم الدبلوماسية أو القضاء، وفكرتهم عن الأحزاب سلبية، ولم يسعوا لطرح مبادرة للعمل السياسى أو الحزبى لتطوير ما هو قائم أو استبداله، وربما كان حمدين صباحى هو الوحيد صاحب التجربة فى العمل السياسى الميدانى، لهذا يتوقع أن تكون الانتخابات الرئاسية القادمة بدون مرشحين للأحزاب عدا الأحزاب التقليدية.
اسمياً، يوجد فى مصر 24 حزبا سياسيا سابقا على ثورة 2011، أبرزها أحزاب: التجمع والعمل والأحرار والوفد الجديد والناصرى، وربما الغد، وبجوارها أحزاب: الأمة، ومصر الفتاة، والعدالة الاجتماعية، والشعب الديمقراطى، والخضر، والاتحادى الديمقراطى، والتكافل الاجتماعى، والوفاق القومى، ومصر 2000، والجيل، والدستورى الاجتماعى الحر، وشباب مصر، والسلام الديمقراطى، والمحافظين، والجمهورى الحر، ثم الجبهة الديموقراطية الذى كان آخر عنقود الأحزاب وتأسس عام 2007، من قِبل الدكتور أسامة الغزالى حرب.
قائمة الأحزاب السابق ذكرها أغلبها بلا تأثير، ويصعب على كثير من المواطنين تذكر اسمها أو برامجها، الأمر الذى يجعلها فى مأزق بعد وقف التمويل من الدولة، وأغلبها نشأ ضمن حضانة النظام السابق، وكانت تعارض المعارضة أكثر مما تعارض النظام، وكان يتم رفض أحزاب مثل الوسط والكرامة، التى تنوى الانطلاق.
هناك أحزاب أعلنت عن نيتها بعد ثورة يناير مثل الحزب الليبرالى «الإصلاح والتنمية»، ويرأسه أنور عصمت السادات، والحزب الشيوعى وحزب الاشتراكيين الثوريين، والمصرى الليبرالى، وأعلنت الجماعة الإسلامية عن إطلاق حزب لها، ويتوقع أن تظهر أحزاب سلفية أو مسيحية أو نوبية أو غيرها.
وهناك أحزاب أعلنت عن نفسها ولم تخرج حتى الآن مثل: اليسارى الجديد، والطريق الجديد، وثوار التحرير، والقمح المصرى، وجبهة التحرير، والتنمية والدفاع عن مكتسبات الثورة، والعدالة والتنمية الإسلامى، و25 يناير، واتحاد شباب الثورة، ومصر العربى الأفريقى الآسيوى، والفراعنة، وهى أحزاب بعضها يحمل أسماء تشير لتوجه يسارى أو ليبرالى أو مصرى محلى أو إقليمى والبعض الآخر يحاول استغلال أسماء الثورة أو التحرير، ومن الصعب الوقوف على توجهات وبرامج هذه الأحزاب، وربما تشهد الأيام المقبلة انفجارا فى الأحزاب الجديدة قبل أن تستقر.

اليسار بلا يساريين
واتفقت شخصيات يسارية على تأسيس حزب جديد لليسار المصرى، ومنهم عبدالغفار شكر، وعايدة سيف الدولة، والدكتور إبراهيم العيسوى، وهؤلاء يحاولون إحياء اليسار، وهناك أحاديث عن اتجاه ناجح إبراهيم وبعض قيادات الجماعة الإسلامية لتأسيس حزب ضمن التحول فى اتجاه الجماعة بعد المراجعات.
وبجانب حزب الإخوان أعلن الدكتور خالد الزعفرانى ـ الذى كان ينتمى للإخوان ـ عن نيته فى تأسيس «حزب العدالة والتنمية الإسلامى»، بجانب أحزاب تحمل اسم «25 يناير» والتحرير والميدان، وهى أحزاب تختلط أسماؤها بأسماء المحطات الفضائية.
وفى المقابل، هناك إعلانات عن أحزاب مسيحية، وإن كانت الكنائس المصرية الأرثوذكسية والكاثوليكية والإنجيلية رفضت دعوات فكرة إنشاء أحزاب مسيحية مثل «الحزب القبطى»، الذى انطلقت الدعوة إليه من الإنترنت، وبدا كرد فعل على أحزاب إسلامية أو ذات مرجعيات دينية.
أما على مستوى الأحزاب الليبرالية، فقد أعلن رجل الأعمال نجيب ساويرس عن تأسيس حزب «المصريون الأحرار»، للتعبير عما أسماه «قاعدة عريضة من المصريين المؤمنين بنظام الدولة المدنية والعدالة الاجتماعية فى بلد ديمقراطى يقوم على أسس الاقتصاد الحر».
بينما كان الباحث السياسى عمرو حمزاوى قد أعلن هو وآخرون عن إطلاق حزب «الحزب المصرى الحر»، وأعلن الدكتور فريد زهران عن تأسيس «الحزب الديمقراطى الاجتماعى» ليندمجا فى الحزب «المصرى الديمقراطى الاجتماعى»، ليجمع بين الليبراليين ودعاة الليبرالية الاجتماعية.
وكلها مجرد أفكار لليبراليين أو ذوى الاتجاهات المدنية، ويطلقها مواطنون ربما لم تكن لديهم الفرصة أو الرغبة فى العمل السياسى بالنظام القديم لكن أيا منهم ليست لديه سوابق خبرات فى العمل السياسى، وكان نشاطهم يتركز فى العمل الفكرى أو الإعلامى، وسوف يحتاجون إلى جهود إضافية للنزول إلى الجمهور الذى لايزال يحتاج إلى دراسة لمعرفة أمزجته السياسية، خصوصا أن أغلبيته كانت صامتة وتحتاج لمن يخرجها عن الصمت.
وهكذا فلايزال الوضع غائما حزبيا، وأمام هذه الأحزاب شهور وربما سنوات حتى يمكن الحكم عليها وتقييم تجربتها، والأمر نفسه فى المجتمع المدنى والنقابات، لكن أيضا فإن الوضع الحالى يحتاج إلى محاولة تقديم خطاب سياسى يقنع الشباب بأشكاله، وهم قطاع واسع سواء من يظهرون فى الصورة، أو الأغلبية التى شاركت فى الثورة وانصرفت فى انتظار من يضعها فى الصورة، لأنهم يجدون أنفسهم أمام تجارب لا يجدون فيها وحدة ويرونها مشتتة ومتشابهة بشكل يصعب عليهم فكرة الاختيار.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة