طارق عجلان

كيف تشعل حريقاً؟

الأربعاء، 27 أغسطس 2008 12:19 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الإجابة عن السؤال تتوقف بالطبع على مكان الحريق المطلوب، أما والسؤال يخص مصر، فلسنا بحاجة إلى جهد كبير لنعرف مثلاً أن الحرائق كامنة طول الوقت: حرائق طبيعية (الحرارة الشديدة أو الرياح)، وفيزيائية (ماس كهربائى)، وسياسية (إخوان ـ وفد - أجنحة فى الحكم)، وطائفية (أقباط)، وكروية (مرتضى منصور وحده أكثر من كاف)، واقتصادية (حروب رجال أعمال ـ جرد سنوى)، واجتماعية (عادات وتقاليد بالية متوارثة - تناحر اجتماعى) ..... إلخ.

هكذا إذن .. مصر مربع حرائق مغلق.

نحن مجتمع تتعايش فيه النار مع البنزين طول الوقت، فيشتبكان أحياناً لينتجا حرائق كبيرة تحرق أصابع الجميع، مع ذلك لم يتدخل أحد فى أى وقت مضى فى محاولة للفصل بينهما.

نحن شعب يحمل جينات الاشتعال الذاتى لأتفه الأسباب، وفى الأغلب الأعم بلا أسباب، على نحو ما حدث فى حريق مجلس الشورى الأخير.

هاكم مثلاً ساطعاً من حريق الشورى نفسه، الذى لم يكن قد تم إخماده بعد واندلعت على هامشه حرائق فرعية كثيرة، نشبت بين من أظهروا روح التشفى فى النظام عند تناولهم للحريق، وبين المدافعين عن هذا النظام الذين انبروا ليحرقوا خصومه فى أتون النار الموقدة التى ظلت مشتعلة لفترة طويلة، حتى بعد إخماد الحريق الأول بصعوبة بالغة، وكأنه كان يأبى الخمود. لدينا مشعلو حرائق مهرة على الجانبين، لا يتورعون عن إضرام النيران فى كل ما هو مقدس فى هذا البلد، ولا يترفعون عن ركوب موجة حرائق صغيرة طبيعية، فينفخون فيها إلى أن تصبح رماداً.

لم تعد هناك مواسم للاشتعال، وأصبح الشرر يقفز بتلقائية هو الآخر بين فصول العام، لم تعد النيران تخشى عدوها التقليدى "الماء".

إنه تمرد النيران وفسادها، وبدلاً من الحديث عن حرائق الفساد فى مواسم الجرد السنوية، بات مطلوباً فك شفرة فساد الحرائق فى كل الشهور.

لم يعد السؤال: كيف تطفئ حريقاً؟

لا أحد لديه استعداد، ولا أريحية للإجابة عليه.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة