محمود صلاح يكتب: ماذا قالت الملكة فريدة لسوزان مبارك؟

الخميس، 14 أغسطس 2008 03:56 م
محمود صلاح يكتب: ماذا قالت الملكة فريدة لسوزان مبارك؟ الملكة فريدة ملكة مصر السابقة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مازال بعض الناس حتى اليوم، يعتقدون أن هناك عداوة موروثة بين رجال ثورة يوليو، أو بصفة عامة بين النظام الحاكم فى مصر وبين العائلة الملكية التى أطاحت بها الثورة، وهو فى الحقيقة اعتقاد خاطئ، يبعد كثيراً عن الواقع.
ومن المؤكد أن الأسرة الملكية فى مصر شعرت بالكثير من المرارة، لأن الثورة سحبت بساط السلطة وصولجان العرش والملكية نفسها من تحت هذه العائلة التى حكمت مصر 141 سنة.
وبعض هذه المرارة الملكية، قد يرجع أيضاً لتصرفات حادة، من بعض ضباط الثورة بعد نجاحها، فقد صودرت قصور وأملاك، ووضعت الحراسة ممتلكات ومجوهرات تحت يديها وكثير منها لم يعد لأصحابه!
لكن كثيرين لا يعلمون أن نظام ثورة يوليو كان له فيما بعد مواقف إنسانية كثيرة تجاه أفراد الأسرة المالكة السابقة، حدث ذلك مع الملك السابق أحمد فؤاد، وحدث فى السنوات الماضية مع الملكة فريدة، هذه المرأة التى تربعت لسنوات على عرش مصر، لكنها اختارت طواعية وبارادتها أن تنزل من على هذا العرش!
وفى مقدمة كتاب "الملكة فريدة وأنا" للدكتورة لوتس عبدالكريم، ترسم الكاتبة الصحفية نوال مصطفى رئيسة تحرير "كتاب اليوم" الذى تصدره دار "أخبار اليوم"، صورة صادقة للملكة فريدة التى لا تعرف عنها الأجيال الشابة كثيراً.
وتقول نوال مصطفى: إن الملكة فريدة واسمها صافيناز يوسف ذوالفقار، من مواليد الإسكندرية 1921، وكان والدها يحمل لقب باشا، أما والدتها فكانت وصيفة الملكة الأم نازلى والدة الملك فاروق، وتلقت صافيناز تعليمها فى مدرسة نوتردام دى سيمون بالإسكندرية، وذات يوم اصطحبتها أمها إلى قصر عابدين، وتعرفت على الأميرات شقيقات الملك فاروق.
وكان ذلك اليوم موعد صافيناز الجميلة ابنة السادسة عشرة مع القدر، فقد خطبها الملك فاروق وتزوجها بعد عام واحد من الخطوبة، بعد أن أصر حسب تقاليد العائلة الملكية على تغيير اسمها باسم يبدأ بحرف الفاء، وهكذا أصبح اسمها "فريدة" بدلاً من صافيناز!
ولم تكن فريدة مجرد ملكة عادية، كانت من يومها فنانة تملك حساً فنياً مرهفاً، ورثته عن خالها الفنان التشكيلى السكندرى الشهير محمود سعيد، وكانت تمارس داخل القصر الملكى هواية الرسم التى عشقتها.
لكن حياة الملكة فريدة لم تكن كما قالت الدكتورة لوتس عبدالكريم "ليلة من ليالى ألف ليلة وليلة"، فقد عرفت طعم السعادة فى فترة زواجها الأولى من الملك فاروق، لكن هذه السعادة سرعان ما تحولت إلى تعاسة وعذاب، بعد أن اكتشفت أن جلالة الملك يفتح قلبه لكل النساء الجميلات.
وعانت الملكة الشابة فريدة، من العذاب والغيرة والهجر طوال عشر سنوات كاملة، لكن الكيل كان قد فاض فى نهاية سنوات العذاب، فأصرت على طلب الطلاق من الملك، والغريب أن فاروق طلب من شيخ الأزهر الذى حرر وثيقة الطلاق، أن يوضع نص بعدم إمكان زواج فريدة من أى شخص آخر بعد طلاقها، لكن شيخ الأزهر رفض هذا الشرط الجائر.
هكذا تنازلت الملكة التعسة عن عرش مصر، بل وفقدت حقها فى احتضان صغيراتها الأميرات الثلاث، وخرجت من القصر الملكى لا تملك سوى فرشاتها وألوانها، فانكبت ترسم وترسم، وتستعيد ذكرياتها المؤلمة مع فاروق.
يقول الكاتب الصحفى الكبير مصطفى أمين، إنه بعد قيام الثورة وخروج الملك فاروق من مصر إلى المنفى فى إيطاليا، أخذ بناته إلى المنفى ولم تحتمل الملكة السابقة فريدة وجود بناتها بعيداً عنها. وطلبت من على أمين فى الستينات أن يكتب باسمها خطاباً إلى الرئيس جمال عبدالناصر، يطلب منه أن يسمح لها بالسفر إلى الخارج لتعيش مع بناتها.
وكان خطاب الملكة فريدة إلى جمال عبدالناصر مؤثراً، فوافق على سفرها للخارج لترى بناتها، لكنها فوجئت بأن العلاقة بينها وبين البنات قد فترت بسبب الفراق، وكانت بناتها الأميرات يعتقدن أنه لولا طلاق أمهن لبقى فاروق على العرش، وأنها مسئولة عما حدث!
يقول مصطفى أمين: وفى أواخر حياتها اضطرت أن ترسم لوحات لتبيعها لتستيطع أن تعيش، وكان الرئيس أنور السادات قد وعد أن يعطيها شقة كبيرة على النيل، لكن الذين كلفوا بهذا الأمر لم ينفذوه، إلى أن أعطاها الرئيس حسنى مبارك شقة فى المعادى.
وقد أمضت الملكة فريدة السنوات الأخيرة فى ضيق مالى، لولا أن بعض الناس الطيبين كانوا يساعدونها، وكانت عاشقة لمصر، أغلب لوحاتها التى رسمتها فى الخارج، كانت لوحات مصرية للفلاحين وأولاد البلد وريف مصر.
وقد فوجئت الكاتبة الصحفية نوال مصطفى وهى تعد هذا الكتاب مع الدكتورة لوتس عبدالكريم. بأن لديها الكثير من الأوراق والوثائق التاريخية التى هى جزء من تاريخ مصر، لأن السيدة لوتس كانت من أقرب صديقات الملكة فريدة.
أما أكبر المفاجئات فى هذه الأوراق الخاصة بالملكة فريدة، فكانت خطاباً موجهاً من الملكة إلى السيدة سوزان مبارك، والخطاب يكشف عن لقاء لم يعلن عنه، بين السيدة الأولى سوزان مبارك والملكة فريدة ملكة مصر سابقاً!
وقد كتبت الملكة فريدة على المظروف الخارجى للخطاب:
"السيدة المحترمة سوزان مبارك، حرم السيد رئيس جمهورية مصر العربية. خاص وسرى.
وعلى ظهر المظروف كتبت: " الراسلة فريدة ذوالفقار ملكة مصر سابقاً".
وهذا الخطاب كتبته الملكة فريدة فى 18 أغسطس 1982، وكتبت فيه بالنص:
"بسم الله الرحمن الرحيم، السيدة المحترمة سوزان هانم مبارك، أتقدم لسيادتك بمزيد من شكرى وامتنانى لحسن المقابلة، داعية الله أن يسدد دوماً خطاكم، وأن يحقق لجمهورية مصر العربية النصر والتوفيق، تحت قيادة سيادة الرئيس مبارك..
عزيزتى ابنتى سوزان ..
أعطيتنى الثقة والأمل وأنا فى ظلم يأسى، فقد غادرت قصر العروبة وكلى أمل وواثقة كل الثقة على غير العادة، من أن الله سبحانه وتعالى أخيراً، قد من على بالصدق، ولم أجد حرجاً من أن أقول، إنه فعلاً اليوم قد رَدَّ لى جزءاً مما ضاع منى منذ السنوات الطويلة الماضية، ولكن أقول الحمد لله، وأما بنعمة ربك فحدث، راضية بما قسم الله لى.
وأرجو داعية مبتهلة إلى الله، أن أرك دائماً فى أسعد الأحوال والتوفيق، وأرجو قبول فائق احتراماتى .. التوقيع فريدة ذوالفقار"!
ترى ماذا دار فى هذا اللقاء الإنسانى بين سيدة مصر الأولى وفريدة ملكة مصر السابقة؟
لا أحد يعلم.
لكن المؤكد أن الملكة فريدة خرجت من هذا اللقاء، وهى تكاد تطير فرحاً، وقد عبرت عن ذلك بكلماتها المؤثرة فى هذا الخطاب.
وعندما بدأت تعانى من المرض فى عام 1988، واكتشف الأطباء أنها مصابة بالأنيميا الحادة "لوكيميا الدم"، ووصل الخبر إلى السيدة سوزان مبارك حرم الرئيس، اهتمت وتأثرت كثيراً، وصدر قرار بأن تتحمل الدولة نفقات علاج الملكة فريدة فى الداخل والخارج.
وسافرت الملكة فريدة للعلاج فى باريس على حساب مصر، ثم سافرت إلى النمسا للعلاج بالأعشاب، لكن حالتها الصحية لم تتحسن كثيراً، وعادت إلى مصر لتواصل العلاج عن طريق نقل الدم، ثم سافرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية لحضور مؤتمر دولى للفنانين، وعندما عادت إلى مصر اكتشف الأطباء إصابتها بتلوث كبدى نتيجة نقل الدم.
كانت فريدة تعلم أن موعدها مع نهاية الرحلة قد اقترب لا مفر، وعندما رحلت عن الدنيا، أمرت السيدة سوزان مبارك أن يلف جثمان الملكة فريدة بعلم مصر، ليحتضنها التراب المصرى، الذى نقشت عليه بسلوكها وتاريخها المشرف، اسمها بحروف من نور على صفحات تاريخ مصر.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة