الإخوان على أعتاب إنشاء حزب سياسى.. والمرأة والأقباط قضايا تقف أمام التحول الديمقراطى.. و"نوح" يحذر من عدم التطوير الداخلى.. و"تمام" يدعو لإنهاء عهد التنظيم الشمولى للجماعة

الثلاثاء، 15 فبراير 2011 03:11 م
الإخوان على أعتاب إنشاء حزب سياسى.. والمرأة والأقباط قضايا تقف أمام التحول الديمقراطى.. و"نوح" يحذر من عدم التطوير الداخلى.. و"تمام" يدعو لإنهاء عهد التنظيم الشمولى للجماعة مرشد الإخوان د.محمد بديع
كتب شعبان هدية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم يكن زلزال الثورة المصرية تهديدا للنظام والسلطة السياسية القائمة فحسب، لكنه فتح أسئلة كثيرة، خاصة فيما يتعلق بالشكل التنظيمى والمجتمعى لكثير من الأحزاب، وخاصة الجماعات العاملة بالسياسة دون شرعية قانونية، وعلى رأس هؤلاء جماعة الإخوان المسلمين، التى أصبحت فى ظل الظروف الجديدة مطالبة بالإجابة عن أسئلة كبرى وفك إشكالية الجماعة العاملة فى الدعوى والسياسة فى ذات الوقت، فما هو مدى رغبة الجماعة وقبولها للتحول للعمل السياسى الخالص والجدية فى إنشاء حزب سياسى.

من أهم الأسئلة التى ركزت عليها الثورة هى التغيير والتداول السلمى للسلطة، وهنا يبرز أهم تحديات الجماعة وهو حرية الرأى والتعبير داخلها، وكذلك حرية التداول السلمى للسلطة وإنزال المسئولين عن السلطة لعقود طويلة عن مواقعهم، قد يكون يحسب للجماعة انتخابها الأخير لمكتب الإرشاد، والذى تم فى ديسمبر 2009 وتم إعلان تولى د.محمد بديع المرشد العام الجديد فى يناير 2010، خلفا لمحمد مهدى عاكف الذى يعد أول مرشد يخرج من منصبه وهو على قيد الحياة، إلا أن هذا يعتبره البعض تغييرا شكليا لم يكشف عن تغيير جوهرى فى سياق السلطة داخل جماعة الإخوان، خاصة فى هياكلها التشريعية والتنفيذية، متمثلا فى مجلس شورى الجماعة ومكتب الإرشاد، خلافا للمكاتب الإدارية والمناطق والشٌّعب.

وإذا كان النظام السابق بقيوده وقوانينه ساعد الإخوان فى استمرار التهرب من المشروعية القانونية أو كان سببا فى تأجيل الجماعة الكثير من الإجابات، إلا أن الوضع الآن أصبح مختلفا، وهو ما جعل د.محمد مرسى المتحدث الإعلامى باسم الجماعة يعلن أمس أنه بمجرد تحقيق المطلب الشعبى بحرية تكوين الأحزاب سوف تنشئ الجماعة حزبا سياسيا، وأنهم يؤمنون بحرية تكوين الأحزاب، وحريصون على وجود حزب سياسى لهم، وأن ذلك قناعة لديهم من سنين طويلة، موضحا أن ما منع الجماعة من التقدم بطلب الحصول على إنشاء هذا الحزب هو قانون الأحزاب، الذى يحظر قيام الأحزاب فى الواقع إلا بموافقة الحزب الوطنى الحاكم السابق على ذلك من خلال لجنة تشكيل الأحزاب.

إلا أن تصريحات المتحدث باسم الإخوان د.محمد مرسى وإن قدمت تعهدا هو الأول من نوعه صراحة، إلا أنها لم تحل إشكالية كبرى تهربت منها الجماعة منذ وقت طويل وهى " الجماعة والحزب" واستمرار على الخلط بين ( الدعوى والسياسى)، فإلى أى مدى تستطيع الجماعة الاحتفاظ بالتنظيم الذى أسسه حسن البنا عام 1928، والذى يصفه كثيرون أنه تنظيم شمولى كان يناسب الفترة التى أنشئ فيها ما بين الحربين العالميتين، وانتهت هذه التنظيمات من العالم كله تقريبا إلا فى جماعة الإخوان بمصر.

استمرت الجماعة على نحو يشبه "الأخطبوط" الذى له ذراع فى كل مجالات الحياة، بداية من الأشبال والطلاب فى المدارس والجامعات، ومرورا بالخدمات الصحية والاجتماعية، وبجانب النقابات المهنية والجامعات، وصولا للبرلمان والمكاتب الإدارية فى كل المحافظات تقريبا، خلافا للشكل الهرمى والهيكل التنظيمى الذى جعلها " ما فوق الحزب وما دون الدولة"، لما تمثله من مسارات وأنشطة اجتماعية سياسية اقتصادية دعوية وثقافية أكبر من متطلبات أو قدرات أى حزب، وأقل قليلا من الدولة.

لكن هذا الوضع سيضعها تحت ضغط ويفترض أن تحل هذه الإشكالية، د.جمال حشمت قيادى بالجماعة وعضو مكتب الشورى العام فيها وبرلمانى سابق يرى أن وجود الحزب لن يمنع من استمرار الجماعة، باعتبار أن الحزب سيكون له برنامج عمل ويضم مسلمين وأقباطا وفئات مختلفة متنوعة، ولكن الجماعة كيان يخص مسلمين فقط وله أسس وقواعد، لكن الفصل وتحديد هذا يخضع لقرار مجلس الشورى العام، وهو السلطة التشريعية فى الجماعة.

وعن إشكالية المرأة والأقباط التى كانت وردت فى مشروع برنامج الإخوان فى 2007 ، والتى حظر فيها الإخوان على المرأة والأقباط الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، وكذلك وجود مجلس من علماء مسلمين فقط لمراقبة البرلمان والقوانين، أكد حشمت أن هذه الإشكاليات تخص الجماعة فقط ولا تخص الحزب، وإن كان متحفظا على التفسير، لكنه قال إن هذا لن يمثل مشكلة الفترة المقبلة، بعد أن اندمج الإخوان أكثر فى الثورة واقتربوا من المسيحيين ومختلف شرائح المجتمع، وزالت كثيرا من الحساسيات التى كان يصنعها النظام التى أسبابها غير موجودة فى الأصل.

إلا أن د.أمير بسام أحد قيادات الجماعة ومسئول مكتبه الإدارى فى محافظة الشرقية بوسط الدلتا كان أكثر تحديدا وتفصيلا فى ماهية استمرار الجماعة والحزب معا، ويشرح بأن الجماعة مازالت وستظل تعبر عن تكوينها كهيئة إسلامية جامعة، وتعبر عن الإسلام بشموليته، ويكون الحزب حسب رؤية بسام أحد أنشطة الجماعة التى لها تفرعات اقتصادية ودعوية وخيرية وطلابية ونسائية ومؤسسات مجتمع مدنى ، مبررا ذلك بأن كل نشاط يخضع للقوانين المنظمة له وليس بالضرورة أن يخضعوا لقانون واحد، وأما عن الرقابة خاصة المال والالتزام بالقانون بأنه طالما هناك حرية وشفافية وتطبيق قانون فهم سيلتزمون بالقانون ولكن مع وجود الحزب والجماعة.

بسام يعترف أنهم لا يريدون أن يحصروا نشاطهم لا فى محافظة بعينها ولا أن يتم تقييدهم فى نشاط واحد، مختتما بأنهم مع العلنية فى العمل، وأنهم كانوا فى السابق يفرضون سياسة الأمر الواقع عندما كان النظام لا يريد تطبيق القانون ولكنهم الآن سيبحثون عن طريقة يطبقون بها القانون ويحتفظون فى ذات الوقت بالجماعة.

مختار نوح قيادى سابق فى الجماعة اختار تجميع نشاطه قبل ست سنوات لخلاف فى الرؤى فيما يتعلق بالصلاحيات، وشكل قبل شهور مع آخرين مثله "جبهة الإصلاح بجماعة الإخوان"، لديه تأكيد على أن الثورة ستنعكس على حالة الإخوان الداخلية، محذرا الجماعة من أنه فى حال عدم إحداث تطوير وإصلاح داخلى يتيح حرية الرأى والتعبير وتداول السلطة داخل الجماعة ستتعرض لأزمة كبيرة، ويعتبر نوح الذى كان سبب تغلغل الإخوان فى مؤسسات الدولة المدنية خاصة النقابات المهنية فى التسعينيات أن اللائحة الداخلية وتعديلها وتخلى القائمين عن السلطة فى الجماعة أولى قواعد الإصلاح التى لو لم تقوم بها الجماعة لن يقبل منها المجتمع وضعا سياسيا ولا حزبا بشكل مريح.

وشدد نوح على أن الإخوان فى حال تقديم أنفسهم للمجتمع على الوضع الحالى الذى هم عليها الأن يسئ إلى الإخوان وتاريخها، فضلا عن أنه لن يعتبر نموذجا يمثل الإسلام، فضلا عن أنه سوف يصيب مصداقية الدعاة الإسلاميين فى مقتل، متسائلا: كيف تنادى بالإصلاح ولا تطبقه على نفسك؟ فلربما إذا ما قدمنا نموذجا جديا استطعنا تحقيق خطوة تاريخية فى الجمع بين القبول العصرى لسلطة مدنية والمنظور الإسلامى، فالمطلوب حسب قوله أولا أن يصلح الإخوان واقعهم الداخلى.

حسام تمام أحد دارسى ملف الحركات الإسلامية لديه عشرات الأبحاث والكتب حول الإخوان، يرى أن اللحظة الراهنة للجماعة تحتاج التأسيس الثالث للتنظيم الذى أنشئه حسن البنا فى نهاية عشرينيات القرن الماضى، وذلك بعد انتهاء التأسيس الأول بنهاية ثورة يوليو 1952، ويجب الآن أن يبدأ التأسيس على أساس ديمقراطى سليم ليكون مشروع الإخوان يتناسب مع العصر الحديث والثورة المصرية، مبررا ذلك بصعوبة استمرار الوضع القديم الذى يخفى فى داخله تنوعات كبيرة سياسية ودعوية وتوجهات وأفكار مختلطة كان يجمعها تنظيم قائم على السمع والطاعة، قائلا "كلما كان جو من الحرية والانفتاح فى الواقع السياسى والديمقراطية كلما ظهرت تناقضات الإخوان الداخلية ".

لكن الإشكالية أمام الجماعة كما يقول تمام هو عدم قدرة الجماعة على استلهام نموذج للأحزاب الإسلامية فى المنطقة ذات الخلفية الإخوانية، معتبرا أن النموذج المغربى لحزب العدالة والتنمية الذى استقل عن الجماعة وأصبح يمثل المشروع الإسلامى السياسى ذو الخلفية الإخوانية مما أتاح له مساحة من المرونة جعله يمثل أكثر النماذج التفاعلية المقبولة فى العصر الحديث، ويمكن أن يمثل حلا للإخوان فى مصر، محذرا من استلهام النموذج الأردنى الذى صار فيه الحزب السياسى "جبهة العمل الإسلامى" هو الذراع السياسى للجماعة وكأنه كتلة برلمانية تعبر فقط عن الإخوان، وكذلك حذر من النموذج اليمنى لحزب "التجمع المدنى للإصلاح"، الذى أصبح فيها الحزب هو الجماعة فلم يعد هناك فارق أكثر من الاسم فقط.

أما الحل الأمثل للإخوان كما يقول تمام هو إعادة تأسيس مشروع الإخوان لتتحول كمدرسة، ولها أكثر من مسار غير مرتبط تنظيميا، وخاصة أن الاختلاط والتمحور حول تنظيم شمولى غير مقبول الآن بل يثير قلق وخوف كثيرين من النموذج الإسلامى.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة