المبدعون المصريون ينعون محمود درويش

الأحد، 10 أغسطس 2008 01:21 ص
المبدعون المصريون ينعون محمود درويش درويش حمل الشعر العربى إلى آفاق جديدة
كتبت دينا عبد العليم ومحمد البديوى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أكدت مصادر بمستشفى "ميموريال هيرمان" بمدينة هيوستن بولاية تكساس الأمريكية، وفاة الشاعر الفلسطينى محمود درويش مساء السبت، بعد أن ساءت حالته الصحية عقب الخضوع لعملية توسيع للشريان الأورطى، وقالت المصادر إن درويش البالغ من العمر 67 عاما توفى بعد أن أمضى 10 أيام فى المستشفى، وإن جثمانه سينقل إلى العاصمة الأردنية "عمان" بواسطة أفراد أسرته.

ولد الشاعر الراحل عام 1942 فى قرية البروة، وبعد إنهائه تعليمه الثانوى، كانت حياته عبارة عن كتابة الشعر والمقالات فى صحافة الحزب الشيوعى الإسرائيلى، مثل "الاتحاد" و"الجديد" التى أصبح فيما بعد مشرفا على تحريرها، كما اشترك فى تحرير جريدة الفجر .

لم يسلم من مضايقات الشرطة الإسرائيلية، حيث فرضت عليه الإقامة الجبرية أكثر من مرة منذ العام 1961 بتهم تتعلق بأقواله ونشاطاته السياسية، حتى عام 1972 حيث نزح إلى مصر وانتقل بعدها إلى لبنان، حيث عمل فى مؤسسات النشر والدراسات التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية.

شغل درويش منصب رئيس رابطة الكتاب والصحفيين الفلسطينيين، وحرر مجلة الكرمل، وأقام فى باريس قبل عودته إلى وطنه، ودخل إلى فلسطين بتصريح لزيارة أمه، وفى فترة وجوده هناك قدم بعض أعضاء الكنيست الإسرائيلى العرب واليهود اقتراحا بالسماح له بالبقاء فى وطنه، و سمح له بذلك.

حصل محمود درويش على جوائز عديدة منها :
جائزة لوتس عام 1969.
جائزة البحر المتوسط عام 1980.
درع الثورة الفلسطينية عام 1981.
لوحة أوروبا للشعر عام 1981.
جائزة ابن سينا فى الاتحاد السوفيتى عام 1982.
جائزة لينين فى الاتحاد السوفيتى عام 1983.
جائزة مهرجان الشعر العربى بالقاهرة 2007.

كان أول دواوينه ديوانه عصافير بلا أجنحة الذى صدر عام 1960 ، وكان آخر دواوينه بعنوان أثر الفراشة وصدر عام 2008. وبين الديوان الأول والديوان الأخير أصدر درويش أكثر من عشرين ديوانا شعريا وكتابا نثريا، منها أوراق الزيتون، عاشق من فلسطين، آخر الليل، مطر ناعم فى خريف بعيد، يوميات الحزن العادى، يوميات جرح فلسطينى، حبيبتى تنهض من نومها، المحاولة رقم 7، أحبك أو لا أحبك، مديح الظل العالى، هى أغنية ... هى أغنية، لا تعتذر عما فعلت، أعراس، العصافير تموت فى الجليل، عابرون في كلام عابر ،تلك صوتها وهذا انتحار العاشق، حصار لمدائح البحر، ذاكرة للنسيان، وداعاً أيتها الحرب وداعا أيها السلم، فى حضرة الغياب ،لماذا تركت الحصان وحيداً، أثر الفراشة – 2008.

رصد اليوم السابع انطباعات الشعراء والكتاب المصريين فور علمهم بوفاة محمود درويش، وجاءت ردود أفعالهم مليئة بالحزن والصدمة، وتقدير مدى الخسارة التى منيت بها الثقافة العربية ..

الشاعر أحمد عبد المعطى حجازى:
محمود درويش شاعر حقيقى، وهو ألمع شعراء الستينيات، واستطاع بحنكته الفنية أن يتفوق على أقرانه فى مصر والعراق والشام والمغرب العربى وفلسطين، وأهم ما يميز درويش علاقته بالقضية الفلسطينية التى ابتعد بها عن العنتريات والحماسة، وحولها إلى قضية إنسانية للتعبير عن حق الإنسان فى أن يكون له وطن وبيت وصديقة وحبيبة، وخرج بالقضية الفلسطينية من حدود المحلية ليضعها على الخريطة الإنسانية مثلما فعل قبله الشعراء العالميين أمثال إيلوار وأراجون .

إن أهم ما اعتنى به درويش هو لغته الخاصة التى تفرد بها عن غيره، والتى تشير إلى استيعابه للمنجز الشعرى العربى بداية من امرئ القيس وطرفه بن العبد وحتى جيل الرواد فى الشعر الحديث، وهذا ما يجعل شعره باقيا وإضافته مميزة.

الناقد جابر عصفور:
الصداقة العميقة والعلاقة الحميمة التى جمعت بين الشاعر محمود درويش والناقد الكبير جابر عصفور جعلته غير مصدق لنبأ الوفاة حتى بعد تأكيده من وكالات الأنباء وإبلاغنا له بهذا التأكيد. عصفور رفض التعليق على وفاة درويش وبدا عليه الانفعال والتأثير الشديدان، وقال صارخاً: "ده كلام فارغ.. محمود درويش ما متش".. ثم أغلق الخط.
الشاعر محمد إبراهيم أبو سنة :

وفاة الشاعر الكبير محمود درويش أصابت وجدان الشعراء والقراء ولا شك ، كما أن هذا الخبر الصاعق قد أصاب الحركة الشعرية بالذهول، لأن درويش قامة شعرية عالية وصوت استثنائى فى الحركة الشعرية الستينية، وهو شاعر كبير وناثر كبير ومناضل كبير أيضاً، هو فى واقع الأمر، ومنذ دواوينه الأولى، يشق طريقه كالشهاب الساطع فى الأفق الشعرى، بصوته المتميز الذى ارتبط بحركة المقاومة الفلسطينية والتى جسدها بالتحدى والصلابة والمواجهة.

استطاع درويش بعد أن لفت إليه الأنظار أن يقفز قفزات هائلة فى دواوين مختلفة وقصائد كثيرة "الجدارية، و"لماذا تركت الحصان وحيداً"، وفى ديوانه "سرير الغريبة "، وفى قصائده الأخيرة يراهن على أن العبقرية الشعرية العربية قد وصلت إلى العالمية، بكل المعايير، فهو شاعر عالمى نال احترام قراء الشعر وأدباء العالم وأعظم تكريم ناله درويش هو إقبال الجمهور على دواوينه.

إن درويش أحد الذين تركوا فى مجرى نهر الشعر العربى ملامحه واضحة، بعد أن غير من الصيغة الشعرية التى ارتبطت بصوته وخياله، وامتلك قوة فذة على الارتقاء بالقصيدة الشعرية المعاصرة.

الروائى بهاء طاهر:
بعض الشعراء يكتسبون اللمعان من وهج القضية التى يتحدثون عنها ، لكن شعر محمود درويش هو من أكسب القضية الفلسطينية الوهج، ورحيل درويش بعد رحيل عبد الوهاب المسيرى، ضربة للقضية الفلسطينية كلها، لأنهما كانا أعلى صوتين مدافعين عن القضية الفلسطينية.

العزاء الوحيد أن الشعر لا يموت ويمكن أن تكون هناك خسائر على مدار حياة الإنسان، المهم ألا يخسر طريقه، فدرويش كان يعلم هدفه وعن أى شىء يدافع.
درويش بشخصه كان الرد العملى على حكاية "موت الشعر" فقد كان أشهر صوت أدبى فى العصر الحالى يعبر عن قضية أكسبها حياة متجددة وحافظ على شعره وقضيته كما حافظ على الشعر الجديد.

درويش لم يحافظ فقط على تراث الشعر الجديد بل اكسبه وهجاً خاصاً من عبقريته الشعرية، وليس من القضية التى يتناولها وعبقريته الشعرية هى التى قدمت القضية الفلسطينية للعالم أجمع.

الناقد محمد عبد المطلب:
موت محمود درويش معناه موت مرحلة كاملة فى الشعر العربى، وأعتقد أن ما تركه محمود درويش من شعر سيظل حاملاً اسمه من جيل إلى جيل ليجلس بجوار امرئ القيس والمتنبى وأبى تمام علامة على نضال شعب مازال يحلم بوطن وبأرض وبحقه فى الحياة.
موت محمود درويش ليس نهاية له، وإنما بداية لخلوده بين أبناء الأمة العربية كلها بل بين مثقفى العالم كله.

هو الشاعر الذى كنت أحزن أن نوبل لم تشرف به، وإن شرفت به كل الجوائز العربية، وآخرها جائزة مهرجان الشعر فى القاهرة التى يبدو أن حصوله عليها كان بداية لنهاية الشاعر.

كنا نختلف على من يحظى بها "هو أم حجازى أم أدونيس"، وكنا نقدم حجازى وأدونيس على اعتبار أنهما أكبر منه والموت أقرب إليهما منه، لكن الموت خيب ظننا واختطف محمود درويش ليضعه فى جنة الخلد إن شاء الله.

تربطنى بدرويش علاقة حميمة على المستوى الشخصى، ورغم أن لقاءاتنا لم تكن كثيرة، لكنها كانت تمثل لى ذخيرة ثقافية كبيرة فقد كان شخصية لن أنساها أبداً.

السينارست أسامة أنور عكاشة :
فقدنا أهم شاعر فى الوطن العربى فى العصر الحديث، درويش مازال حيا، عائشا بشعره الذى لن يذهب، بعد غياب جسده، ما أضافه لحركة الشعر العربى المعاصرة يوازى ما فعله المبدعون الكبار فى العالم.

ماذا نقول فى هذا الرجل سوى قصائد المديح التى لن يسمعها؟

الروائى إبراهيم عبد المجيد:
لا أعتقد أن هناك كلاماً يساوى أو يكافئ محمود درويش، فهو شاعر غير كل الشعراء، عظيم متجاوز حتى القضية الفلسطينية التى عاش من أجلها، شاعر عالمى بكل المقاييس، عباراته مفارقة لأى شاعر آخر، لديه موهبة من أعظم المواهب التى أعطاها الله للأمة العربية، على مستوى الشعر، وعلى مستوى النثر أيضاً،هو عظيم من عظماء الكتاب، شىء عبقرى فى مجاله ولا أعرف سر هذه العبقرية.

قصيدته متجاوزة وشعره جديد وبه مجهود عظيم فى الصور والعبارات، ومن الصعب أن ينتسب إلى أحد وبه تفاؤل كبير لكنه فى البداية ابن الشعر الفلسطينى الذى أصبح مستقلاً عن أى مؤثرات خارجية، وأصبح النبع للكثير من الشعراء والملهم لهم.
جرب درويش النثر والشعر وساهم فى إنشاء مدرسة كبيرة هى مدرسة الحرية خالقة الأشكال والصور.

على المستوى الخاص علاقتى به ممتدة منذ عام 1984 وهى علاقة صداقة أعتز بها، فدرويش هو الشاعر العربى الأول فى نصف القرن الأخير، ولديه إعجاز شعرى، وكل ما أستطيع قوله إننى حزين على المستوى العام والمستوى الخاص.

الشاعر محمد سليمان:
وفاة درويش خسارة كبيرة للشعر العربى، فهو واحد من أبرز وجوهها، ومن أكثرهم حضوراً فى الساحة الشعرية، نافذته الكبرى كانت الجماهير التى التقت حوله وأحبت قصيدته ورحبت بها.

درويش هو أبرز شعراء المقاومة الفلسطينية منذ أن قدمه رجاء نقاش قبل 40 سنة مع زملائه من الشعراء الآخرين، من وقتها ودرويش نجم ساطع فى سماء الشعر لأنه بالإضافة لموهبته الكبيرة كان ذكياً واستطاع أن يواصل نجوميته.

نجح درويش فى تجديد قصيدته واستطاع أن ينتقل من الغنائية الرومانسية فى دواوينه الأولى إلى شاعرية أكثر تماسكاً، واستطاع أن يكتب القصيدة الطويلة الملحمة فى بعض دواوينه، وفى ديوانه الأخير "أثر الفراشة" كتب قصيدة الومضة "القصيرة المركزة" ونجد بعض هذه القصائد تأخذ الشكل العمودى بلغة شديدة البساطة والعمق.
وفى هذا الديوان يحضر الموت ويهيمن على الكثير من هذه القصائد، وكأن الشاعر كان يهجس ويدرك أنه على وشك الموت لدرجة أنه يقول فى إحدى قصائده: "كأنى مت يوم السبت"، وهذا ما حدث.

درويش نجح رغم توارى معظم شعراء المقاومة فى اكتساب أرض جديدة وإضافة تقنيات جديدة لفن الشعر، فهناك محطات عديدة فى شعره، وكل محطة هى معبر للتحول والتمرد على قصيدته، لذلك إضافته الشعرية ومنجزه الشعرى كبير بكل المقاييس.
قصيدة درويش تتثبت بالأرض الفلسطينية وتحاول باستمرار مقاومة الغزو الإسرائيلى، ومحو الهوية وتيار المقاومة فى قصائده يختلف عن التيار الآخر الذى ظهر فى الستينيات والسبعينيات الذى يعتمد على إسقاطات سياسية.

هو واحد من أكبر شعراء العربية فى القرن الأخير وعلامة كبيرة على هذه الشعرية العربية، وأظننا خسرنا الكثير بغيابه. قصائده الأولى صنعت منه نجماً، وبموهبته استطاع أن يحافظ على نجوميته ويضيف إليها، هو منذ 40 سنة نجم شعرى بسبب موهبته وذكائه كشاعر.
درويش باستمرار سعى إلى التمرد على ذاته والسعر إلى تغيير جلده الشعرى وتقنياته فهو شاعر ضد الجهود والركود.

الناقد صلاح السروى :
درويش واحد من رموز وعلامات شعر المقاومة فى الوطن العربى والشعرية العربية الحديثة بشكل عام، فهو بداية من قصيدته "سجل أنا عربى" اختار لنا وللشعر العربى طريقا بالغ الأهمية يبدأ من تحويل الكلمة إلى أن تكون مغامرة ثورية وإبداعية تتساوى فى جمالها وفعاليتها مع الفعل الثورى نفسه، من زاوية أننى أعتبر أن الثورة العربية المعاصرة التى بدأت عام 1936 فى فلسطين وامتدت على مدار باقى القرن العشرين، لم يكن من الممكن لها أن تتواصل وأن تتكون روحيتها الخاصة دون أن يرفدها الفن والأدب، ومن هنا فشعر المقاومة ليس فقط تحريضا وخطابا وممارسة شعر أدبى ثورى بالكلمة مثلما فعل محمود درويش، الشاعر الوحيد الذى تمكن من تحويل القصيدة العربية من الشعر العربى إلى مجال الترجمة، وتحويل محليتها إلى عالمية.

كانت قصيدة درويش مصدر الضمير الوطنى والفلسطينى العربى، فهو صاحب "أحمد الزعط" القصيدة التى فجرت الآلام الفلسطينية وهو صاحب "لماذا تركت الحصان وحيداً" التى يخاطب فيها ياسر عرفات، وهو صاحب قصيدة "أحمد العربى" الفتى ابن المخيم.
درويش صاحب ملحمة شعرية عربية متواصلة نقلت شعر العرب وقضيتهم للنطاق العالمى، ليس مزايدة وإنما فعل جمالى بامتياز.

الشاعر شعبان يوسف:
محمود درويش بلا مبالغة هو أعظم شاعر كان يعيش بيننا، وأظن أنه لم يأخذ قيمته من القضية الفلسطينية وإنما أخذت القضية الفلسطينية قيمتها منه، واستطاع خلال 4 عقود أن يجدد فى الحركة الشعرية العربية والإنسانية، على مستوى الأسلوب والبنية والأفكار، كما استطاع أن يجمع بين قيمة الكلمة وجمالها. وأظن أنه حورب كثيراً فى حياته من شعراء أرادوا أن يكسبوا مقعده، إلا أنه كان سباقاً فى التجريب على مستوى الشعر والنثر أيضاً، ونثره رائع كشعره.

درويش شاعر لا تعوضه القريحة العربية، حمل الكثير من القضايا والأفكار والمعانى والتجديد فى اللغة، فمعجمه الشعرى من أوسع المعاجم لدى الشعراء العرب، وهو استفاد كثيراً من منفاه الاختيارى وابتعاده عن الوطن.

الشاعر أحمد سويلم :
درويش رمز من رموز شعر المقاومة الفلسطينى، تعدى المكان الفلسطينى إلى العالم العربى، ليصبح شاعراً عربياً كبيراً له تجربته الخاصة التى تتميز بالإحساس الصادق بكل ما يجرى فى الواقع العربى، ويتميز بهذه الإمكانات الفنية التى تجعل شعره قابلاً أن يتلقاه الإنسان العادى والمثقف أيضاً. فأسلوب درويش بسيط وسهل وعذب، وقد افتقدنا بغيابه واحداً من شعراء الحداثة الذى يعى معنى الإضافة وتطور القصيدة والعمل الدرامى، لقد فقدنا بموته قيمة كبيرة جداً.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة