محمود درويش: يحبوننى ميتاً ..

السبت، 09 أغسطس 2008 09:26 م
محمود درويش: يحبوننى ميتاً .. درويش الشاعر والشهيد الحى
كتب كريم عبد السلام

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أكدت وكالة الأنباء الفرنسية وقناة العربية نبأ وفاة الشاعر الفلسطينى الكبير محمود درويش بعد جراحة دقيقة فى القلب.

رحل محمود درويش، الشاعر الذى جعل من القضية الفلسطينية، أغنية ونشيداً وعبارة بليغة مكثفة.

رحل محمود درويش الشاعر الذى اكتسب للشعر ملايين القراء والمستمعين، فأنقذ بذلك الشعر العربى من الكساد.

رحل درويش الذى جعل من اللغة العربية الفصحى، لغة محببة لدى المواطن العربى المحاصر بالإسفاف والانحطاط فى الكلمة والصورة ولغة التخاطب رحل درويش الذى كتب ذات مرة مناشداً محبيه القساة وأعداءه القريبين "يحبوننى ميتا".

هاهو درويش يغيب ليستريح محبوه الذين أرادوه مسيحاً مصلوباً ليبكوه، وليفرح أعداؤه الذين اغتالوا رفاقه وحاولوا اغتياله بعد أن نفوه بعيداً عن وطنه، لكن المؤكد أن غياب درويش "ليس موتاً، بل تبديل عوالم" كما قال الهندى الأحمر الذى استشهد به درويش فى أحد دواوينه.

انتقل درويش من الحضور الجسدى إلى حضور القديسين والمناضلين وأصحاب الرسالات الكبيرة، يبقى مثل جيفارا وغاندى ولوركا، يبقى شاهداً وشهيداً، وتبقى كلماته مشعلاً يهدى الحيارى والمقاومين والمدافعين عن أوطانهم، تبقى كلماته على شفتى جندى يدافع عن أرضه، كما تبقى على شفتى طالبة المدرسة الثانوية، وترددها أم الشهداء، بالحماس الذى يرددها به الشاعر العربى فى البحرين أو فى موريتانيا.

يحبّوننى ميتاً

يُحبُّونَنى مَيِّتاً لِيَقُولُوا: لَقَدْ كَان مِنَّا، وَكَانَ لَنَا .
سَمِعْتُ الخُطَى ذَاتَهَا، مُنْذُ عِشرينَ عَاماً تدقُّ عَلَى حَائِطِ اللَّيْلِ .
تَأتِى وَلاَ تَفْتَحُ البَابَ .
لَكِنَّهَا تَدْخُلُ الآن .
يَخْرُجُ مِنْهَا الثَّلاَثَةُ: شَاعِرٌ، قَاتِلٌ، قَارئٌ .
أَلاَ تَشْرَبُونَ نَبِيذاً ؟ سَأَلْتُ، سَنَشْرَبُ .
قَاُلوا: مَتَى تُطْلِقُونَ الرَّصاصَ عَلَى ؟ سَأَلْتُ .
أجابوا: تَمَهَّلْ ! وَصفُّوا الكُؤُوسَ وَرَاحُوا يُغَنُّونَ لِلشَّعْبِ، قُلْتُ: مَتَى تَبْدَءونَ اغْتِيَالى؟
فَقَالُوا: ابْتَدَأنَا ... لمَاذَا بَعَثْتَ إلَى الرُّوحِ أَحْذِيَةً! كَى تَسيِرَ عَلَى الأَرْضِ، قُلْتُ .
فَقَالُوا: لِمَاذَا كَتَبْتَ القَصيِدَةَ بَيْضَاءَ والأَرْضُ سَوْدَاء جِدَّاً .
أَجَبْتُ: لأَنَّ ثَلاَثِينَ بَحْراًُ تَصُبُّ بِقَلْبِى.
فَقَالوا: لِمَاذا تُحُبُّ النَّبِيذَ الفَرَنْسِى؟
قُلْتُ: لأَنِّى جَدِيرٌ بأَجْمَل امْرأَةٍ .
كَيْفَ تَطْلُبُ مَوْتَكَ؟
أَزْرَق مِثْل نُجُومٍ تَسِيلُ مِنَ السَّقْف – هَلْ تَطْلُبُونَ المَزِيدَ مِنَ الخَمْر؟
قَالوا: سَنَشْرَبُ .
قُلْتُ: سَأَسْأَلُكُمْ أَنْ تَكُونُوا بَطِئِين، أَنْ تَقْتُلُونى رُوَيْداً رُوَيْداً لأَكْتُبَ شعْراً ...








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة