صالح المسعودى يكتب : بؤرة صراع

الأربعاء، 18 أكتوبر 2017 02:00 ص
 صالح المسعودى يكتب : بؤرة صراع داعش -أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

عندما بدأت أكتب هذا المقال كنت على يقين أن هناك الكثير غيرى من أهل الخبرة قد خاضوا فى هذا الموضوع القديم إلى حد ما والمتجدد بشكل شبه يومى، فلا تكاد تهدأ بؤرة صراع على مستوى العالم إلا كانت أخرى تنتظر الاشتعال، فيجلس الخبراء وفلاسفة التحليل ليشرحوا لنا لماذا قامت هذه الحرب؟، ولماذا تثار المشكلات فى أماكن محددة وبشكل ممنهج؟، ثم يتساءل البعض ( هل تلك الحروب والصراعات نشبت لأسباب طبيعية ؟ أم هى صراعات مدبرة أو كما نصفها بالبلدى ( بفعل فاعل )، ولا أنكر إعجابى بتحليل دقيق للدكتور ( رضا عبد السلام ) يدور حول هذا الموضوع فيما يخص نطاق العالم الإسلامى.

 

لكنى اقتربت من هذا الموضوع الشائك لأشرح وبشكل مبسط للقارئ العزيز وجهة نظرى المتواضعة لما يدور حولنا من أحداث، ليس بصفتى خبير استراتيجى ولا أدعى العبقرية المفرطة بل إننى ومن حقى الطبيعى أن أصور الأحدث بشكل شبه مُقرب للحقيقة إن لم تكن الحقيقة الكاملة ( من وجهة نظرى بالطبع )، وسوف يتبادر إلى ذهن كل من يقرأ عنوان مقالى التحليل الميسر وهو قيام اقتصاد الدول العظمى على صناعة السلاح وهذا تحليل يؤخذ فى عين الاعتبار، ولكن هذا ليس كل شيء .

 

فبالتأكيد يهم أى دولة تنتج سلعة معينة أن تجد لها الأسواق الرائجة، فبناء على كمية بيع أى منتج أو سلعة يرتفع دخل الفرد وتقوم الدول المنتجة بواجباتها أمام مواطنيها ففى كل الأحوال لا يهم الحكومات فى تلك البلدان سوى صوت الناخب متشدقة بالديمقراطية وحقوق الإنسان ( داخل حدودها فقط أن وجد هذا بالطبع )، وهذا التحليل ينطبق بالتأكيد على صناعة السلاح كسلعة إستراتيجية تقوم عليها اقتصاديات دول كبرى وهى ذات الدخل الأكبر بالنسبة لاقتصاد تلك الدول.

 

ومن أجل فتح أسواق لبيع سلعة السلاح لابد من إيجاد من يحتاجه، وبالتأكيد من يحتاجه إما أن يكون طرف فى صراع ما، أو بجوار صراع إقليمى مثلاً ويخشى من امتداد الصراع إليه فيعد العدة مبكراً من خلال التعاقد على صفقات السلاح باحثاً عن إرضاء إحدى الدول الكبرى التى يشترى منها السلاح مقابل أن تقدم له الحماية ليعيش فى كنفها فى عالم لا يحترم إلا الأقوياء ويكيل بمكاييل عديدة.

 

لكن هناك جوانب أخرى يجب أن تُطرق، فهناك ما هو أخطر من فكرة عملية تسويق السلاح وهو استغلال الجانب الدينى فى الصراعات وخاصة ما يخص الدين الإسلامى، فتلك الدول تعلم تماماً أن المسلم يمتلك عقيدة تجعله يفرط فى نفسه مقابل الدفاع عن عقيدته حتى لو لم يكن ملتزماً دينياً بالشكل المطلوب، ولنذهب سوياً إلى الماضى القريب فعندما أرادت ( أمريكا ) وحلفائها تفكيك ( الاتحاد السوفيتى ) صنعوا ( بؤرة صراع ) فى أفغانستان ودعموا المتشددين الإسلاميين ليس حباً فى الإسلام وأهله ولا حباً فى حياة كريمة لأبناء ذاك البلد ولكن كل ما فى الأمر أنه كان صراع سياسى تستخدم فيه تلك الدول كل ما يوصلها لأهدافها بغض النظر عمن تلقى بهم فى آتون الحروب فسياستهم القذرة لا تعترف بالعواطف أو الضعفاء.

 

ونتذكر أيضاً كيف أوحت ( أمريكا ) لصدام حسين بأن يحتل الكويت لأن الخطة كانت مجهزة للقضاء على قوة عربية كبيرة كان لها ألا تزيد عن حدها، وطمعاً أيضا فى الهيمنة على مقدرات دول الخليج الغنية بالنفط، وقبل أن تنطفئ نار الحرب الخليجية كانت شعلة التفرقة ما بين السنة والشيعة جاهزة للاشتعال، ثم يتم تصنيع ( داعش ) ليتم ابتزاز اكبر قدر ممكن من أرباب المنطقة الغنية وتدمر بنيتها التحتية حتى تبدأ من جديد فتظل قابعة فى الفقر والصراعات الوهمية .

 

ثم تتذكر ( أمريكا ) ومعها بالتأكيد ( بريطانيا ) والحاشية أن النمور الاسيوية أصبحت تهدد اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا فقد أصبحت الصين قوة عظمى وأصبحت تسيطر على معظم اقتصاد العالم فكان لزاما على تلك الدول أن تصنع لها ( بؤرة صراع ) قد يراها البعض سهلة ولكنها فى غاية الخطورة ألا وهى مأساة ( الروهنجا ) فى مينمار أو ( بورما ) سابقاً، فهذا الصراع الدينى والذى يتركه العالم الذى تختل عنده موازين الإنسانية ليتم الاستفادة منه فتُعد له الخطط منذ فترة، فهذه البؤرة تشبه تماماً ( الدُمل ) الذى يقوم على تجميع كرات الدم البيضاء من جميع أجزاء الجسم للدفاع عنه مما يتسبب فى ( سخونة ) الجسم كله رغم أن حجم الجرح بسيط من وجهة نظر البعض

 

فسوف تساعد تلك الدول المتشددين الإسلاميين وكل من يتعاطف مع مسلمى ( الروهنجا ) ليس حباً فى حقوق الإنسان كما أنه ليس حباً فى الإسلام والمسلمين بل هو توطين لبؤرة صراع جديدة تقلق بها الصين وتجرها لصراع دينى لتؤلب عليها مسلمى العالم وتلهيها عن التقدم التكنولوجى التى بدأت تتفوق فيه لتجرها لحرب دينية مدروسة بشكل محكم من دول تجيد صناعة الأزمات والصراعات

 

قد يكون ما سبق تحليل متواضع وعشوائى لكنى اعتبره تفكير بصوت مسموع قد أُخطيء فيه أو أصيب ولكن وبيقين لا يقبل الشك أن بؤر الصراع التى تشغل العالم هى أمور مدروسة بشكل منظم ويتم تبادل الأدوار فيها بين تلك الدول بغض النظر عن الخلافات التى تظهر بينهم بين وقت وآخر فما هى إلا خلافات على نصيب كل منهم من ( كعكة ) العالم ككل والإسلامى بشكل خاص من أجل ذلك كان لزاماً على أن أقول لكم ( أفيقوا من غفلتكم يرحمكم الله )










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة