حكايات ذوى الإعاقة صانعى الكراسى المتحركة.. "رؤوف" فنى سيارة متنقلة تجوب المحافظات لتصليح العكاكيز.. و"جميل" يصنع الأسانسيرات ولا يلتفت لساقيه.. ورؤوف ناجى: لست عالة على أحد.. وجميل تواضروس: نظرة المجتمع تؤلمنى

الجمعة، 18 أغسطس 2017 11:00 ص
حكايات ذوى الإعاقة صانعى الكراسى المتحركة.. "رؤوف" فنى سيارة متنقلة تجوب المحافظات لتصليح العكاكيز.. و"جميل" يصنع الأسانسيرات ولا يلتفت لساقيه.. ورؤوف ناجى: لست عالة على أحد.. وجميل تواضروس: نظرة المجتمع تؤلمنى صانع الكراسى المتحركة مع الزميلة سارة علام
كتبت - سارة علام - إبراهيم سعيد تصوير - حسن محمد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

- مصنع الأطراف الصناعية افتتحته الهيئة القبطية الإنجيلية بمنحة يابانية

 
لم يكن رؤوف ناجى الذى اختبره الله بمرض شلل الأطفال، حين كان عمره عامين، يعلم أن حياته ستتغير بعد سنوات من العزلة والتهميش قضاها بين عدة أعمال مختلفة، حتى تغير عالمه حين قرر أن يصنع بيديه ما يساعد أمثاله على تحدى الإعاقة، دون النظر لما تتركه على أصحابها من أثر نفسى وبدنى.
 
«رؤوف» الذى يبلغ من العمر أربعين عامًا يعمل بمصنع الأطراف الصناعية والأجهزة التعويضية، الذى افتتحته الهيئة القبطية الإنجيلية فى مدينة العبور منذ أيام بمنحة يابانية ، وكان ضمن ممن انضموا لبرنامج «إرادة» الذى تتبناه الهيئة لتحسين نوعية الحياة للأشخاص ذوى الإعاقة، وتمكينهم من الاندماج داخل المجتمع، لا فرق بين مسلمين وأقباط، سواء ممن يقدمون الخدمة أو من يتحصلون عليها، الكل فى البرنامج سواء.
 
ذوى الإعاقة صانعى الكراسى المتحرك (2)
 
«كنت أعمل بمصنع لمستحضرات التجميل، أو إننى كنت مقيدًا فى سجلات المصنع دون أن أمارس أى عمل حتى يستوفى شرط الـ5% من العمالة من ذوى الاحتياجات الخاصة الذى تضعه الدولة، فكنت أحصل على 600 جنيه شهريًا دون عمل»، حسبما يقول «رؤوف» الذى يعمل فنى أجهزة تعويضية حاليًا، حتى إذا جاء العام 2010 وسمع عن برنامج «إرادة» الذى تنفذه الهيئة وتقدم للانضمام له.
 
يضيف: تلقيت عدة تدريبات بالأردن ولبنان على أعلى مستوى فنى فى مجال إصلاح وصناعة الكراسى المتحركة، وبدأت أطور من نفسى بعد سنوات من إحساسى بالعجز، حيث كنت أسمع عبارات من نوعية «لو عايز تشتغل مين هيوديك ومين هيجيبك»، مما أصابنى بالإحباط واليأس، مستكملًا: تدربت جيدًا حتى انضممت إلى حملات الهيئة الإنجيلية وسيارتها المتنقلة، وهى سيارة مجهزة تجوب القرى والأحياء لإصلاح الأجهزة التعويضية والكراسى المتحركة للمعاقين.
 
مصنع للاطراف صناعية (2)
 
«فى السيارة كل ما يلزم لإصلاح الكرسى المتحرك وإحلاله وتجديده، هناك من يجلسون على كراسى تزيد من إعاقتهم، وهناك من يحملون عكاكيز تعوق من حركتهم أكثر، أو تتسبب فى آلام الظهر»، حسبما يوضح، ويقول: «وكونى من ذوى الإعاقة ساعدنى كثيرًا فى العمل، فأنا أستطيع أن أتفاهم مع المعاقين ولا يخجلون منى، وأشعر بما يدور فى نفسيتهم باعتبارى صاحب تجربة مثلهم، خاصة أن المعاقين أكثر حساسية من الأصحاء». يضيف «رؤوف»: «تأثرت كثيرًا بالعمل فى السيارة المتنقلة، ورأيت فرحة المعاقين بعينى أثناء حملات الإصلاح التى ننفذها، فرأيت سيدة بإحدى قرى المنيا لم تخرج من بيتها منذ أكثر من 17 عامًا لأنها تجلس على كرسى أصغر من حجمها، ولا يساعدها على الحركة، وحين عملت على تهيئة الكرسى لها ليناسبها بكت وانهمرت دموعها، لأنها سترى الشارع بعد سنوات من العزلة».
 
يتجه «رؤوف» عبر كرسيه المتحرك ناحية السيارة المتنقلة، المزودة بباب إلكترونى يصعد عليه بكرسيه المتحرك، ويشرح لنا دورة عمله، فيقول: فى هذه السيارة جميع المعدات اللازمة لتهيئة الكراسى، هناك كراسى تحتاج توسعة، وأخرى تحتاج عجلات، وثالثة تحتاج أكثر من ذلك، بإمكاننا أن نفعل كل ذلك من خلال تلك السيارة المجهزة.
ذوى الإعاقة صانعى الكراسى المتحرك (3)
 
«الإعاقة فى الفكر وليس الجسد، ففى كل مرة أشارك فى حملة للإصلاح عبر السيارة المتنقلة، أو أصنع كرسيًا جديدًا بالمصنع أشعر بأننى أسهم فى رسم الابتسامة على وجه معاق»، يؤكد «رؤوف» وهو يمسك بالآلات المعدنية التى يصنع منها الكراسى المتحركة، ويشير إلى أن افتتاح المصنع لم يلغِ الحملات التى تنظمها الهيئة لإصلاح الكراسى المتحركة عبر السيارة المتنقلة، فالمصنع للكراسى الجديدة والسيارة لإصلاح المعطل.
 
أما جميل تواضروس الذى يعمل فنى تهيئة هندسية، وكان يجلس على يسار «رؤوف» بالمصنع نفسه، فقال إنه تخرج فى معهد الخط العربى وكان يعمل خطاطًا، يرسم اللوحات الدعائية والإعلانات، لا يكترث بإعاقته ويحاول أن يكسب قوت يومه، رغم نظرة المجتمع له الذى لا يتقبل وجوده وعمله بالعكازين، حيث يعانى من الشلل أيضًا.
 
«جميل» انضم أيضًا لبرنامج «إرادة» وسافر إلى ولاية شيكاغو بدعم وتمويل من الهيئة، وبالشراكة مع مؤسسات أجنبية أخرى، وحصل على تدريب فى مجال التهيئة الهندسية للمؤسسات، ويشرح قائلًا: هناك مؤسسات حكومية تتعاون مع المعاقين بشكل يومى، لكنها غير مهيئة لذلك، فالتصميم لا يراعى سير كراسى متحركة، أو أنهم قد أنشأوا «الرامب»، أى مسار الكرسى المتحرك، بطريقة خاطئة، مما يؤدى لانقلابه، كذلك الحمامات غير مهيأة لاستخدام ذوى الإعاقة، فعملى يقوم على تهيئة تلك المؤسسات لاستقبال ذوى الإعاقة ومساعدتهم، بالإضافة إلى تصنيع الأسانسيرات والرافعات، وأعمل حاليًا على تصنيع أسانسير لمعهد جنوب مصر للأورام بأسيوط، مقاساته تناسب دخول كرسى متحرك لمعاق أو مريض، وعملت على تهيئة أكثر من 100 مؤسسة مصرية من قبل، بينها وزارة التضامن الاجتماعى، والكثير من المستشفيات.
ذوى الإعاقة صانعى الكراسى المتحرك (1)
 
فى الدور الثانى من المصنع، كان «أبانوب» الذى يعمل فنى أطراف صناعية قد جلس أمام «كيرمينا»، الطفلة التى تبلغ من العمر ثلاث سنوات، وتعانى من نقص المادة البيضاء بالمخ، الأمر الذى يتسبب لها فى إعاقة حركية وتشوهات بالساقين، مما يستلزم تركيب طرفين صناعيين، الأول يعمل على فرد ساقيها أثناء النوم، والثانى للمشى.
 
«كيرمينا» ستحصل على الطرف الصناعى مجانًا، يقول «أبانوب» الذى كان يحصل على مقاسات جبيرتين بلاستيكتين تناسبان ساقى «كيرمينا» الصغيرة، وبعدها سيكون على الطفلة تجربة الأطراف الصناعية فى وحدة البروفات والقياس، ثم يتم توجيه أشعة الليزر لجسدها الصغير للتأكد من دقة المقاسات.
 
أما والدها الذى جاء يحملها بناء على توصية جيرانه، فقال إن ارتفاع أسعار الأطراف الصناعية يحول بينه وبين شرائها، ولكن الهيئة الإنجيلية تكفلت بتصنيع الجبيرة والطرف الصناعية لابنته الصغيرة، الأمر الذى سيساعده فى علاج تشوهات القدم، ومنع أى تشوهات جديدة تنتج عن المشى أو انثناء القدم خلال النوم.
 
مصنع للاطراف صناعية (1)
 
«هناك نوعان من الأطراف الصناعية التى نعمل على تصنيعها هنا»، يقول «أبانوب»: «الأولى لسيقان فقدت وظائفها، مثل حالة الطفلة كيرمينا، والثانية لأطراف فقدت بأكملها كعمليات البتر جراء الحوادث ومرض السكرى وغيرها من الحالات، ونعمل فى المصنع على تصنيع النوعين».
 
أما مايكل سعد الذى يعمل مديرًا للمصنع، فيقول: الهيئة الإنجيلية بدأت منذ عام 2008 فى العمل ببرنامج «إرادة»، الذى يركز بالأساس على ثلاثة محاور فى قضايا الأشخاص ذوى الإعاقة، هى وسائل التنقل والحركة، والصيانة، والتهيئة الهندسية للمنشآت، ثم قامت الهيئة فى عام 2010 بإنشاء مركز الصيانة والإصلاح المتنقل فى السيارة المتنقلة، ثم أسسنا هذا المصنع الصغير ليتضمن خطًا لإنتاج جميع المعينات الحركية، مثل الكراسى المتحركة بمختلف أنواعها، والعكاكيز المختلفة، والمشايات، وأجهزة التأهيل، وتستهدف الوحدة تقديم الخدمات إلى 200 مواطن خلال العام الأول من افتتاحها، ليتزايد فى السنوات التالية، لافتًا إلى أن الهيئة تستهدف التوسع فى تقديم الخدمة للمعاقين خلال السنوات المقبلة، ليتحول المركز التصنيعى بالعبور إلى مصنع متكامل للأجهزة التعويضية.
 
 


مصنع للاطراف صناعية (3)
 
مصنع للاطراف صناعية (4)
 
مصنع للاطراف صناعية (5)
 
مصنع للاطراف صناعية (6)
 
مصنع للاطراف صناعية (7)
 
مصنع للاطراف صناعية (8)
 
مصنع للاطراف صناعية (9)
 
مصنع للاطراف صناعية (10)
 
مصنع للاطراف صناعية (11)
 
مصنع للاطراف صناعية (12)
 
مصنع للاطراف صناعية (13)
 
مصنع للاطراف صناعية (14)
 
مصنع للاطراف صناعية (15)
 
مصنع للاطراف صناعية (16)
 
مصنع للاطراف صناعية (17)
 
مصنع للاطراف صناعية (18)
 
مصنع للاطراف صناعية (19)

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة