شقيق بنت الشاطئ لـ"اليوم السابع": دفاعها عن الإسلام والشرع كان أسمى غايتها

السبت، 10 يونيو 2017 01:00 ص
شقيق بنت الشاطئ لـ"اليوم السابع": دفاعها عن الإسلام والشرع كان أسمى غايتها اثناء تواجدها بدمياط لالقاء احدى المحاضرات
دمياط - عبده عبد البارى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

هى واحدة من القلائل التى حملت لواء الدفاع عن الدين الإسلامى وعلومه، وأعلام علمائه، واللغة والعلم بها، والقرآن الكريم وتفسيره وإعجازه، وعلوم السنة، وقدمت للمكتبة الإسلامية أكثر من أربعين كتابا إنها عائشة عبد الرحمن "بنت الشاطئ".

 

ويضيف شقيقها  الأصغر الدكتور اسماعيل عبدالرحمن الأستاذ بجامعة الأزهر فرع المنصورة ورئيس فرع الرابطة العالمية لخريجى الأزهر بدمياط أن شقيقته ولدت فى نوفمبر عام 1913.

 

وتابع عبد الرحمن حديثه لليوم السابع قائلا:  لست ادرى كيف أبدأ ومن أين أبدأ  الحديث عن أختى وأستاذتى وإنه لشرف كبير لنا نحن أبناء العارف بالله الشيخ  محمدعلى عبد الرحمن ان تكون أختنا عائشة الركن الركين فى عائلتنا لقد كانت رحمة الله عليها تتبع أحوالنا وتسعد باللقاء الذى يجمعنا فتضمنا تحت جناحها فكأننا بين يدى أب وأم كليهما يحنو ويعطف وكانت تطعم تلك اللقاءات بلمحات وومضات علمية وخلقية وأدبية تزيد اللقاء نورا وبهجة.

 

وعن ذكرياته معها قال أنا أصغر إخوتى وقد ولدت فى نفس العام التى حصلت فيه الدكتورة عائشة على درجة الدكتوراة ولذا كانت حريصة كل الحرص على أن أدرس بجامعة الأزهر لأن والدى رحمة الله عليه كان من كبار رجال وعلماء الأزهر الشريف وتابعت عائشة خطواتى العلمية فى الماجستير والدكتوراة خاصة مع تخصصى اصول الفقه وعندما كنا نناقش مسألة من مسائل الفقه أجد نفسى أمام أصولى متبحر ضليع فى هذا الفن يوجه تلاميذه توجيها سديداً.

 

وعاد عبد الرحمن بذكرياته قليلاً قائلا:  لقد كان طابع لقائى معها هو المحاوره والمناقشة العلمية ولن أنسى أننا جلسنا يوما ساعتين نطوف حول أية واحده هى " ألهاكم التكاثر "

 

وتابع عبد الرحمن "إذا كان على أن أذكر فضيلة من فضائلها أو صفة من صفاتها فهى أكثر من أن تحوى فى مثال أو كتبا ولكنى أشير الى بعضها فى إشارة موجزة فهى أولاً شريفة بنت شريف ينتهى نسبها الى سيدنا الحسين بن على رضى الله عنه وكرم الله وجهه أما دفاعها عن الإسلام والعلم الشرعى فكان أسمى غايتها وأسعد لحظاتها  .

 

واستطرد قائلا: "لقد كانت بنت الشاطئ رحمها الله تعالى فريدة عصرها وأستاذة زمانها فلقد جمعت بين مدرستين مدرسة أبيها رحمه الله تعالى الذى كان من كبار علماء مشيخة دمياط تلك المدرسة القائمة على محبة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وآل بيته الكرام ومدرسة زوجها فضيلة  الدكتور أمين الخولى رحمه الله تعالى التى ركزت على دور العقل والفكر فى النهوض بالأمة فكانت خير نموذج للمرأة المسلمة التى بلغت أرفع المناصب".

 

وصنفت العديد من الكتب فى شتى الفنون والعلوم وأصبحت قدوة لسيدات وبنات المسلمين فرحمت الله عليها وعلى والدها وهى التى فتح الله عليها فتعاملت مع كتاب الله تعالى فى فى الاعجاز والتفسير البيانى وتعاملت مع السنة فى وعلومها من خلال  مقدمة "ابن الصلاح" وتعاملت مع النبى صلى الله عليه وسلم من خلال كتاب " المصطفى صلى الله عليه وسلم وتراحم بيت النبوة"  كما تعاملت مع القران الكريم من خلال مؤلفات عديده منها نحو لغتنا ، الحياه وتراثنا بين ماض وحاضر،  وقيم جديده للادب العربى".

 

 

وأضاف: "عائشة عبد الرحمن او بنت الشاطئ كما يحلو للجميع تبوأت مكانة عظيمة فى عصر التقدم والحضارة من خلال تصديها لمن حاول أن ينال من منزلة المرأة حيث شمرت عن ساعدها ونادت فى أكبر المحافل واعظمها ان الاسلام حفظ للمرأة كرامتها ورفع قدرها".

  

النشأه والتعليم

 

ولدت فى مدينة دمياط  فى منتصف نوفمبر عام 1913م، ابنة لعالم أزهري، وحفيدة لأجداد من علماء الأزهر وروَّاده، وتفتحت مداركها على جلسات الفقه والأدب، وتعلمت وفقًا للتقاليد الصارمة لتعليم النساء وقتئذٍ فى المنزل، وفى مدارس القرآن (الكُتَّاب)

 

وقد تحدثت عن أبيها فقالت: "إلى من أعزنى الله به أبًا تقيًّا زكيًّا، ومعلمًا مرشدًا، ورائدًا أمينًا ملهمًا، وإمامًا مهيبًا قدوة: فضيلة والدى العارف بالله العالم العامل: الشيخ محمد على عبد الرحمن الحسيني؛ نذرنى رضى الله عنه لعلوم الإسلام، ووجَّهنى من المهد إلى المدرسة الإسلامية، وقاد خُطاى الأولى على الطريق السويِّ، يحصننى بمناعة تحمى فطرتى من ذرائع المسخ والتشويه.

 

ومن المنزل حصلت على شهادة الكفاءة للمعلمات عام 1929م بترتيب الأولى على القطر المصرى كله، ثم الشهادة الثانوية عام 1931م، والتحقت بجامعة القاهرة لتتخرج فى كلية الآداب قسم اللغة العربية عام 1939م، ثم نالت درجة الماجستير عام 1941م.

 

 

حياتها

 

 تزوجت بنت الشاطئ  أستاذها بالجامعة الأستاذ أمين الخولى أحد قمم الفكر والثقافة فى مصر حينئذٍ، وصاحب الصالون الأدبى والفكرى الشهير بـ (مدرسة الأمناء)، وأنجبت منه ثلاثة أبناء وهى تواصل مسيرتها العلمية لتنال رسالة الدكتوراه عام 1950م، ويناقشها عميد الأدب العربى د. طه حسين.

 

ولم تكن بنت الشاطئ كاتبة ومفكرة وأستاذة وباحثة فحسب، بل نموذجًا نادرًا وفريدًا للمرأة المسلمة التى حرَّرت نفسها بنفسها بالإسلام، فمن طفلة صغيرة تلهو على شاطئ النيل فى دمياط ، إلى أستاذ للتفسير والدراسات العليا فى كلية الشريعة بجامعة القرويين فى المغرب، وأستاذ كرسى اللغة العربية وآدابها فى جامعة عين شمس بمصر، وأستاذ زائر لجامعات أم درمان عام 1967م، ولجامعة الخرطوم وجامعة الجزائر عام 1968م، ولجامعة بيروت عام 1972م، وجامعة الإمارات عام 1981م، وكلية التربية للبنات فى الرياض 1975- 1983م، وتدرجت فى المناصب الأكاديمية إلى أن أصبحت أستاذًا للتفسير والدراسات العليا بكلية الشريعة بجامعة القرويين بالمغرب، حيث قامت بالتدريس هناك ما يقارب العشرين عامًا.

 

مؤلفات بنت الشاطئ:

 

تركت بنت الشاطئ وراءها ما يزيد عن الأربعين كتابًا فى الدراسات الفقهية والإسلامية والأدبية والتاريخية؛ فلها مؤلفات فى الدراسات القرآنية والإسلامية أبرزها: التفسير البيانى للقرآن الكريم، والقرآن وقضايا الإنسان، وتراجم سيدات بيت النبوة، وكذا تحقيق الكثير من النصوص والوثائق والمخطوطات. ولها دراسات لغوية وأدبية وتاريخية أبرزها: نص رسالة الغفران للمَعَرِّي، والخنساء الشاعرة العربية الأولى، ومقدمة فى المنهج، وقيم جديدة للأدب العربي. ولها أعمال أدبية وروائية أشهرها: على الجسر، وسيرة ذاتية؛ وقد سجَّلت فيه طرفًا من سيرتها الذاتية، وسطَّرته بعد وفاة زوجها أمين الخولى بأسلوبها الأدبى الراقى تتذكر فيه صباها، وتسجِّل مشاعرها نحوه، وتنعيه فى كلمات عذبة. كما شاركت فى العديد من المؤتمرات الدولية فى كل هذه المجالات، وقد جاوزت شهرتها أقطار الوطن العربى والإسلامي، وكانت كتاباتها موضوعًا لدراسات غربية ورسائل جامعية فى الغرب، بل وفى أوزبكستان واليابان.

 

ولم تكتفِ بنت الشاطئ بالكتابة فحسب، بل خاضت معارك فكرية شهيرة، واتخذت مواقف حاسمة دفاعًا عن الإسلام، فخلَّفت وراءها سجلاًّ مشرفًا من السجلات الفكرية التى خاضتها بقوة؛ وكان أبرزها معركتها ضد التفسير العصرى للقرآن الكريم ذَوْدًا عن التراث، ودعمها لتعليم المرأة واحترامها بمنطق إسلامى وحجة فقهية أصولية دون طنطنة نسويَّة، ومواجهتها الشهيرة للبهائيَّة فى أهم ما كُتب فى الموضوع من دراسات مسلِّطةً الضوء على علاقة البهائية بالصهيونية العالمية، وكذا دراساتها الرائدة عن تراجم سيدات بيت النبوة، وأبحاثها حول الحديث النبوي: تدوينه ومناهج دراسته ومصطلحاته.

 

والدكتوره عائشة عبد الرحمن بجانب إسهاماتها البحثية والأكاديمية والتعليمية البارزة، وتخريج أجيال من العلماء والمفكرين من تسع دول عربية قامت بالتدريس بها، قد خرجت كذلك مبكرًا بفكرها وقلمها إلى المجال العام؛ وبدأت النشر منذ كان سنُّها 18 سنة فى مجلة النهضة النسائية، ثم بعدها بعامين فى جريدة الأهرام؛ ونظرًا لشدة محافظة أسرتها -آنذاك- التى لم تعتد انخراط النساء فى الثقافة اختارت التوقيع باسم (بنت الشاطئ)، إشارةً لطفولتها ولهوها صغيرة على شاطئ النيل فى بلدتها دمياط، وبعدها بعامين بدأت الكتابة فى جريدة الأهرام فكانت ثانى امرأة تكتب بها بعد الأديبة مى زيادة، وظلت تكتب للأهرام حتى وفاتها، فكان لها مقال طويل أسبوعي، وكان آخر مقالاتها ما نُشر بالأهرام يوم 26 من نوفمبر 1998م بعنوان (على بن أبى طالب كرَّم الله وجهه)، وهو استكمال لسلسلة طويلة من المقالات بدأت منذ الصيف تناولت فيها سير آل البيت ومقاتل الطالبيين، وشرعت فى كتابة سلسلة مقالاتها اليومية الرمضانية كعادتها إلا أن القدر لم يمهلها لإتمامها.

 

وقد حظيت  الدكتوره عائشة عبد الرحمن بمكانة رفيعة فى أنحاء العالم العربى والإسلامي، وكرَّمتها الدول والمؤسسات الإسلامية؛ فكرّمتها مصر فى عهد السادات وعهد مبارك، ونالت جائزة الملك فيصل، ونالت نياشين من دول عديدة، كما كرّمتها المؤسسات الإسلامية المختلفة بعضوية ضنَّت بها على غيرها من النساء مثل: مجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة، والمجالس القومية المتخصصة، وكرَّمها ملك المغرب.

 

وفاتها

 

توفيت بنت الشاطئ فى  ديسمبر 1998م، وودعتها مصر فى جنازة مهيبة حضرها العلماء والأدباء والمثقفون الذين جاءوا من شتى الدول، ونعاها  الشيخ جاد الحق على جاد الحق شيخ الأزهر وأمَّ صلاة الجنازة بنفسه.

 

لقد كانت -رحمها الله- من أعلام الأمة، جاهدت بالعلم والقلم للدفاع عن دين الله، وتُمثِّل مسيرة بنت الشاطئ فى طلب العلم والكفاح من أجل الدراسة فى الجامعة - فى زمنٍ كان يقتصر فيه دور المرأة على المنزل - وفى البحث والكتابة فى قضايا الفكر الإسلامي؛ نبراسًا لأجيال متتالية. ولا شك أن مسيرتها وإسهاماتها ستظل علامة مضيئة للمرأة المسلمة المعاصرة، ورصيدًا فكريًّا فى الساحة الإسلامية.

 

ولقد قامت محافظة دمياط بتخليد اسم الكاتبه الراحلة بنحت تمثال لها  بعد وفاتها ووضع فى حديقة على كورنيش النيل سميت بحديقة " بنت الشاطئ" كما سبق ان اطلق اسمها على مدرستين هى بنت الاعدادية للبنات بإدارة دمياط التعليمية وبنت الشاطئ الابتدائية للبنات وذلك فى حياتها.

 

 

 

اثناء تواجدها بدمياط لالقاء احدى المحاضرات

اثناء تواجدها بدمياط لالقاء احدى المحاضرات

 

اسماعيل عبد الرحمن
اسماعيل عبد الرحمن

 

بنت الشاطئ وشقيقها وبجواره الدكتور اسامة العبد رئيس اللجنة الدينية بالنواب
بنت الشاطئ وشقيقها وبجواره الدكتور اسامة العبد رئيس اللجنة الدينية بالنواب

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة