د. عباس شومان

وقفات قرآنية

الإثنين، 29 مايو 2017 05:51 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قال تعالى: «إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون13 أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون « 14». سورة الأحقاف.
 
إن الاستقامة هى لزوم المنهج القويم، وسلوك الطريق المستقيم، ويتسع معنى الاستقامة ليشمل فعل الطاعات كلها الظاهرة والباطنة وترك المنهيات كلها كذلك، قال تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: «فاستقم كما أمرت ومن تاب معك» سورة هود آية: 112.
 
والإنسان الذى يعمر الأرض وينشر الخير بين جنباتها مطالَب بأن يحقق الاستقامة بالسداد فى النيات والأقوال، فإن لم يقدر عليها فالمقاربة من السداد إن عجز عنه، فعن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «سَدِّدوا وقاربوا، واعلمُوا أنه لن ينجو أحدٌ منكُم بعمله»، قالوا: ولا أنت يا رسول الله ؟ قال: «ولا أنا إلا أن يتغمدنى الله برحمة منه وفضل» [ رواه مسلم]، فمقامات الدين كلها جمعت فى هذا الحديث الشريف، فالاستقامة كلمة جامعة آخذة بمجامع الدين، ومن خلالها يستطيع الإنسان القيام بين يدى الله تعالى على حقيقة الصدق، والوفاء بالعهد، كما تطلق الاستقامة أيضا على ما يجمع معنى حسن العمل، والسّير على الحقّ والخير والنجاة، قال تعالى: ﴿ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ ﴾ «فصلت/ 6»، والاستقامة على منهج الله وشرعه أفضل مما تطلبه النفس وتتطلع إليه من مراتب، يقول أهل العلم: «كن صاحب الاستقامة، لا طالب الكرامة؛ فإن نفسك متحركة فى طلب الكرامة، وربك يطالبك بالاستقامة.
 
والاستقامة متنوعة: فمنها استقامة تتم على مستوى الأفراد، واستقامة تتم على مستوى الجماعات، ولا تتحصل فوائدها ولا تنتج ثمارها إلا على المستوى الجماعى، والدليل على ذلك قول الله- عز وجل- فى الآية: ﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا﴾ [هود: 112]، إذًا: نزل الأمر بالاستقامة للرسول -صلى الله عليه وسلم- المستقيم أصلًا، لكن ليزداد فى الاستقامة ويثبت عليها، ومن تاب معه من صحابة الرسول -صلى الله عليه وسلم- خير الأمة، الذين تابوا مع الرسول- صلى الله عليه وسلم- وسلكوا سبيل الاستقامة.
 
وهناك أمورٌ لا بد من الاستقامة فيها فى المجال الجماعى: كنصرة الأوطان والدفاع عنها، وتوجيه طاقات الإنسانية يما يفيدها، ومعاملة الناس بعضهم بعضا بما يحقق لهم ولمجتمعاتهم المصلحة النافعة من التقدم والرقى والازدهار، وأظن أن هذه الاستقامة هى التى تحقق طريق النجاة، وتسبق فى الأفضلية الاستقامة الفردية، التى تفيد الفرد وحده دون سواه.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة