عمرو أبو العطا يكتب: ما بين عود.. وكعروب .. "قصة كسر"

الأحد، 14 مايو 2017 10:00 م
عمرو أبو العطا يكتب: ما بين عود.. وكعروب .. "قصة كسر" كسر القصب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تبدأ مراسم كسر القصب فى هذه القرية أقصى الصعيد عند الإعلان عن فتح شركة السكر والسماح للمزارعين بالكسر ...

 تتشابه عملية كسر القصب بإحدى العمليات العسكرية ذو التخطيط الاستراتيجى الدقيق ..

 يتم الإعلان عن السماح للمزارعين بالكسر كل حسب موقعه الجغرافى والاستراتيجى حتى تتم العملية بشكل منظم دون الهبوط لقاع المشاكل والخلافات... ويسود هذه القرية حالة من الفرح فقد حان موعد العمل الجميع ينتظرون منذ عام.. يرجع أبناء القرية من رحلة قصيرة ذهبوا باحثين عن رزقهم، للمشاركة فى هذه العملية التى تمتد أكثر من ثلاثة شهور من العمل الجاد ..

 تبدأ هذه العملية بفرقة الطليعة التى تتشابه بفرقة المشاة إنهم الرغابة .. تبدأ فرقة الرغابة فى التحرك عند ساعة الصفر التى تحدد دائما عند أذان الفجر.. وفى انتظارهم صاحب الكسر القائد العام لهذه العملية.. يحدد صاحب الكسر للرغابة الكمية المطلوب كسرها وتحديد الموقع والتخطيط للعملية .وبعد الانتهاء من التعليمات يعطى صاحب الكسر الإشارة للبدأ...

تبدأ فرقة الرغابة بالعمل مستخدمين سلاحهم فى هذه العملية إنها القدوم ...

 يبدأون فى كسر القصب بالقدوم ثم تبدأ مرحلة القلويح وهو فصل القالوح عن عود القصب وتنضيف العود من الأوراق التى تغطيه التى يسموها (العفش)

 يمر قائد العملية ويطمئن على اجتياز هذه المرحله بشكل سليم ..

 يبدأ صاحب الكسر (قائد العملية) بالإشارة للمرحلة الثانية ويظهر من بعيد مجموعة من الجمالة قادمين ناحبة الكسر، تراهم كأنهم مجموعة من الخيالة ذاهبين لمعركة حربية ..

 توضع الجمال فى موقع الكسر بشكل منظم ويتم تحميل القصب على ظهرها من الجانبين بشكل متساوى حتى لايتأذى الجمل ..الجمل يحمل على ظهره شيئا يسمى (الشاغر )لتحميل القصب عليه .

 ويبدأ الجمل وصاحبه فى قيادته إلى مكان عربة التحميل ويتم وضع الحمل بجوارها وفرطه.. وتنقل الأحمال إلى جوار العربة بشكل مرتب... وينتهى هما مهمة الجمالة وينصرفوا..

 يظهر فى الأفق فرقة أخرى، إنهم فرقة المهام الصعبة (الشحانة) قادمين لإتمام المهمة التالية يتقدمهم قائدهم حاملا سكينا طويلة لتقطيع القصب ومن خلفه بقيت الفرقة منهم من يحمل سلما خشبيا ليساعدهم على الصعود على العربة ...

 وتبدأ المهمة تقوم فرقة الشحانة بتحميل القصب على أكتافهم والصعود لعربة التحميل وينتظرهم قائدهم بالعربة حاملا السكين لتقطيع القصب حتى يتزن على العربة.. تملأ العربة بالقصب إلى نهايتها وأعلى بكثير ويقوم القائد بظبط (الزرب )الذى يعتبر الوتر لهذه العربة وربط العيدان والقصب بالحبال بطريقة اعتاد عليها حتى تصمد العربة فى رحلتها إلى الشركة..

 يبدأ قائد العملية صاحب الكسر بجلب الحراسة المشددة على العربة لحين سحبها بأحد الجرارات إلى الشركة..وإرسال معها أحد جنود الاستطلاع للتأكد من وصول العربة إلى الشركة بسلام وإجراء اللازم...

 يدرس صاحب الكسر التضاريس جيدا ويتابع حالة الجو ويختار الوقت المناسب عندما يكون الجو هادئا لايصاحبه الرياح الشديدة، ليبدأ عملية التطهير من الورق (العفش) وحرقه وتسمى بالقطعية ..

 يتم سحب العفش إلى منتصف الغيط موقع الكسر بشكل مربع هندسى يبعد مسافة عن جيرانه حتى لا تصاب مواقيعهم بالنار ويفرق بعض الرجال على أضلاع المربع وتشعل النيران ..

 يتم حرق العفش تماما وتطفئ النيران ويتم التأكد من عدم وجود نيران أخرى مشتعلة.. وينصرف صاحب الكسر وقائد العملية بعد انتهاء مهمته تاركا بعض الغنائم المخلفة من العملية وهيا الكعروب ..وتنطلق مسيرات من النساء والأطفال لجمع الغنائم المتروكة وهيا الكعروب ..

 يقولون إن زراعة القصب فى هذه القرية زراعة الكسلان ..ولكننى أرى أن ما يعانيه المزارع أكبر بكثير من المكسب المادى الذى يجنيه قليلا نسبيا ...مزارع القصب يبقى لنفسه شيئا وذكريات من أجداده وأبيه يشم فى رائحة هذا التراب وهذه الزرعة رائحة أجداده وأيامه القديمة ..

 وكان ذلك بمثابة قصة كسر ....










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة