نعم اخترع الفراعنة المقشة للنظافة فى الشوارع والمعابد والمنازل، لكن العجيب أن هذا الاختراع تمسك به المسئولون عن النظافة فى مصر حتى اليوم، لم يستطيعوا الاستغناء عنه، حتى فى العصر الراهن حينما دخلت الشركات الأجنبية رأته مظهر ملازمًا لمصر دون غيرها، فجعلوا عمال النظافة فى الشوارع بيدهم المقشة.. هذه الأداة التى ابتكرت لنظافة مدن لا يزيد سكانها عن عشرين ألفا ذات مساحات محدودة، أما فى المدن المتوسطة والكبرى، فهناك ابتكار عرفه العالم وانتشر فى أفقر الدول وأغناها هى سيارات الكنس الآلى، ذات الأحجام المختلفة بدءًا من الصغير للكبير.
والمضحك المبكى أن شركة النظافة التى تتولى نظافة شوارع الإسكندرية هى نفسها التى تتولى تنظيف شوارع لندن، فنجدها فى لندن تستخدم هذه السيارات بكافة أحجامها، لكن هذا الابتكار العصرى، لم يصل الإسكندرية التى ترى الشركة أنها مازالت مدينة يونانية أسسها الإسكندر، لا يتواءم معها سوى الابتكار المصرى وهى مقشة الكنس اليدوى.
وإذا رجعت إلى أشكال المقشة لدى قدماء المصريين لا شك أنك ستجدها فى يد كل عامل نظافة يكنس الشوارع الكبرى فى القاهرة والإسكندرية وطنطا وبورسعيد، فكأن الموروث الفرعونى المتأصل أبى أن يغادر يد المصريين، وبقى عاجزا أمام التطور لقرون طويلة، لذا فحينما ترى عمال النظافة فى شوارع المدن المصرية عاجزين أمام أحجام هذه المدن الضخمة، فسرعان ما يترجم عجزهم إلى مهنة الشحاذة فى مفارق الطرق ومطالع الكبارى والميادين، ليصبحوا علامة دالة على مصر، يستلذ بها القادمون إليها من الخارج، ويرونها لازمة للشخصية المعاصرة، يتندرون عليها .
إننى أرى أن الهيئة العربية للتصنيع قادرة على صناعة سيارات الكنس الآلى بأحجام مختلفة، على المحافظات شراؤها واستعمالها، ليكون تغيير هذه الصورة النمطية عن مصر بأيد مصرية خالصة، ولكى نرى مصر نظيفة بأيد مصرية، هذه اليد التى ابتكرت وقدمت للعالم الكثير منذ عصور ما قبل التاريخ حتى اليوم، حين ابتكر المصرى الرياضيات والفلسفة والكيمياء والفلك، تحية لهذا المصرى..
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
