سائق سيارة البنزين بعد انفجارها يروى تفاصيل 15 دقيقة فى صراعه مع الموت

الثلاثاء، 21 ديسمبر 2010 01:28 م
سائق سيارة البنزين بعد انفجارها يروى تفاصيل 15 دقيقة فى صراعه مع الموت سائق سيارة البنزين يروى تفاصيل الحادث لمحرر اليوم السابع
كتب محمود عبد الراضى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
رجل بدين الجسد طويل القامة لا يتخطى الخمسين من العمر، لا يملك من الدنيا سوى جنيهات معدودات يتحصل عليها آخر كل شهر من وظيفته البسيطة، إلا أنه أصبح فى ليلة وضحاها بطلا شعبيا من خلال موقف إنسانى قام به وأنقذ من خلاله أرواح المئات من المواطنين، ولم يفكر فى نفسه لحظة من اللحظات.. أنه سائق السيارة المحملة بالبنزين التى انفجرت مؤخرا بالقرب من مساكن كفر الجبل بالجيزة.

التقت "اليوم السابع" بالسائق البطل الذى سرد تفاصيل 15 دقيقة فى رحلته مع الموت، وكواليس اللحظات الأخيرة قبل الانفجار، موضحا أنه يعمل فى مجال نقل المواد البترولية منذ 15 سنة، ولم يخطر على باله يوما أن يتعرض لهذا الموقف العصيب.

وأضاف السائق "رمضان محمد عمر" البالغ من العمر 47 سنة أنه متزوج ولديه ولدين "محمد 15 سنة" و"محمود 3 سنوات" بالإضافة إلى بنت فى كلية التجارة بالشرقية، وأنه لا يمتلك من الدنيا سوى الجنيهات المعدودات التى تدرها عليه وظيفته البسيطة إلا أن الحال "ماشى" والحياة "معدن" على حد وصفه، وعن يوم الحادث أفاد بأنه خرج فى منتصف الليل بالسيارة التى يقودها من محافظة السويس متجها إلى الجيزة حتى وصل محطة بنزين كفر الجبل فى حوالى الثانية والنصف بعد منتصف الليل، وفرغ بها 17 ألف لتر سولار بينما تبقى بالسيارة 43 ألف لتر، وكانت الكارثة عندما فوجئ بالعامل "عاشور . ر " يشعل نار "ولاعته" للتأكد من إفراغ السيارة كافة الحمولة، إلا أن النار انتقلت لخرطوم نقل البنزين وبدأت النار تتسرب إلى باقى السيارة.

يضيف السائق: ذهبت هنا وهناك أفتش داخل المحطة عن طفايات للحريق بينما اكتفى عمال المحطة بالمشاهدة، وعندما باءت جميع محاولاتى بالفشل أحضرت الطفاية الخاصة بسيارتى وبدأت أحاصر السنة النيران إلا أنها كانت قد توهجت فأيقنت أن السيارة تقترب على الانفجار بعد قليل، وبدأت أحلق بنظرى على المبانى الشاهقة حول المحطة ومستودع البوتاجاز الذى يقع على بعد أمتار منها، مما يعنى أن انفجار السيارة بهذا المكان يحصد مئات الأرواح نتيجة رعونة عامل المحطة.

يتوقف السائق قليلا ويستكمل قائلا: قطعت قدمى تفكيرى ووجدت نفسى أهرع ناحية السيارة وأسرع بها على الدائرى فى محاولة منى للذهاب بها بعيدا عن الكتلة السكنية.

"15 دقيقة فقط" كانت الفاصل بين "الحياة والموت" كنت أقود السيارة بسرعة جنونية قبل أن تنفجر وأتجاهل إشارات المارة بأن السيارة مشتعلة حيث نصحونى بالنزول منها إلا أننى لما أعبأ بنصائحهم وكنت أفكر فى أرواح الأبرياء، كانت دقات قلبى تسابق السيارة بينما تم شطر عقلى نصفين أحدهما فى الجيزة يفكر فى أرواح المواطنين التى يحصدها الانفجار والنصف الآخر مشغولا بأولادى فى الشرقية مسقط رأسى، فكنت أتخيل نداء نجلى"محمود" صاحب الثلاث سنوات، إلا أننى أيقنت صعوبة العودة إليه مرة أخرى، وأصبح الموت هو نهاية الطريق فى حين أننى أسرع ناحيته فى محاولة منى لحماية مئات المواطنين من الموت نفسه.

وأشار السائق أنه بمجرد وصوله إلى منطقة كفر الجبل بعيدا عن الكتلة السكنية كاد أن يغشى عليه من شدة الموقف فقفز من السيارة لتنفجر بعدها بثوانى، حيث لم يصدق نفسه أنه مازال على قيد الحياة وأن ثوانى معدودات كانت فاصلة بين الموت والحياة، حيث بدأ الانفجار يدوى فى أرجاء المكان فكان يهتك الصمت الذى خيم على المنطقة بأثرها، بينما يرقد على الأرض يراقب من بعيد دوى الانفجار حتى وصلت سيارات المطافئ إلى المكان وسيطرت على النيران.

كانت غرفة النجدة قد تلقت بلاغا بنشوب النار بسيارة نقل "فنطاس" محملة بالبنزين، فانتقل رجال الحماية المدنية وتمكنوا من السيطرة على النيران، وأفادت المعاينة والتحريات أن السيارة النقل رقم "75979 بمقطورة "فنطاس" رقم 70929 كانت محملة بالبنزين ومتوقفة لتفريغ حمولتها ببنزينة "أويل لبيا"، وعقب انتهاء عملية التفريغ أشعل "عاشور.ر" عامل بالمحطة ولاعته للتأكد من إفراغ السيارة كافة الحمولة، إلا أن النار انتقلت لخرطوم نقل البنزين، فأسرع سائق السيارة لنقلها إلى منطقة نائية بجوار مدخل مدافن كفر الجبل واشتعلت النار بها، وتمكن رجال الحماية المدنية من السيطرة على الحريق وإخماده دون وقوع أى إصابات، وحرر محضر بالواقعة.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة