أسامة جاد يكتب: "زمن النساء"رواية أجيال نسوية.. وسرد يعنى باليومى والمعيش

السبت، 03 ديسمبر 2016 11:01 ص
أسامة جاد يكتب: "زمن النساء"رواية أجيال نسوية.. وسرد  يعنى باليومى والمعيش غلاف الرواية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

صدَّرَت هيئة التحرير الجديدة لسلسلة "الجوائز" فى الهيئة المصرية العامة للكتاب إصدارها الأول-"زمن النساء" للروسية يلينا تشيجوفا-باقتباس للروائى العالمى جوزيه ساراماجو عن الترجمة، يقول: "الكتّاب يقدمون أدبًا وطنيًّا، أما المترجمون فيقدمون أدبا عالميًّا".

ولما كانت سلسلة "الجوائز"، برئاسة المترجمة دينا مندور، ترى أن الترجمة هى الطريق الأقصر لتحقيق إحدى غايات الوجود البشرى، "لتعارفوا"، فى منظورها الإنسانى الواسع.  قدمت رائعة الأديبة الروسية المعاصرة يلينا تشيجوفا "زمن النساء"، كأحد أحدث الأعمال الأدبية الروسية التى تترجم مباشرة إلى العربية، فى ترجمة بديعة للدكتور محمد نصر الدين الجبالى.

تلك الرواية التى لا تعود أهميتها فقط إلى فوزها بجائزة البوكر العالمية للرواية الروسية فى عام 2009م، ولا إلى كونها رواية أجيال نسوية بامتياز، مع أهمية الأمرين، ولكن لأنها، بالإضافة إلى ذلك، عمل سردى ما بعد حداثي. استطاعت الكاتبة من خلاله أن تحرك المتن عن مكانه، وتسلط رؤيتها على الهامش. كانت الرواية الروسية العظيمة تنطلق من الكليات، من الهموم الجمعية، ومن الأيديولوجيا فى زمن ما، فاهتمت تشيجوفا باليومى المعيش. بسؤال الحياة اليومية، ومؤامراتها الصغيرة من أجل كيلو دقيق، أو حمام خاص فى مطبخ الشقة.

هى لم تلتفت للتفاصيل الكبرى إلا كتعليق فى هامش الحدث الرئيس، لا عن استهانة بتلك التفاصيل الكبرى، وإنما لأن ما يعنى العجائز، والأم الريفية، والطفلة البكماء، لا يتجاوز أحلامهن الصغيرة بشجرة عيد ميلاد، أو قطعة شيكولاتة، أو شريحة لانشون مهربة وفاقدة لصلاحيتها.

وفى الرواية تتكئ الكاتبة على لغة هشة، يومية، لا تحتفى بالبلاغة الكلاسيكية، ولا تعنى بالسبب الذى تصف الجدات العجائز لأجله الزيت النباتى بالصيامي، فى زمن الثورة البلشفية التى أعلنت موقفا إلحاديا صارخا فى وضوح، فقط لأنهن، هؤلاء العجائز، يسمينه زيتا صياميا، فى حياتهن اليومية.

رواية تقوم على تعدد الرواة، نسجتها الكاتبة فى رهافة شاهقة تشبه الدانتيلا؛ تجعل قارئها يدرك بعد جملتين فى أى من فقرات الرواية أن الساردة، فى تلك اللحظة، هى يفدوكيا (إحدى الجدات)، أو جليكيريا، أو أريادنا، بينما تحلم الأم الساذجة باليوتوبيا الموعودة فى اللينينية الأولى، ثم فى ستالينية الحرب العالمية، وحفيدة بكماء لا تعرف كيف توثق ذاكرتها سوى بالرسم.

ومن خلال سرد ماتع، يقوم على أصوات الشخصيات نفسها (بأقل تدخل ممكن من السارد الأكثر علما) نطل على عالم وأحلام وذكريات النساء من ثلاثة أجيال، لنتعرف من خلالها على ملامح التحول فى المجتمع الروسى فى سان بطرسبورج فى أعقاب الثورة البلشفية، لتشكل ذاكرات النساء المرصد الحقيقى للتحولات فى المجتمع الروسى حتى انهيار الشيوعية فى نهايات القرن الماضي.

عمل ينبض بالحياة، كونه ابن الحياة، ويحتفى بالمرأة كونها الحامل والحافظ والناقل للذاكرة البشرية، تلك التى لا يحملها الرجال، فهم يموتون دائما فى الحرب.

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة