مجد خلف تكتب: فى عصر السماوات المفتوحة.. الاجتهاد هو الحل

الإثنين، 04 أكتوبر 2010 12:03 ص
مجد خلف تكتب: فى عصر السماوات المفتوحة.. الاجتهاد هو الحل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يقول الله تبارك وتعالى فى كتابه الكريم: (قُلْ سِيرُوا فِى الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) – العنكبوت 20.

يوجه القرآن الكريم فى هذه الآية الكريمة محمدا، صلى الله عليه وسلم، أن يأمر أتباعه والمؤمنين به بالسير فى الأرض، والنظر فى أحوالها وأحوال السابقين، وصولا بالنظر والبحث إلى كيف بدأ الله تبارك وتعالى الخلق حتى يوم القيامة؟ لأن كل ما فى الحياة الدنيا مطروح للتفكر والتدبر والاجتهاد، فى حدود ما جاءت به آيات القرآن الكريم، وما ورد فى السنة النبوية الصحيحة التى لا تنافى حقائق القرآن، ثم الاجتهاد متى وفق الله تبارك وتعالى إليه، وتوفرت شروطه من حيث مناسبته، وأهلية المجتهد.

ومع الأسف، أن نجد الاجتهاد فى أيامنا هذه قد أصبح وكأنه فريضة معطلة، فالمشكلات التى تفرض نفسها على واقع المسلمين تتفاقم، والظروف التى تستدعى اجتهاد العلماء تتكاثر وتكبر، وينظر عامة المسلمين حولهم فلا يجدوا اجتهاد العلماء فى نجدتهم، ولا من مغيث.

المشكلة الكبرى التى تفاقمت حتى أصبحت مشكلة كل بيت تقريبا، هى مشكلة زواج الشباب، وارتفاع تكاليفه واستحالة تحقق شروطه المادية، فى ظل الأزمات المالية المتلاحقة فى مجتمعات المسلمين، وفى العالم كله، هنا كنا نتوقع اجتماعا لمجتهدى علماء المسلمين لمحاولة إيجاد حل عاجل ناجع لهذه المشكلة التى تهدد سلام المجتمع الإسلامى، وتنقض أساسه الأخلاقى.

ومن المؤكد أن مشكلة كهذه تحتاج إلى الاجتهاد فى ظل الظروف الحالية، لأن القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة دعيا شباب الأمة إلى الإقبال على الزواج، باعتباره نصف الدين، ورسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: ( يا معشر الشباب.. من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فمن لم يستطع، فعليه بالصوم، فإن له وجاء)، أى يقى الشباب من الوقوع فى الفتنة والحرام، ولكن.. هل إذا وصلنا إلى ما نحن فيه من غلاء وصعوبة فى الحياة، لا نسمع من شيوخنا الأفاضل إلا الدعوة إلى الصوم مادام الشاب لا يجد ما يتزوج به؟ ونحن هنا لا نشكك أو نقلل من قيمة الصيام كأداة لإعفاف النفس عن ارتكاب المعاصى، ولكننا نتعجب من موقف علماء المسلمين المطالبين بالاجتهاد لإيجاد الحلول لما يعرض للناس من مشكلات.

فالشباب غير المتزوجين، فتيانا وفتيات، قد كثروا، وملأت أعدادهم السهل والجبل، والموقف أصبح لا يحتمل الحلول المخترعة التى قد يلجأ إليها بعضهم، فمن الزواج العرفى إلى الزواج السرى، إلى زواج المسيار أو الزواج المؤقت، إلى الصداقة التى فى معظم أحوالها لا تكون بريئة، ومع الزيادة المطردة فى أعداد الأطفال غير الشرعيين فى مجتمعات المسلمين، أصبح لزاما على علماء الأمة أن يجدوا حلا، وإلا فالانهيار الأخلاقى قادم لا محالة.

إننا نعيش عصر السماوات المفتوحة إعلاميا، وما يحدث على جانب من الكرة الأرضية يعرفه سكان الجانب الآخر فى ذات اللحظة، والغزو الفكرى الغربى لبلاد الإسلام أصبح لا يستطيع أن ينكره عاقل، ولن نستطيع أن نقاومه، وندحر آثاره المدمرة إلا بمزيد من الاجتهاد من علمائنا الأفاضل، وليكن عمر بن الخطاب قدوتهم فى اجتهادهم، حين أوقف، رضى الله عنه، تطبيق حد السرقة فى عام المجاعة، إذ لم يكن يستطيع أن يعاقب مسلما سرق ليأكل!

ومما يستوجب الاجتهاد المشكلات الأخرى فى الاقتصاد، والتعامل مع البنوك بالإيداع أوالاستدانة أو صرف الأرباح، والتعامل فى البورصة وسوق الأوراق المالية، والعلاقة بين الزكاة والضرائب، والشراء بالتقسيط مع الفائدة، هذا فى الاقتصاد، أما فى الاجتماع، فالقضايا أكثر من أن تحصى فى هذا المقام، فالإجهاض عامة، وإجهاض الأم الحامل لطفل مشوه أو متخلف عقليا من القضايا التى تتكرر فى المجتمع، والحمل ببويضة متبرع بها، واستئجار الأرحام، وزراعة الأعضاء من المتوفين والأحياء، والموت السريرى وموت جذع المخ، واستخدام أجهزة لإبقاء خلايا الجسم حية، بينما الإنسان قد مات، وقضايا الجوع والفقر فى معظم دول العالم، بينما يرفل البعض الباقى فى النعيم.

كل هذه وغيرها كثير، مشكلات من المؤكد أن حلولها كامنة فى الإسلام، فالحياة تتغير كثيرا على وتيرة سريعة، والنظم السياسية والاجتماعية والاقتصادية كلها قد تغيرت، والإسلام متروك لأعدائه ليطعنوا فيه بالجمود والتخلف والرجعية، ويتهموه بأنه لا يواكب الحضارة المتقدمة، ولا يتوافق مع ما يستجد من معطيات الحياة، ولكننا نرد على العالم بكلمات حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: ( أنتم أعلم بشئون دنياكم).

إنها دعوة لعلماء المسلمين، ممن تتوفر فيهم شروط الاجتهاد، أن ينظروا فيما خلق الله تبارك وتعالى بواقعية المجتهدين الباحثين عن حلول، لتستقيم أحوال الأمة، وينطبق عليهم قول الله تبارك وتعالى: ( وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) صدق الله العظيم – آل عمران 104 . والله من وراء القصد.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة