د. فادية أبو شهبة: مجهولو النسب .. قنبلة موقوتة تتجاهلها الدولة

السبت، 21 يونيو 2008 07:58 م
د. فادية أبو شهبة: مجهولو النسب .. قنبلة موقوتة تتجاهلها الدولة تصوير عصام الشامى
حاورتها إحسان السيد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
52 ألف حالة اغتصاب فى العام الماضى و14 ألف قضية لعديمى النسب، أرقام تنذر بخطر قد يزيد فى الأعوام المقبلة والدولة تتجاهلها، نظراً لنقص الإمكانات المادية. اليوم السابع طرحت تساؤلاً عن حقوق تلك الفئات، وحاورت الدكتورة فادية أبو شهبة أستاذة القانون الجنائى بالمركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية ورئيسة قسم المعاملة الجنائية.

كيف ترين نظرة المجتمع للمغتصبة؟
هذا موضوع غاية فى الأهمية، توصلت دراسة على مرتكبى جرائم الاغتصاب ونظرة المجتمع للمغتصبات، إلى وجود نظرة شديدة القسوة، وكأنها هى سبب الجريمة أو شاركت فى التحريض عليها، وهذه النظرة تخالف الواقع تماماً، بدليل أنه خلال العشر سنوات الأخيرة ارتفعت نسبة الجريمة، وتبين أن المجنى عليهن لم يعدن الفتاه اللعوب، كما كان يتردد من قبل، بل إنها قد تكون طفلة أو سيدة فى السبعينيات من عمرها.

من يساهم فى تكريس تلك النظرة؟
هذه النظرة يشارك فيها رجال الضبط القضائى، ابتداءً من ضابط القسم الذى تقوم فيه المغتصبة بالإبلاغ عن واقعة اغتصابها، ويتعاملون معها بنوع من عدم الحماس مقارنة بالتعامل مع الجرائم الأخرى، مما نتج عنه إحجام المجنى عليهن فى جرائم الاغتصاب، عن الإبلاغ بسبب هذه الإجراءات القاسية التى يتعرضن لها داخل أقسام الشرطة. يضاف إلى ذلك نظرة الأسرة، التى تعتبرهن وصمة عار وفضيحة كبيرة تعيش معهن مدى العمر، وبالتالى أثر ذلك على ارتفاع معدل الجريمة فى الآونه الأخيرة.

كيف نحد منها؟
الحد من هذه الظاهرة من خلال تغيير هذا المفهوم، وتغيير النظرة المجتمعية للمغتصبة ونتعامل معها على أنها الضحية، ولابد أن يلعب الإعلام دوراً فعالاً فى تغيير هذه النظرة باعتباره أكثر الوسائل تأثيراً على المجتمع.

لكن هناك اتهاماً لوسائل الإعلام بأنها تساعد على ترسيخ الفكرة السلبية عن المغتصبة؟
وسائل الإعلام لها دور مهم مؤثر وقوى، لأنها تصل لجميع الفئات العمرية وجميع المستويات المجتمعية، ولا يمكن أن ننكر أنها ساهمت بقدر ولو قليل فى هذه النظرة السلبية، وبالتالى يجب على القائمين عليها توخى الحذر فى تناول تلك القضايا الحساسة والتأنى فى إصدار الأحكام.

ذكر مساعد وزير الداخلية أنه هناك 52 ألف قضية اغتصاب فى العام الماضى، هل تتوقعين زيادة فى هذه النسبة؟
قضية الاغتصاب ترتبط بانتشار ظواهر أخرى فى المجتمع، كارتفاع معدل البطالة وتعاطى المخدرات وتأخر سن الزواج وجهل الشباب بكيفية استغلال أوقات فراغهم، فلا يجدون أمامهم سوى مجالسة أصدقاء السوء على المقاهى ومشاهدة أفلام الجنس، وبعدها يغتصبون أية ضحية تقابلهم دون التفرقة بين ما إذا كانت طفلة أو عجوز، وهذا مؤشر نتوقع من خلاله زيادة فى نسب حدوث حالات الاغتصاب.

نجحت تجربة المغرب فى إنشاء دور لرعاية المغتصبات والأطفال الناتجة عن هذة العلاقة، هل نحن فى احتياج لإنشاء مثل هذه الدور؟
بالطبع .. نحن فى احتياج شديد للجمعيات التى ترعى المغتصبات فى مصر بل ونعانى من نقصها، فلابد من علاج الضحايا بعد اغتصابهن أو التحرش بهن جنسياً، وعرضهن على الطب النفسى، بالإضافة إلى وجود بعض الجمعيات الأهلية فى مصر تقوم بهذا الدور من خلال الخطوط الساخنة للإبلاغ عن حالات الاغتصاب وهذا يساعد على سرعة الإبلاغ.

هل تعتقدين أن الإجهاض قبل مرور 120 يوماً يعتبر حلاً للمشكلات التى تواجهها المغتصبة؟
من الأفضل عند توقيع الكشف الطبى على المغتصبة عن طريق الطب الشرعى وكتابة تقرير عن واقعة الاغتصاب، أن يطبق إجراء مهم جداً ـ لكن للأسف يتم تجاهله ـ وهو عملية "تنظيف للرحم" حتى لا يكون هناك أية احتمالية لحدوث الحمل من الأساس، لكن ما يحدث أننا ننتظر حتى حدوث الحمل، ثم نقرر إجهاضه أم لا، ونضيع الوقت فى إثبات هل هذا حلال أم حرام؟!. كما أن هذا الإجراء يحميها من الإصابة بأمراض قد تتعرض لها نتيجة هذه الواقعة، فالاغتصاب أحد الأسباب المهمة للإصابة بمرض الإيدز، إلى جانب عدد من الأمراض المعدية.

هناك اقتراح لحقن المغتصبة بهرمونات بعد الإبلاغ لتقليل فرص حدوث الحمل؟
هذه حلول "غريبة" لأنه الأفضل من ذلك هو تنظيف الرحم، فلماذا نبحث عن الطرق الصعبة ونسعى للسير فيها!.

إذا تحدثنا عن الأطفال مجهولى النسب، سواء من الاغتصاب أو الظروف الاجتماعية، كيف ترين وضعهم فى المجتمع المصرى؟
هؤلاء الأطفال عادة ما ينظر إليهم بشكل سلبى، حيث إن الأسرة ذاتها ترفض وجودهم، وبالتالى نجد أنفسنا نخلق جيلاً جديداً من أطفال الشوارع.

هل إثبات حق نسب الطفل للأم، يحد من وجود هذا الجيل من أطفال الشوارع؟
الطفل مجهول النسب فى مصر ليس له أى حقوق، وأعتقد أن ما جاء به قانون الطفل بحق الأم فى نسب الطفل لها، لم يأت بجديد ولا يعتبر حلاً جذرياً يمكن الطفل مجهول النسب من الحصول على حقوقه، وجاء بهدف تقليل خطورة وجود أطفال لا يعرفون ذويهم فقط. كما أن هذا الإثبات سيكون دليلاً على عدم شرعية هذا الطفل، وبالتالى ستكون شهادة نسبه لأمه "وصمة عار" يعانى منها مدى حياته.

ماذا عن دور رعاية الأطفال مجهولى النسب؟
هناك عدد من دور الرعاية التابعة لمؤسسات المجتمع المدنى، تقوم برعاية هؤلاء الأطفال ولكن ليس بالشكل المناسب، فهناك بعض التجاوزات تقوم بها وتسىء للطفل بشكل أو بآخر. ودور المجتمع المدنى لابد وأن يقابله دور مماثل للدولة فى الرقابة عليها لضمان حماية أكبر للأطفال من خلال تحسين عملية التعليم وإعادة الثقة فيهم مرة أخرى وتأهيل العاملين فيها لتكون لديهم القدرة على التعامل مع تلك الفئة.

هذا عن دور المجتمع المدنى، أين دور الدولة؟
لابد أن نعترف أنه هناك نسبة كبيرة من هؤلاء الأطفال، لا يمكن تجاهلها وبالتالى على الدولة أن تتوسع فى إنشاء دور رعاية متكاملة لهم، إلى جانب المجتمع المدنى للقضاء على هذة المشكلة، لا يمكن أن ننكر أن الدولة لها دور فيها، لكنه ليس على المستوى المطلوب، بسبب نقص الإمكانات المادية اللازمة لإنشاء العديد من دور رعاية الأطفال مجهولى النسب، والرقابة عليها على الرغم من أنهم قنبلة موقوتة فى المجتمع فى حالة سوء رعايتهم.

هل قانون الطفل يعد ضامناً لحقوق الطفل فى المجتمع؟
الضبط الاجتماعى فى المجتمع لابد منه، وذلك من خلال مصادر مختلفة كالتشريع والأمن وأيضاً الدور الأساسى للأسرة كجهة غير رسمية، تساهم فى تحديد سلوك هذا الطفل، فمعاقبة القانون مصدر ضبط اجتماعى، ولكنه لا يعنى التزام الآباء به والقانون وحده لا ينظم المجتمعات، فالمواجهة الأقوى للمجتمع لا تأتى إلا من خلال تغيير المفاهيم الخاطئة.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة