أحمد حراز يكتب: مسافة قصيرة

الجمعة، 17 سبتمبر 2010 06:35 م
 أحمد حراز يكتب:  مسافة قصيرة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان يومه كالعادة مثقلاً بخوفٍ وقلقٍ مبررين وغير مبررين.. استيقظ مُتعَبا يتأفف من مرور الوقت اللعين سريعا.. حلق "ذقنه" حتى لا يعطى فرصةً لذلك الشبح النرجسى أن يؤنبه ويتعاظم أمامه.. ارتدى بزته الميرى النظيفة ثم صفَّف شعره القصير جدا ومارس "نظرية الأقحلطة" الشخصية، حيث نظر إلى مرآته التى ملَّت منه ورتِّل بعض ترانيم العُجْب الداخلى ليخفى بها هاجس الخوف من اللا شىء!! استقلَّ "سيرفيسا" داخليا لعيناً كى يلقى به فى فُوَّهة المنطقة العسكرية.. بدأ يومه كالعادة متشحاً بذنوبٍ روتينية.
مزاحٌ سخيفٌ مع أحد الأصدقاء يزداد سخونة كلما ازدادت حرارةُ الشمس .. غيبةٌ ونميمةٌ تقليدية وهمهماتٌ وغمزٌ ولمزٌ عن شخصياتٍ يكرهها ... مشاكساتٌ سخيفة مع سائق السيرفيس " المتسيِّس"!.
نظراتٌ غيرُ بريئة لنساءٍ فاتنات يتفننَّ فى هواية منح الذنوب الصباحية حيث الملابس الضيقة المكتنزة والأشكال البهلوانية اللائى يرسُمْنها على وجوههن الدميمة المتصابية .. دقَّق النظرفى تلك المرأة الممتلئة وسجل أرقاماً تقليدية فى عالم النظرات الشهوانية الصباحية .. هاجمه شعورٌ مفاجئٌ بوقاحةٍ مستفزَّة حيال ما يفعله، فأحس بمللٍ داخلىٍّ وقرر أنْ يغمض عينيه قليلاً عن ذنوبه اليومية.. أسند ظهره قليلاً إلى الوراء وأغمض عينيه فلم يظهر ملاكٌ أبيضٌ فى خياله ليشكره على ما فعله كما كان متخيِّلاً وكما سمع من حكايات قديمة مستمرة!. لم يأبه إلى العدمية التى لازمته فى لحظات الهجرة المفاجئة وقررأن يستمرَّ فى تنحية عينيه عن تلك المهمة المتدنيَّة.. مرَّت لحظاتٌ قليلة حتى تفتحت عيناه على سيارةٍ فارهةٍ ـ تمنى رؤيتها كثيراً ـ تمرُّ بجانبه سريعة خفيفة فأطفأ بها نهم العيون الجائعة. ابتسم حين أدرك هكذا وبكل بساطة قصر المسافة بين الرزق والمعصية!!









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة