مصر لن تسيطر على الزيادة السكانية

الإثنين، 16 يونيو 2008 10:36 م
مصر لن تسيطر على الزيادة السكانية الكاتبة الصحفية أمينه شفيق - تصوير ماهر اسكندر
حاورتها إحسان السيد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
رفع المؤتمر القومى الثانى للسكان الذى دعا إليه الرئيس مبارك، شعار "من أجل حياة بلا معاناة "، وبلور هدفاً له "الواقع لكل أسرة"، وانتهى إلى عدد من التوصيات تمثلت فى تفعيل دور رجال الدين والإعلام والمجتمع المدنى، فى التوعية بالشعار والهدف. من جانبها خصصت وزارة الصحة 480 مليون جنيه من موازنة الحكومة على مدى خمس سنوات لترجمة توصيات المؤتمر على أرض الواقع. اليوم السابع حاورت الكاتبة الصحفية أمينه شفيق، عضو المجلس القومى للمرأة حول توصيات المؤتمر.. جدواها وإمكانية تفعيلها.

تعانى مصر فشلاً مزمناً فى سياسات تحديد النسل، ما السبب؟
منذ عام 1964 ونحن نعانى من فشل تلك السياسات، والدليل تحول الطفل بمصر إلى مصدر بديل للإنفاق على الأسرة، خاصة فى الطبقات الفقيرة وما أكثرها حالياً، وبالتالى لن نتمكن من السيطرة على هذا التزايد، نظراً لأن الرسائل التى تشير إليها مؤتمرات السكان، لا يمكن أن تصل لسوى المتعلمين فقط.

أى أن الطفل أصبح مصدراً للاستثمار فى الأسرة؟
لا أعنى أن الطفل مصدر للاستثمار فى الأسرة، لأن هذا يعنى أن الأسرة تتعمد إجبار أطفالها على العمل والإنفاق عليها ووجود نوايا مسبقة لذلك، ولكن فى الحقيقة هى لا تستغله، لأنه عندما يولد تجبره ظروف الحياة على العمل منذ الصغر، ولا توجد حلول أخرى لدى الأسر الفقيرة والدولة لا توفر لهم العيش فى حياة كريمة، وبالتالى فإن ظروف الفقر التى يعانيها المصريون تجبرهم على تشغيل أطفالهم، وقد يصل الأمر لأكثر منه، ويمكن أن نتصور كل شىء.

هذا مؤشر على فشل الحلول الحكومية لمشكلة تزايد السكان بمصر؟
هذه المشكلة ليست أبدية، فمن الممكن حلها فى حالة اتباع نظام تنموى جيد، يضمن دخلاً جيداً للمواطنين، ونظام حياة يعينهم على الحياة بشكلها المتعارف عليه، مثلما حدث فى أوروبا.

معنى ذلك أن تبرير الدولة فشل سياساتها الاقتصادية بارتفاع عدد السكان مبرر غير صحيح؟
بالطبع، لأننا لو كنا بدأنا منذ عام 1964 عملية التنمية الاقتصادية، كنا قطعنا شوطاً كبيراً فى انخفاض عدد السكان، لكننا تعاملنا مع قضية تنظيم الأسرة وتعداد السكان بتوزيع بـ"الحبوب واللولب" بدلاً من تغيير الثقافة والمفاهيم السائدة، وهذا هو الخطأ الأكبر فى التعامل مع قضية الزيادة السكانية الخطيرة.

وكيف يتحقق هذا المفهوم؟
هذا دور السلطة، ويأتى بالأساس من خلال التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية الدائمة والمتواصلة التى تحقق التقدم بمصر، لكن للأسف الدولة تبتعد عن هذا الدور تماماً، وهو الدور الكفيل بتحقيق السيطرة على معدل السكان المتزايد.

كيف؟
هذا الخطأ نتج عن سوء الاستراتيجيات المتبعة فى هذه القضية. وفى رأيى: لم تستوعب أية حكومة مصرية، أسلوب التخطيط فى التعامل مع قضية تزايد عدد السكان منذ عام 1964.

ما رأيك فى توصيات المؤتمر الأخير؟
لن أتحدث عن تلك التوصيات، لأن الدولة إذا لم تضع أسلوباً معيناً للتخطيط التنموى الاقتصادى والاجتماعى والتخطيط البشرى، لن تكون هناك جدوى لتلك التوصيات.

كيف نحدد النسل بطفلين لكل أسرة مع سيادة ثقافة "العيل بييجى برزقه"؟
لا يوجد ما يسمى بالثقافة السائدة، هناك ثقافة يمكن تغييرها، لأن العادات والتقاليد تتغير بتغير العصر، وما يتخلله من تقدم اقتصادى واجتماعى، وبالتعليم يمكننا أن نغير هذا المفهوم. وبينما تردد الدولة أن السبب فى تزايد السكان هو انتشار مفهوم "إن العيل بييجى برزقه"، فهى التى تسببت فى ترسيخ هذا المفهوم بابتعادها عن دورها التنويرى والتعليمى لحاملى ثقافة "العيل بييجى برزقه"، ولم تعمل بناء على خطط مسبقة، وتجاهلت تدنى المستوى الاقتصادى والتعليمى، ثم تأتى فى النهاية لتلقى اللوم على المواطنين، وتقول: إنهم سبب فى مشكلتنا الاقتصادية ودفع عجلة التنمية.

وهل هناك إمكانية ليصل هذا المفهوم؟
بالطبع، ولكن على الدولة أن تعتمد على السياسات المخططة مسبقاً إلى جانب اعتمادها على المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية والإعلام ولا تسير وفق سياسة "كن فيكون"، فأين تخطيط الدولة لهذه السياسات وأين الدراسات؟!

لكن وزير الصحة ذكر أن الاستراتيجية المعلنة فى المؤتمر الأخير، جاءت بناء على دراسات مسبقة؟
المفترض أن تقوم تلك الاستراتيجيات على دراسات مسبقة، ولكن الواقع يثبت عكس ذلك، لأننا شعب لا يستفيد من التجارب السابقة، فكل وزير يسعى للعمل منذ أن تولى المسئولية فقط دون النظر لما حققه من يسبقه، والجبلى يريد البدء من حيث بدأ "الجبلى".

ردد البعض أن تخصيص 480 مليون جنيه لقضية تنظيم الأسرة، كان من الأولى أن تخصص للاقتصاد المصرى؟
لأ، الأفضل أن نسير وفق هذا الاتجاه، ولكن نسير وفق اتجاهين: تنظيم الأسرة إلى جانب التنمية الاقتصادية، وهنا لابد أن يدرك المسئولون أن التنمية لا تعنى أرقاماً بل تحديث الصناعات المختلفة التى لا تعتمد على عمالة الأطفال، أى نقل المجتمع من مرحلة تطور لما يليها، وحتى إذا كانت هذه المراحل تأخذ مدى طويلاً، فهذا لا يعنى عدم البدء فيها.

وأين نحن من تلك المراحل؟
نحن لم نصل لأية مرحلة من مراحل التطور الاقتصادى أو الاجتماعى، والسبب فى ذلك السياسات الحكومية الفاشلة.

يرى البعض أن توصيات المؤتمر بتفعيل دور الإعلام ورجال الدين والمجتمع المدنى لم تأت بالجديد؟
بالطبع، لأن تقصير تلك الجهات كان سبباً فى تراجع الوعى العام لدى المواطنين بقضية السكان وليس فقط تلك الجهات ولكن الدولة ذاتها "كانت ناسية تنظيم الأسرة".








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة