"التحريات"بوابة اتهام الأطفال فى جرائم لم يرتكبوها.. المتهم بالتعدى على مياه النيل فى أسيوط رضيع.. والمؤبد لطفل عمره 3 أعوام بسبب تشابه الأسماء.. ووزارة الداخلية: الخطأ وارد خصوصا فى الأحكام الغيابية

الثلاثاء، 15 مارس 2016 06:17 م
"التحريات"بوابة اتهام الأطفال فى جرائم لم يرتكبوها.. المتهم بالتعدى على مياه النيل فى أسيوط رضيع.. والمؤبد لطفل عمره 3 أعوام بسبب تشابه الأسماء.. ووزارة الداخلية: الخطأ وارد خصوصا فى الأحكام الغيابية وزارة الداخلية
كتب: سهام الباشا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من منا يمكنه أن يتخيل طفله ذو الأشهر الأولى من حياته، متهما بارتكاب جريمة يعاقب عليها القانون، ويجب أن ينفذ عليه حكما بالسجن يصل إلى 25 عاما، وهى تهما لا يمكن تصديقها، إلا إذا كان طفلا خارقا للطبيعة.

الفترة الماضية ظهرت قضايا أقل ما يمكن وصفه أنها خارج المنطق، فالمتهم فيها ليس شخصا عاقلا يثاب ويعاقب بقدر أفعاله، بل طفلا صغيرا لا يزال فاقدا للأهلية متهما بارتكاب جرائم مكتملة الأركان.

الطفل محمد عبد الرحمن هو أصغر متهم، صاحب العشرة أشهر أسرته فوجئت بتوجيه تهمة التعدى على مياه النيل بقرية السمطا لرضيعهم، الأكثر دهشة أن هذه القضية حرر فيها المحضر للطفل قبل ولادته.

الدكتور خالد وصيف المتحدث باسم وزارة الرى، اعترف أن هناك خطأ فى مرحلة الاستدلال و جمع المعلومات هى التى أدت لتوجيه الجريمة فى حق الصغير، وأن الخطأ من الموظف المكلف بالضبطية القضائية، حيث كان يقصد شقيق الطفل و يدعى أحمد و لكنه دون اسمه بالخطأ و بعدها أنجب الولد وتم تسميته محمد.

قصة محمد عبد الرحمن تعيد للأذهان القصة الأشهر فى اتهام الاطفال فى قضايا كبرى، و هى قضية الطفل أحمد منصور ذو الـ3 أعوام، و الذى صدر ضده حكما بالسجن المؤبد لاتهامه بقتل 4 مواطنين، والشروع فى قتل 8 آخرين، وتخريب ممتلكات عامة أثناء مشاركته فى مظاهرة لجماعة الإخوان الإرهابية.

وقعت أحداث القضية المتهم فيها الطفل، عام 2014 وكان يبلغ من العمر وقتها عام ونصف، المبرر الذى طرحته الجهات الأمنية وقتها هو أن هناك "تشابها فى الأسماء"، و بناء عليه أصدر رئيس الجمهورية قرارا بالعفو عن الطفل و فتح تحقيق سريع عن الخطأ الذى وقع فى هذه القضية.

الوقائع السابقة تقودنا إلى المرحلة الهامة والأساسية فى أى قضية، وهى مرحلة "الاستدلال وجمع المعلومات"، وتعتبر المهمة الأولى لرجال الأمن بداية من المرشد الذى يتعاون مع ضباط الشرطة مرورا بالمسئولين عن الضبطيات القضائية داخل الدولة، حيث يقوم فيها هؤلاء بتجميع كل الوقائع و الأحداث و تربيطها، و فى حالة عدم اطمئنان أى منهم للمعلومات التى تقع بين أيديهم عليهم استكمالها من مصادر أخرى، وهو ما يستلزم الإجابة على مجموعة من الأسئلة الخاصة بالمتهم حتى لا تظهر لنا قضايا متهم فيها رضع، فإذا تخيلنا عدد من الأسئلة التى تم طرحها أثناء مرحلة جمع المعلومات عن هؤلاء المتهمين فستدور حول "من" قام بارتكاب هذه الجريمة، ثم "ماذا" فعل و هى عبارة عن التهم التى تم توجيهها، و من الأسئلة البديهية أيضا "عمر المتهم"، وهنا كانت الكارثة عندما كشفت الوقائع السابقة أن أعمار المتهمين تتنافى مع طبيعة البشر والقدرة على ارتكاب جرائم كتلويث مياه النيل أو حتى قتل 4 أشخاص، ولهذا كانت الأعمار المدونة لهؤلاء الأطفال فى دفاتر القائمين بجمع المعلومات غير أعمارهم الحقيقية.
كما تأتى الاجابة على سؤال "متى وقعت الجريمة" لتكشف جزء آخر من ضعف مرحلة جمع المعلومات، حيث كشفت قضية اتهام الطفل محمد عبد الرحمن بتلويث النيل، بأنها وقعت قبل أن يولد أصلا، مما يشير إلى أن القائم بالضبطية القضائية لم يتأكد من الواقعة وإسم فاعلها.

وبناء على ذلك تصبح المعلومات الخاصة بالمتهم بداية من اسمه و شهرته و عمره و الحالة الاجتماعية و الديانة والمؤهلات العلمية ومحل الإقامة و تاريخ الميلاد فضلا عن سلوك المتهم وعلاقاته كلها معلومات غير مؤكدة، طالما أن الإجابة على هذه التساؤلات كان غير صحيح من البداية.

التفسير الذى يراه اللواء جمال أبو ذكرى الخبير الأمنى، هو أن المسؤولية تقع على المبلغ نفسه، فمثلا فى حالة الطفل محمد عبد الرحمن المسؤول عنها وزارة الرى لأنها المنوطة بالضبطية القضائية فى هذا الشأن، أما بالنسبة لباق الحالات يرى أبو ذكرى أن تشابه الأسماء هو الكارثة وراء اتهام هؤلاء الأطفال خاصة فى الصعيد و سيناء، فأغلب الصعايدة من نفس العائلة تتراوح أسماؤهم ما بين محمد و أحمد، و نفس الأمر بالنسبة لسيناء التى يطلقون اسم مُسلم على أغلب أبناء القبيلة".

الخطأ الوحيد من وجهة نظر الخبير بجهاز الأمن القومى يتمثل فى المعلومات المتعلقة بالإسم فقط، حيث قال "قد تكون باقى المعلومات صحيحة بدليل أن العمر المدون فى الحالات السابقة يكون لشخص بالغ و ليس لطفل صغير".

ويرى أبو ذكرى، أن الحل هو تعميم تجربة ميكنة المعلومات داخل أقسام الشرطة فى كل المحافظات، حتى تصبح كل المعلومات مؤكدة و لا يوجد فيها أى تعارض.

فيما يقول اللواء أبو بكر عبد الكريم مساعد وزير الداخلية للعلاقات العامة والإعلام، أن احتمالات الخطأ واردة، خصوصا عندما تتعلق الأمور بالأحكام الغيابية.

وفسر اللواء أبو بكر عبد الكريم، كلامه بقصة الطفل أحمد منصور الذى اتضح فيما بعد أن تشابه فى الاسم بينه و بين شخصا آخر، قائلا: "من غير المنطقى أو المعقول توجيه هذه الاتهامات لطفل صغير، و لأن المتهمين هاربين، لم يتم اكتشاف هذا الخطأ الناتج عن تشابه الأسماء".

وعن المراحل التى تمر بها أى قضية يقول المحامى أحمد مصيلحى رئيس شبكة الدفاع عن الطفل، هناك ثلاثة مراحل، الأولى هى مرحلة الاستدلال وجمع المعلومات التى يقوم بها أفراد الشرطة، ثم أقوال المجنى عليه وأقوال الشهود وكل المعلومات المرتبطة بالمتهم، أما المرحلة الثانية فهى النيابة وهى مرحلة إثبات المعلومات و التأكد من صحتها وبناء عليه تتخذ النيابة قرارها بحفظ التحقيق أو الإحالة إلى المرحلة الثالثة وهى المحاكمة.

ويضيف مصيلحى، أن أى خلل فى مرحلة من هذه المراحل ينتج عنه مثل هذه الأخطاء، وحتى لو حدث تشابه فى الأسماء فهى مسئولية لا يمكن تفاديها فى مرحلة التحريات لأنها تعكس نوعا من التقصير".

ويؤكد رئيس شبكة الدفاع عن الطفل، "أنه إذا لم يكن القائم بالتحريات متأكد من معلوماته فكيف سيتأكد من أن الشخص هو من ارتكب هذه الجريمة من عدمه و ما هى أدلته على ذلك، فلا يجب الاستماع فقط لأى معلومة تقال بل يجب التأكد منها والتحقق من صحتها"، كما أن وزارة الداخلية لديها ميكنة للمعلومات وتعتبر من أفضل الأجهزة ولكنها تحتاج إلى التفعيل حتى تكون فى مصلحة المواطن.


موضوعات متعلقة


- والد الرضيع المتهم بتلويث النيل بسوهاج مناشدا السيسى:أجيب فلوس الغرامة منين










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة