عمرو علاء يكتب: الدخول بـ"الشباشب" الرسمية

الخميس، 29 يوليو 2010 08:18 م
عمرو علاء يكتب: الدخول بـ"الشباشب" الرسمية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
المشهد الأول: فى ليلة من ليالى القاهرة الدافئة عام 1958، جلس الأستاذ "شلبى" على مقعد رقم "31" فى أحد المسارح الراقية مرتدياً البدلة "السموكنج" التى اشتراها خصيصاً لحفل أم كلثوم الذى سيبدأ بعد دقائق، وتجلس بجواره زوجته مدام "فريدة" بفستانها السواريه، ويسود الهدوء الأنيق فى جنبات المسرح المزدحم الذى تزينه بعض الهمهمات الخفيفة من الحضور ترقباً وإجلالاً للمكان العريق، والحفل على وشك البدء ويصمت الحاضرون ويجلس الواقفون وتفتح ستارة المسرح وتظهر الفرقة الموسيقية ويبدأ الطرب من سيدة الغناء العربى.

المشهد الثانى: فى صيف 2010، وعلى نفس المسرح الذى تحول إلى سينما "صيفى" بعد توقف حفلات الطرب والمسرحيات الهادفة بسبب انخفاض جمهورها، ويجلس على نفس المقعد رقم "31" الأستاذ "حمادة" مرتدياً التيشرت الأحمر والبنطلون الرياضى و"الشبشب" منتظراً بدء فيلم "اللمبى" وتجلس بجواره زوجته مدام "جى جى" مرتدية العباءة السوداء المزينة بالنقشات و"الترتر" تأكل بعض اللب الأبيض وترمى بقشره أسفل الكرسى دون أن يلحظها أحد، ويضحك الأستاذ حمادة بصوت عال على طفله ذو العامين وهو يركض على طرقات المسرح مصرخاً بصوت شديد كصفير القطار المزعج، ولكن الأب السعيد يتفرج على ابنه معلناً فخره "شايفة يا جى جى الواد ما شاء الله طالع شقى زى أبوه" وقاعة السينما مكتظة بالحضور والكل يتسامر ويتحدث بصوت عال تشعر به أنك تجلس فى محطة لمترو الأنفاق وتظلم القاعة ويبدأ الفيلم وتسكت الهمهمات العالية من الجمهور بعد بدء الفيلم "بربع ساعة".

الفارق بين المشهدين واضح!! الأستاذ "شلبى" تأنق بشدة من أجل أن يذهب للاستمتاع بالطرب الأصيل فى مكان تسوده الأصالة والعراقة، والأستاذ "حمادة" يلبس "الشبشب" عند ذهابه للسينما، لأن من وجهة نظره أن الجو حار والفيلم مستواه ضعيف ومفيش مشكلة من لبس أى شىء حتى لو كانت بيجامة.

وهنا نتأمل ظاهرة انعدام الذوق والشياكة واحترام المكان أو الأشخاص أمامنا وأصبح ارتداء الشبشب فى التنزه أو حضور الأحداث هو الغالب.

وقد أفجعنى مظهر أحد الأشخاص وأنا أقوم باستخراج شهادة ميلاد طفلى حديث الولادة من مكتب السجل المدنى الحكومى وقد ارتديت يومها ملابس بسيطة، ولكن أنيقة، احتفالاً بحصول طفلى على أول شهادة فى حياته، أفجعنى مظهر هذا الشخص الذى أتى لنفس المهمة مرتدياً الشورت و"الشبشب" والتيشرت الأبيض المقفهرة دون أدنى اهتمام بمظهره أمام الموظفين والمواطنين، بل هو يعتقد أن ما يرتديه هو الموضة ولكن فى اعتقادى أنه عندما سمع أن تلك هى الموضة الحديثة لم ينتبه إلى أنها موضة الشاطئ أو المنزل، حاله حال الكثير من الشباب المتحلى بالامبالاه وعدم الاحترام.

يجب علينا العودة إلى توعية أبنائنا وإيقاظهم من السبات العميق فى بحور الكسل والجهل والتقليد الأعمى، يجب علينا تنبيههم قبل فوات الأوان من مخاطر تلك الأمراض العصرية اللعينة التى أصابت الشباب بالبلاهة وانعدام "الطموح والوطنية"، وذلك بزيادة دعوات التوعية فى وسائل الإعلام والاهتمام بالتعليم من الصغر، خاصةً بمادة التربية الدينية والوطنية دون أى تشدد حتى ينبغ الطفل متذكراً ربه و مسئولاً عن نفسه وأهله ووطنه الذى نسيه تمامًا.

كلمة أخيرة: لكل مقامٍ مقال، ولكل مكان احترامه سواء بالمظهر أو بحسن الخلق.
فإذا فقدت احترامك لمكان أصيل فقدت احترامك لنفسك، والمكان الأصيل فى قلبى هو "مصر".









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة