محمد حمدى

رؤوف نظمى "حكيم" الثورة الجزائرية.. والفلسطينية

الإثنين، 12 يوليو 2010 01:09 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم أكن أنوى الخوض فى موضوع العلاقات المصرية الجزائرية مرة أخرى، بسبب التراشق بين المصريين والجزائريين تعليقا على كل ما يكتب، ولأننى دعوت فى مقال سابق جميع المصريين والجزائريين أن نقل خيرا أو نصمت، فقد قررت الصمت، لكن الزميل سعيد الشحات كتب أمس مقالا عن صحفى مصرى شاب استشهد فى الثورة الجزائرية، ردا على كثير من القراء الجزائريين الذين يشككون فى مشاركة مصريين فى حرب تحرير الجزائر من الاستعمار الفرنسى.

وقد روى الصديق سعيد الشحات قصة موثقة سمعها بنفسه من ضابط مخابرات مصرى شارك فى هذه الحرب، لكننى أذكر هنا قصة طبيب مصرى شاب ترك مصر وذهب إلى الجزائر ليعمل فى تطبيب جرحى الثورة الجزائرية، اسمه رؤوف نظمى ميخائيل، وكان اسمه الحركى فى الحركة الشيوعية المصرية محجوب عمر، وهو الاسم الذى رافقه فى الجزائر، ثم فى صفوف الثورة الفلسطينية.

عرفت محجوب عمر أو الحكيم، كما يطلق عليه أصدقاؤه وتلاميذه عام 1987، كان قد عاد من بيروت إلى القاهرة بعد سنوات قضاها فى حركة فتح مناضلا فى الأردن ولبنان، وكان أحد أبرز معاونى خليل الوزير أبو جهاد الرجل الثانى فى حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية قبل استشهاده فى تونس.

كان أبو جهاد قد خرج مع الفصائل الفلسطينية من بيروت إلى تونس وعاد محجوب عمر إلى القاهرة، وأسس فرعا لمركز الدراسات الفلسطينية فى القاهرة، وهو المركز الذى كان مقره حى الفكهانى فى بيروت وفجرته إسرائيل ونجا منه الحكيم بأعجوبة، لكنه دفن العديد من تلاميذه وزملائه الذين استشهدوا فى هذا الهجوم.

فى أحد الأيام حيث كنت أعمل فى بداية حياتى مع محجوب عمر، قال لى مناضل فلسطينى فى زيارة للقاهرة: هل تعرف أن الرجل الذى تعمل معه الآن حارب فى الثورة الجزائرية؟.. لم أكن أعرف ولم يقل لنا الحكيم ذلك وحين سألته رد: لا يسأل إنسان عن واجب قام به.
كان محجوب عمر قد ألقى القبض عليه مع معظم الشيوعيين المصريين فى عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ودخل إلى سجن الواحات، حيث أجرى هناك مراجعة لأفكاره، ورأى أن النضال الحقيقى هو فى صفوف الثورة العربية ضد الاحتلال، وليس فى مصر التى كانت قد تخلصت من الاحتلال الإنجليزى.

خرج محجوب عمر من المعتقل وذهب إلى الجزائر، وظل فى صفوف الثورة الجزائرية، يحمل بندقية فى يد، ومشرط جراح فى اليد الأخرى، يداوى جراح الثوار الجزائريين حتى انتصرت الثورة الجزائرية، فترك محجوب الجزائر لكنه لم يعد إلى مصر وإنما ذهب إلى الأردن حيث التحق بصفوف منظمة التحرير الفلسطينية، وأصبح يحمل السلاح والمشرط والقلم.

حارب محجوب فى الثورة الفسطينية ونفذ عمليات داخل الأراضى المحتلة، ثم انتقل مع فتح إلى بيروت عقب أحداث أيلول الأسود، وفى بيروت شارك فى تأسيس مركز الدراسات الفلسطينية، حيث ترجم مئات الكتب والمقلات والدراسات الإستراتيجية التى تهم الثورة، أو التى تدرس الداخل الإسرائيلى وكيفية التعامل معه.

وحينما عاد إلى القاهرة فى منتصف الثمانينيات كان شرفا لى أن أبدأ حياتى العملية معه، تعلمت منه الكثير، وحكى لى بعضا من ذكرياته، وفى يوم من الأيام سألته لماذا لا تكتب مذكراتك؟.. فرد ليس بها ما يستحق الكتابة، لم يكن هذا إلا تواضع الكبار، فقبل أن يرحل الرئيس الفلسطينى ياسر عرفات، منحه أعلى وسام فلسطينى، وجاء وزير الثقافة الفلسطينى إلى منزل محجوب عمر أو رؤوف نظمى حيث يرقد فى فراش المرض ومنحه الوسام.. تقديرا لدوره فى الثورة الفلسطينية، لكن الحكيم لم يطلب أبدا وساما لا فلطسينيا ولا جزائريا.. ولا حتى مصريا.. لأنه فى قرارة نفسه مصرى مؤمن بالعروبة عاش وناضل وكافح وتعرض للموت عدة مرات دفاعا عما يؤمن به.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة