يسرى الفخرانى

كان خاتم فى أصبعى.. وراح!

الأربعاء، 07 يوليو 2010 07:31 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
اليوم أتزوج مرة أخرى، الليلة فرحى، أنا عروس مرة ثانية، وليست ثالثة أو رابعة أو خامسة، هذه المرة أنا اخترت العريس، لا أخفى عليكم أننى خائفة جداً من التجربة الثانية، لكن قلبى يرقص من الفرح.

أكتب هذه السطور التى تحمل مشاعرى صباح حفل الزفاف.. وسوف أضعها على الفيس بوك مشاركة منى لكل الأصدقاء الذين لا يعرفوننى ولا أعرفهم، هذه مشاعر يجب أن توصف قبل حدوثها، بعد ساعات قليلة سوف يدخل حياتى رجل آخر، رجل ثانى، يضع بصماته على جلدى وأيامى، ولا أعرف تماماً صدقونى هل هو الرجل المنتظر، أم أننى أكرر لمرة ثانية محاولة انتحار امرأة تبحث عن رجل!

أعذرونى، أنا مرتبكة، أكتب كل ما يمر بى دون أن أفكر به، فى السنة الماضية، كان الوقت فى مايو على ما أحاول أن أنسى، كنت عروساً للمرة الأولى، يوم طويل لا أرجو له أن يعود، بدأ بحلم مبهج.. وانتهى بحلم أسود، كل بنت هى فى النهاية مهما كان دهاؤها ومهما كانت أنوثتها بنت، فى ليلة فرحها تلغى كل عقلها وتصبح عروساً منتعشة تريد أن تصبح أجمل بنت فى الدنيا، أجمل بنت فى الليلة، ترقص وتغنى وتفرح وترفع فستان فرحها فى زهو ملكة وكبرياء إمبراطورة، تضحك بكل حرف من حروفها، تسرق كل أفراح الناس وتجعلها فرحتها، تتصور نفسها منى زكى وأكثر، فى هذا اليوم كنت أنا.. هذه العروس التى تبحث عن عتبة السعادة لتخطو عليها كما الأطفال، قالت صديقاتى فى أذنى همساً وكنا نرقص على أغنيات تامر حسنى إ عريسى يبدو خجولاً.. وضحكنا، قليلات الأدب، من قال إن البنات لا يعرفن الكلمات التى تحمل إيحاءات مدهشة ولها معانى كثيرة!

فى هذه الليلة.. عرفت معنى أن يكون عريسى خجولاً، ولم يدم الخجل.. تم الطلاق فى هدوء يليق بلم الفضيحة، عائلتان من كبار النسب، يتبادلان عتاباً واتهامات طالت شرفى كما لحقت برجولته، وقالت لى أمى بندم وقلق: "نصيبك، ربنا يجعل نصيبك المرة الجاية أبو أولادك"، ولا أعرف أصلاً لماذا يرتبط خجل زوجى السابق بالأولاد، ولماذا لا يرتبط خجله بحقى أولاًَ فى نفسى، فى حياتى، فى أنوثتى، فى صبرى، ولماذا لا تكون الدعوة هكذا: "ربنا يجعله راجل يسعدك ويهنيك ويرضيك"، هذه دعوة تحبها البنات، مش كده يا بنات؟ كان العريس الأول يبدو لقطة، منظره مظهره كلامه عطره، "حسدونى وبان فى عينيهم"، بعض صديقاتى قليلات الأدب من رأيهن أننى تسرعت بالفضيحة والطلاق، وأن الرجل ربما لم يأخذ وقته وفرصته فى التعبير عن كامل مشاعره، وهن أيضاً أصحاب الرأى الذى يقول إننى أضعت فرصة نادرة لرجل كان يمكن أن يصبح "خاتم فى أصبعى"، أنا أتكلم بصراحة، هان على بنت تقولها: "كان ممكن تبقوا أصحاب وكده يعنى"، وفهمت ما تقصد، لكن تربيتى وأخلاقى وأحلامى رفضت أن تفهم، عرفت فيما بعد أننى عبيطة، ساذجة، وأن ثلاثة أربعة خمسة من كل عشرة زوجات لهن رجال ورثوا الخجل أو الابتسامة العريضة التى تشبه ثلاجات الأيس كريم! ومع ذلك "عايشين، وكل يوم هدية، وكل ليلة ألماظات وسهر".

لكن مرة أخرى أؤكد لست أنا.. أنا لمن يريد أن يعرف.. أقدس الحياة الزوجية بكل ما فيها من تفاصيل صغيرة ومهام صعبة وأدوار كبيرة، والحب عندى مثل الهواء والماء، لا حياة بدونه ولا حياء فيه!

ولهذا أنا هنا، على الفيس بوك أدون اعترافاتى قبل الأخيرة فى ليلة زفافى الثانية والأخيرة.. الأخيرة لأن قلبى يحدثنى هذه المرة أننى اخترت بالحاسة التى تسبق المشاعر، حاسة سرية تشم رائحة الرجولة، الرجولة التى تجعل الشجر قبل الربيع هنشوفه أخضر، على رأى أم كلثوم، وتمنحنا طعم البيوت بكل دفئها وسكونها الممتع، هذه المرة يتراجع القلب كما سباق الأغنيات فى الأذاعة إلى المرتبة الثانية، بينما أضع علامات صح فى قائمة الرجل الثانى على اختبارات شهامته، طيبته، رجولته، أحلامه، قوته، نظراته، عقله، قامته، كبرياءه، كرامته، دقته.. وهكذا، لست عروساً هذه الليلة، إنما حكيم عيون أفهم فى الرجل الذى اخترته شريك حياتى، أراه عن بعد.. عن قرب.. بالحقيقة.. بالخيال، كى يطمئن عمرى أننى لن أقضيه تجارب واختيارات خاطئة، فرحى الليلة ولا يهمنى أن أكون أجمل بنت فى الكون.. لكن أن أختبئ آخر الليل فى قلب رجل قادر مائة فى المائة أن يحتوينى.. أسمع منه كلاماً يشبه جنون الشعراء وبخور الدروايش وطيش البحر وقطرات المطر، أعود فى حضرته طفلة، فى طلته عصفور، فى ابتسامته نقطة على سطر.

لن أرقص الليلة، لن أغنى، لن أدوخ، لن أضحك كالبلهاء، أنا الليلة عروس صاحية وليست عروساً بلاستيك، أدخل دنيا من جديد وأتمناها دنيا واسعة فيها كل ما تتمناه أى بنت، الصحبة الجميلة التى تعنى كل شىء فى مشوار العمر، يعنى ببساطة رجل أسلم له عمرى فيمنحنى عمراً على عمرى، بأحلم؟.. يجوز.. لكن هى إيه الدنيا من غير حلم نشخبط صورته على كل باب يقابلنا؟

يبقى أن أصف لكم سيداتى سادتى فى عبارات أخيرة ومختصرة كيف أبدو فى بروفة فستان الفرح، يبدو الفستان فى المرة الثانية أننى أعيش فى فستان بنت أخرى، ارتداء فستان الفرح للمرة الثانية حالة من الشعبطة فى آخر شعاع شمس قبل غروبها، يبدو فستان سلف على الرغم من أنه جديد، إصرارى على حفل زفاف وفستان فرح كان نزوة أعلن ندمى عليها فى الساعات الأخيرة، قلبى يكاد يهرب من صدرى، هل أنا أرتكب الحماقة نفسها التى قد تؤدى إلى طلاق جديد، لا أحد ينسى الطلاق الأول.. ولا أحد يغفر أبداً الطلاق الثانى!

أريد أن أعيش، الآن أتذكر أو أتصور أننى كان يمكن أن أحتمل زوجى الأول.. ولا يقولها أحد من أمامى أو ورائى.. امرأة مطلقة.. رصاصة فى القلب.. توجع ألف مرة ولكنها لا تقتل أبداً وهذا سر العذاب منها.

لا أريد أن أعود إلى بيت أهلى بعد الليلة.. إلا ضيفة، خفيفة لطيفة أنتظر زوجى لنعود إلى بيتنا، نتخانق نتصالح نتعاتب نتعانق، نكره بعض شوية نحبها شوية نمشيها شوية.. هى الحياة إيه غير شوية حاجات متناقضة.. تصنع أيامنا وليالينا.. أدعوا له!









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة