مصادر سودانية: مسار مفاوضات سد النهضة لا يبشر بخير ولابد من القضاء الدولى.. إثيوبيا تتلاعب بـ"إعلان المبادئ" ولا تعترف بحصة مصر المائية.. ووزير الرى الأسبق: أديس أبابا ستفعل ما تشاء والنتائج كارثية

الجمعة، 18 ديسمبر 2015 02:05 ص
مصادر سودانية: مسار مفاوضات سد النهضة لا يبشر بخير ولابد من القضاء الدولى.. إثيوبيا تتلاعب بـ"إعلان المبادئ" ولا تعترف بحصة مصر المائية.. ووزير الرى الأسبق: أديس أبابا ستفعل ما تشاء والنتائج كارثية سد النهضة - أرشيفية
كتبت أسماء نصار

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يرى كثير من القائمين على ملف سد النهضة أن المنحنى الذى تسير فيه المفاوضات لا يبشر، ولابد من اللجوء إلى القضاء الدولى للفصل فى هذه القضية بدلاً من تضييع الوقت، لأن إثيوبيا تستثمر هذا جيداً، حيث قال أحد المسئولين السودانيين أنه من حق القاهرة اللجوء إلى المحافل الدولية طالما أنه سيكون فى مصلحتها .

وأكدت مصادر مطلعة بالملف فى السودان، أن أديس أبابا تتلاعب بـ"إعلان المبادئ" لأنها لم تلتزم ببنوده ولا حتى وافقت على الإدارة المشتركة فى السد، بل تسعى دائماً لإهدار المزيد من الوقت وتقييد المفاوض المصرى، وذلك بهدف الانتهاء من بناء السد، حيث إن مصر طالبت خلال الاجتماع الأخير بوقف الإنشاءات، إلا أن أديس أبابا رفضت.

وكشفت المصادر التى فضلت عدم ذكر اسمها، أن إثيوبيا لا تخشى أن تثبت أن سد النهضة له آثار سلبية على حصة مصر المائية، لأنها لا تعترف بهذه الحصة ولا بالسد العالى، ولا باتفاقية 1959 وأن ردها هو أن أى نقص فى الحصة المائية حق إثيوبى أصيل فى مياه نهر النيل، وهى الدولة التى يأتى منها معظم إيراد النهر.

وطالبت المصادر المفاوض المصرى بضرورة الحذر من إثيوبيا، حيث إنها تلعب على عامل الوقت وتهدر فيه قبل الانتهاء من الدراسات حتى تكون قد انتهت من أغلب إنشاءات السد، أو على الأقل الانتهاء من المرحلة الأولى وبدء توليد الكهرباء الذى غالبا ما سيكون مع فيضان العام المقبل، وبعد الانتهاء من الدراسات ستظهر الضغوط الخارجية والداخلية الأمر الواقع والتفاوض حول سنوات التخزين، مع "حوافز إثيوبية" بشراء الكهرباء منها بسعر مخفض منها.

من جانبه علق الدكتور محمد نصر الدين علام وزير الرى الأسبق، قائلاً "الصورة الآن مبهمة والجانب الإثيوبى يماطل فى الرد على الشواغل المصرية بشأن بناء سد النهضة، وهذا ظهر بشكل واضح خلال الاجتماع اللجنة السداسية بين مصر والسودان وإثوبيا"، مشيراً إلى أن مصر ارتكبت أخطاء جسمية طيلة السنوات الماضية، فتركت مصر إثيوبيا تسير فى خطواتها ببناء السد، ولم تتدخل واتبعت سياسية "حسن النية" حتى كبر الحلم الإثيوبى، وزادت المخاطر على حياتنا، وأن مصر بدأت الاهتمام مؤخراً عندما اقتربت المخاطر بنا، حيث أعربت عن هذا القلق بشكل واضح من خلال الاجتماع الأخير.

وأضاف علام أن هناك دعما وتمويلا ضخما لإثوبيا من دول كبرى بهدف ضرب مصر، مشيراً إلى أن هناك أيضاً دولا صغيرة تدعم إثوبيا بالمال، لكن فى الخفاء، لافتاً إلى أن هناك شبه لوبى مشكل لمساعدة إثوبيا فى بناء السد، بهدف ضرب مصر، وأنها أصبحت القوة الفاعلة فى القرن الإفريقى، بعد غياب مصر فى أعقاب ثورة 25 يناير.

وأكد علام أن مسار المباحثات الفنية الحالى لن ينتهى بأى حلول مرضية للجانب المصرى، وأن إثيوبيا مع مرور الوقت ستفعل ما تشاء من تخزين وتشغيل للسد، وأن التبعات ستكون كارثية مائياً واقتصادياً واجتماعياً وأمنياً وسياسياً على مصر، وأن سد النهضة مبالغ فى حجمه وارتفاعه، كما أن كفاءته فى توليد الكهرباء متدنية ولا تبرر هذا الحجم، وإيراداته المالية من بيع الكهرباء قد لا تغطى تكاليفه.

وطرح علام، عدة حلول من بينها مبادرة سياسية جديدة يقودها الرئيس عبد الفتاح السيسى بطلب عقد قمة ثلاثية لتصويب المسار والتفاوض السياسى حول تجنب أضرار السد على مصر، ومطالبة إثيوبيا بوقف إنشاءات السد بعد الانتهاء من مرحلته الأولى، وتكليف الخبراء الدوليين أعضاء اللجنة الثلاثية الدولية الذين وافقت عليهم الدول الثلاثة من قبل عام 2012 لاستكمال الدراسات الهيدرولوجية والبيئية والإنشائية للسد.

وأضاف علام فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" بعرض نتائج الدراسات على وزراء الخارجية والرى فى الدول الثلاثة للتوافق حول النتائج والتوصيات والتوصل إلى اتفاق نهائى لحل هذه الأزمة، وإذا قبلت إثيوبيا هذا المقترح فمن الممكن التحرك أيضاً لإحياء تجمع النيل الشرقى للتعاون فى مشاريع استقطاب فواقد النهر وزيادة إيراده، بما يسمح لإثيوبيا تنفيذ بعض سدودها بدون التأثير السلبى على دولتى المصب.

وإذا لم تجد هذه المبادرة القبول أو التفاعل المناسب لدى إثيوبيا فعلى مصر المطالبة بوساطة دولية أو إقليمية للتوصل إلى حل مناسب للأزمة فإن فشلت جهود الوساطة فعلى مصر أن تطالب إثيوبيا بالذهاب إلى التحكيم الدولى، فإن أصرت إثيوبيا على التعنت فعلى مصر أن تعلن حينها أن كل جهودها للوصول إلى تفاهمات وحلول توافقية مع إثيوبيا فشلت وتعلن من جانبها وقف المشاركة فى المباحثات الثلاثية.

وطالب علام الحكومة المصرية، بتكثيف تحركها الدبلوماسى على المستويين الإقليمى والدولى لشرح وجهة نظرها، وكذلك اللجوء إلى مجلس الأمن لما تمثله هذه الأزمة من تهديد للسلم والأمن الإقليميين وعرض أسانيد مصر القانونية والسياسية والفنية، والذهاب إلى مجلس الأمن قد لا يؤدى إلى إيقاف إثيوبيا مخطط السدود الإثيوبية، لكنه سوف يحفظ حق مصر فى اتخاذ ما تراه مناسبا وفى الوقت المناسب للحفاظ على حقوقها المائية.

وعن السيناريوهات المتوقعة حول الملء الأول للمياه أمام "سد النهضة"، الذى سوف يكون خصما من إيراد النهر الوارد إلى البلاد، وسوف تضطر مصر معه إلى تفريغ بحيرة ناصر"المخزون الإستراتيجى للبلاد" تدريجياً لتعويض نقص الإيراد، ما يقلل من دور السد العالى فى تأمين حصة مصر المائية وإنتاجه الكهربائى ولا توجد فرصة حقيقية لإعادة ملء بحيرة السد العالى مرة ثانية، وسيكون امتلاؤه جزئيا فقط أثناء سنوات الفيضانات العالية، وسيتعرض السد للتفريغ أثناء دورات الجفاف، أى أن أضرار سد النهضة ليست فقط أثناء سنوات الملء الأول لكنها ستكون دائمة.

وحول الآثار المباشرة لنقص الحصة المائية الناتج عن سد النهضة، تتمثل فى بوار مساحات كبيرة من الأراضى الزراعية، وانخفاض منسوب المياه الجوفية، وزيادة تداخل مياه البحر فى الدلتا وتملح أراضيها، وانكشاف العديد من مآخذ محطات مياه الشرب والمصانع الواقعة على نهر النيل وفرعيه، وزيادة تلوث مياه النهر والترع والمصارف والبحيرات الشمالية وتهديد الثروة السمكية.

وعن فكرة الترشيد والتحلية فهى غير كافية لاستيعاب عجز الحصة المائية الناتج عن سد النهضة، لأن تطوير وتحديث منظومة الرى فى الدلتا والوادى سوف يوفر جزء من مياه الرى العذبة وهى ذاتها التى نستغلها حالياً من خلال إعادة الاستخدام وضخ المياه الجوفية فى الوادى والدلتا، أما التحلية فهى مكلفة مادياً وغير اقتصادية للاستخدامات الزراعية، وتصلح فقط لإمدادات المياه للمدن الساحلية والتى يعانى معظمها حاليا من عجز فى مياه الشرب.

كما أن التداعيات الأخرى لسد النهضة تتمثل فى تشجيع بقية دول حوض على تنفيذ مشاريع السدود الكبرى والمتوسطة، وقيام إثيوبيا بإنشاء بقية سدودها، وانضمام جنوب السودان إلى اتفاقية عنتيبى وتنفيذ مشاريع استقطاب فواقد النهر بتمويل ودعم دولى لبيع المياه لمصر، وتوسع السودان فى الزراعات على مياه النيل الأزرق خصما من حصة مصر المائية، وليس مستبعداً انضمام السودان لاتفاقية عنتيبى وتنصلها من اتفاقية 1959.

وأشار علام إلى أنه حتى الآن لم يتم تحديد مهام واضحة للمكتب الاستشارى الدولى وهو ما أدى لحدوث مشاكل، خاصة أن المكتب الاستشارى الفرنسى سينفرد بالدراسات الفنية بعد انسحاب المكتب الهولندى، ما يثير قلق مصر، وأن إثيويبا لديها دراسات حول سد النهضة، لكنها تماطل فى تقديمها لمصر، حتى تنجح فى الانتهاء منه خلال الأشهر القادمة.

وعن بدائل الخروج من مأزق الشركة الهولندية فهى تتراوح بين تحقيق ما تطالب به إثيوبيا من إسناد الدراسات للشركة الفرنسية والتى تعمل فى العديد من المشاريع الإثيوبية، ما سوف يؤثر على حيادية النتائج لصالح الجانب الإثيوبى، وقد سبق أن رفضت مصر هذا الطرح أثناء الاجتماعات، وإذا تراجع الموقف المصرى ووافق على هذا الطرح سيكون تفريطا فى المصالح المصرية، وبديل آخر هو إعادة طرح الدراسات لمكاتب استشارية دولية، ما قد يستغرق عاماً آخر من الإجراءات الإدارية مع احتمال عدم تقدم أى مكاتب استشارية نتيجة لاختلافات الدول وعدم وجود خبراء دوليين لتوفيق الآراء أثناء إجراء الدراسات، وهذا البديل سوف يتيح لإثيوبيا استكمال السد قبل البدء فى الدراسات.

وبفرض أنه تم التعاقد مع شركة استشارية، فهناك عقبات كثيرة لن تسمح باكتمال الدراسات منها أن الجانب المصرى يرى أن الشروط المرجعية للدراسات تشمل تقييم عدة سيناريوهات لسعة سد النهضة، وإثيوبيا لا تقبل بدراسة سعة أو أبعاد السد، وليس هناك اتفاق بين الدول الثلاثة على تفسير تعريف الضرر ذى الشأن الذى ورد فى إعلان المبادئ، وليس هناك اتفاق حول مرجعية هذا الضرر، حيث لا تقر إثيوبيا بحصتى مصر والسودان ولم تتفق الدول الثلاثة على كمية الاستخدامات العادلة والمنصفة للمياه لكل منهم واللازمة لتحديد مقدار الضرر، وأى نقص فى إيراد النهر سوف تعتبره مصر ضرراَ بينما تعتبره إثيوبيا استخدام عادل ومنصف لها.

وعن الموقف السودانى، أكد نصر علام أنه أصبح يدعم الجانب الإثيوبى فى بناء السد، مشيراً إلى أنه ارتكب خطأ إستراتيجيا بدعمه لأنه شديد الخطورة عليه وعلى مصر، لأنه فى حالة انهياره، سيهدد وجود السودان نفسها.

واختتم علام تصريحاته بأن مصر ليست دولة منبطحة، ولا يمكن المساس بها، ولديها من الأدوات ما يجعلها تحافظ على حقها التاريخى فى مياه النيل، ومن ضمن هذه الخطوات، أن نتجه إلى المحافل الدولية، وعرض الأضرار السلبية للسد عليها وأنه يهدد الأمن والاستقرار فى القارة الإفريقية، خاصة أن لديها حقا تاريخيا فى مياه النيل، والمياه بالنسبة للمصريين حياة أو موت.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة