صفوت صالح الكاشف يكتب: معتدلة أو مقلوبة!

الأربعاء، 16 يونيو 2010 02:25 م
صفوت صالح الكاشف يكتب: معتدلة أو مقلوبة!

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قال تعالى فى كتابه الكريم "لا الشمس ينبغى لها أن تدرك القمر، ولا الليل سابق النهار وكل فى فلك يسبحون" من سورة يس.

من سياق الآية يتبين بجلاء أن كلاً من الشمس والقمر، والأرض التى أتى ذكرها خفيفا تعبيرا مبهرا بالليل والنهار، كل منهم يسبح فى فضاء الكون، وأن سباحتهم منضبطة أشد الانضباط، فضلا عن كونهم أجراما ثقيلة للغاية، بل ولها ثقل لا نهائى لعظم كتلها، ومع ذلك فإنها تسير وتدور وتتحرك باستمرار ولا تتصادم، بل أن حركتها جزء أكيد من نظامها، فلا يتسنى لأى جرم سماوى أن يتوقف ولو للحظة واحدة، أى أن قانون السير (أوالسباحة) لهو قانون حتمى لا حيود ولا مناص عنه.

ولكن كيف تكون هذه السباحة، ولماذا استخدم القرآن الكريم هذا اللفظ (سباحة) ولم يستخدم مثلا لفظ حركة أو سير، ما المغذى الكامن هنا؟.

لكى نتعرف على أسلوب حركة هذه الأجرام علينا أولا أن نعرف أن الفراغ الكونى خارج الأرض، بالغ الاتساع والامتداد، وإلى ما لا نهاية، وبشكل مطلق، فلا يمكن لكائن من كان أن يتخيل مدى عظم اتساعه الأبدى، وظروفه التى لا يستطيع عقل بشرى أن يستوعبها بتمامها، فالعلم يقدم لنا جديدا دائما فى هذا المجال (الفضاء).

ولمحاولة تبسيط الأمر وتوضيحه فهما يسيرا، فإننا نقول بأن الأرض تندرج ضمن مجموعة من الأجرام السماوية تشكل معا منظومة يطلق عليها المجموعة الشمسية، تلك المجموعة تشمل نجماً هو (الشمس) وهى تمثل واحدا من النجوم المتوسطة حجما، وهى تعتبر مركزية الوضع فى مجموعتها، تلك المجموعة التى تضم الكواكب السيارة، والتى منها عطارد والزهرة والأرض، فالمشترى ....الخ

ولكن أين القمر هنا؟ ذلك الذى لم يأتِ ذكره سياقا واردا، للإجابة نقول بأن القمر هو جرم سماوى صغير تابع للأرض بل ويتحرك فى فلكها ويسبح معها فى مسارها الأكيد حول الشمس. ذلك المسار الذى يكمل دورة كاملة كل سنة ميلادية (366/365 يوما).

يحتوى الكون على مكونات أخرى، كالكويكبات، والشهب والنيازك، والمذنبات، والثقوب السوداء التى يمكنها ابتلاع كل شىء يقترب منها، حتى أشعة الضوء المعتادة، فلا يمكنها أن تخرج من إسارها نتيجة لمغناطيسيتها.

تتحرك الأرض فى مسارها حول الشمس بسرعة 29 كم / ث تقريبا، بينما تتحرك الأرض حول محورها _فى نفس الوقت بسرعة 465 متر/ ث (نصف كم/ث تقريبا)، والمثير للدهشة أن المجموعة الشمسية بكليتها تتحرك أيضا حول مركز المجرة التى نتبعها (وهى مجرة درب التبانة) أو مجرة الطريق اللبنى، بسرعة كبيرة للغاية، وتكمل دورة كاملة حول مركز المجرة فى زمن قدره 12 مليار سنة.

لاحظ هنا أن السرعات التى تتحرك بها الأجرام السماوية سرعات هائلة، وهذه السرعات هى ما يحفظ توازنها علاوة على قوى أخرى من الجاذبية والمغناطيسية الهائلة.

ولما كانت الأرض تسير فى حركتها عكس عقارب الساعة بالنظر إليها من أعلى القطب الشمالى (تماما كحركة الحجيج حرما آمنا حول الكعبة المشرفة)، ومع ذلك فإن اتجاه الحركة هذا ليس قاعدة أساس لوجود كواكب أخرى تسير فى اتجاه معاكس، وهذه مسألة مدهشة، ومع ذلك فإذا كان للأرض كوكب تابع هو "القمر"، فإن لبعض الكواكب الأخرى أكثر من تابع أو قمر، بل وإن منها ماله بضع أقمار، وهذه مسألة مثيرة أيضا، وكل يتحرك (ويسبح)، فلفظ السباحة هنا بالغ الدلالة والدقة بسبب من أن الفراغ الكونى أو الفضاء الخارجى، ليس مجردا تماما من المادة، وهذه الحقيقة قد تم اكتشافها أخيرا، وبسبب هذه الحركة الحثيثة والأكيدة، لك أن تتصور أنك تكون معكوس الوضع نسبة لمن يقابلك فى الجهة المقابلة من الكرة الأرضية، ومن هنا فإن المحيطات بكل ما تحتويه من مياه تكون متعاكسة أو مقلوبة الوضع نسبة لبعضها البعض.

والسؤال: لم لا ينقلب أو ينسكب ماؤها طالما الحال هكذا؟ وللإجابة نقول بأن هذا لا يحدث بسبب من أن الأرض فى حركتها تحتفظ لنفسها بما يعرف بالقوة الطاردة المركزية، تلك القوة التى تتعادل تماما مع جاذبية الأرض الفذة، ومن هنا فماؤها لا ينسكب، ومع كل هذه العظمة فإن الأثر المنقول يشير بجلاء إلى أن الأرض لا تساوى عند الله جناح بعوضة، ولو ساوت، لما سقى الله سبحانه منها كافراً شربة ماء.

ربما تكون قد شاهدت رواد الفضاء وهم يسبحون بداخل سفنهم أو حتى خارجها، وقد يتشقلبون بحيث أن أحدهم يكون رأسه إلى الأسفل نسبة للرائى.

من هنا يتبين أنه ليست هناك مشكلة فى الأوضاع (معتدلة أو مقلوبة) طالما انعدمت الجاذبية الأرضية أو الجاذبية فى داخل سفن الفضاء. ولذك يتعين على مرسلى الرحلات الفضائية أن يقوموا بتدريب رواد الفضاء على اجتياز تلك اللحظة، أى لحظة انعدام الوزن، وعلينا نحن أن نشكر الله على نعمائه، وعلى خلقه للكون العظيم، والذى نحن جزء من منظومته.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة