خبراء طالبوا بالعودة إليها بديلا عن رفع الأسعار

"الضرائب التصاعدية" تشعل خلافاً بين الخبراء ورجال الأعمال

الثلاثاء، 13 مايو 2008 11:25 م
"الضرائب التصاعدية" تشعل خلافاً بين الخبراء ورجال الأعمال يوسف بطرس غالى
كتبت منى ضياء و منى فهمى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الإجراءات التى اتخذتها الحكومة لتدبير العلاوة الاجتماعية التى حددها الرئيس مبارك بـ 30%، زادت حدة الغضب فى الشارع المصرى بسبب تأثيراتها السلبية، وخاصة ما يتعلق بزيادة أسعار البنزين والسولار وهو ما أثر على أسعار العديد من السلع والخدمات وأهمها المواصلات العامة. ماحدث جعل البعض من الخبراء يطالب بالعودة إلى نظام الضرائب التصاعدية، وهو ما جعلنا نطرح هنا عدداً من التساؤلات حول جدوى تطبيق هذا النظام فى مصر لتحصيل الأموال المطلوبة ودون الحاجة لرفع الأسعار، وهل هى ملائمة فى ظل الظروف الاقتصادية الحالية ؟ ومدى إمكانية مساهمتها فى تحقيق العدالة الضريبية ومن ثم العدالة الاجتماعية التى تنادى بها الحكومة؟

الدكتور أحمد أبو النور الخبير الاقتصادى رئيس جمعية الإنماء الحديثة أكد أن مصر لم تطبق نظام الضريبة التصاعدية بالشكل المتعارف عليه عالميا، وإنما بنظام الشرائح، مشيرا إلى أن الضريبة التصاعدية هى الأقرب لتحقيق العدالة الضريبية لأن الضرائب أحد وسائل توزيع الدخل لكافة الطبقات، وقال أبو النور إن تطبيق نظام الضرائب التصاعدية بمصر فى هذه الفترة تحديدا هام جدا لأننا نمر بفترة تحول من النظام الاشتراكى إلى النظام الرأسمالى .


أبو النور عارض وجهة النظر الحكومية التى ترفض تعديل الضريبة تخوفا من هروب الاستثمار خارج البلاد، مؤكدا أن المستثمر المصرى والأجنبى يحصل على الكثير من التسهيلات التى لا يتمتع بها فى أى من دول المنطقة الأخرى، منها أن الحكومة المصرية لا تجبره على توطين أرباحه وأمواله فى مصر ولذلك يقوم بتحويلها إلى بلاده، كما أنه يجلب عمالة من الخارج ويتصرف فى بضاعته كيفما يشاء ويتمتع بإعفاءات ضريبية، مشيرا إلى أن الإعفاءات الملغاة فى حزمة الإجراءات الجديدة ليست كاملة، لأنه تم إلغاؤها على المناطق الصناعية الحرة والمشروعات كثيفة الاستهلاك للطاقة فقط وليس كل المشروعات الاستثمارية، كما أن المستثمر يحصل على الأرض الخاصة بإقامة المشروع بأسعار زهيدة واعتبر أن النظم الضريبية بالدول المجاورة أفضل من مصر وأكثر تطورا بكثير لأن مصادر الدخل بها لا تعتمد على الضرائب فى تمويل الموازنة، أما مصر فتمثل الحصيلة الضريبية بها أكثر من 65% من إيرادات الموازنة العامة، وبالتالى من الأولى تطبيق الضريبة التصاعدية لتحصيل الأموال اللازمة لتمويل بنود المصروفات فى تلك الموازنة.

الرأى السابق يختلف معه الدكتور عصام مصطفى أستاذ الاقتصاد بتجارة حلوان، وقال إن نظام الضريبة التصاعدية أثبت فشله فى مصر ولا يجب تطبيقه مرة أخرى، حيث كان يطبق على مدار 40 عاما بنظام الشرائح الضريبية التصاعدية حتى سقف محدد هو 46% من الدخل حتى إصدار القانون الجديد عام 2004. مصطفى برر فشل النظام السابق نظرا لخضوع الدخل للتقدير الجزافى الذى كان يخضع له الممول، لأن تواجد شرائح متصاعدة بالضريبة يجعل المجتمع الضريبى يحاول دائما إثبات ارتباطه بالشريحة الأقل حتى لا يدفع أكثر. وأكد مصطفى أن هذا النظام يزيد من العبء على مفتش الضرائب ويوسع نطاق التهرب الضريبي، كما يؤدى لتأخر تحصيل الحصيلة الضريبية وضياع حقوق الدولة نتيجة الطعن المتكرر والمستمر من قبل الممول فى الضريبة الجزافية.

وقال مصطفى ردا على تطبيق الدول الرأسمالية الكبرى لنظام الضريبة التصاعدية، إن جاذبية الاستثمار متعلقة بمنظومة متكاملة ولا تنظر إلى ميزة بعينها، فالجزائر جاذبة للاستثمار لأنها دولة بترولية والأردن نتيجة موائمات سياسية، وفى مصر على الرغم من أن الضريبة ثابتة ومنخفضة، إلا أن هناك عناصر طاردة مثل ارتفاع الأسعار وانتشار الفساد، مؤكدا ضرورة تحقيق موازنات لامتصاص العناصر السلبية.

د.طارق نوير الخبير الاقتصادى بمعهد التخطيط القومى قال إن الضرائب التصاعدية تحقق العدالة من الناحية النظرية، أما عند التطبيق العملى فالأمر مختلف، مؤكدا أنه كان من الممكن تطبيقها فى مصر قبل أن يطبق القانون الجديد، أما الآن فليس من الأفضل تغيير نظام الضريبة الموحدة واستبداله بالتصاعدية لأن عدم استقرار النظام الضريبى يعطى إشارات سلبية للمستثمرين، وأضاف نوير أن أى إجراء اقتصادى لابد من دراسته جيدا قبل تنفيذه، ومشيرا إلى أنه رغم العدالة التى قد يحققها تطبيق الضريبة التصاعدية، إلا أن الحكومة لن تقدم على ذلك لأنها تزيد نسبة الفساد نتيجة التقدير الجزافى من قبل الموظف، أما الآن فالفحص الضريبى يتم بالعينة ومن خلال الحاسب الآلى، كما أن الضريبة الموحدة أدت لزيادة الحصيلة الضريبة.

سيـد البـرهمـتـوشـى - نائب رئيس جمعية مستثمرى العاشر من رمضان عضو لجنة الضرائب باتحاد الصناعات المصرية- أكد أن قانون الضريبة "الموحدة" يعد من أفضل السياسات الضريبية التى يتم اتباعها على مستوى العالم، لأنه يحقق مبدأ العدالة الضريبية والاجتماعية بين الممولين. وقال : نحن كرجال أعمال ومستثمرين نؤيد تماما تطبيقها وملتزمون بسدادها للدولة بالكامل دون أى تأخير، خاصة أنها تحافظ على الاستثمارات العربية والأجنبية الحالية، كما تعمل على جذب المزيد منها . وأضاف انه فى المقابل نحن ضد تطبيق نظام الضريبة "التصاعدية" لأنها غير مشجعة إطلاقا على الاستثمار، ونتوقع أنها ستعمل فى حالة تطبيقها على هروب الشركات العالمية ومتعددة الجنسيات والاستثمارات العربية والأجنبية الحالية والمتوقعة من القطاع الوطنى إلى دول أخرى مشجعة للاستثمار مثل الإمارات.

البـرهمتـوشـى أنهى كلامه قائلا: "قلوبنا على مصلحة البلد، ومن واجبنا أن نساعد الدولة فى علاج عجز الموازنة"، لكن يجب عليها أن تحافظ على ما أنجزته بالتعاون مع رجال الأعمال والمستثمرين، من خلال وضع خطة وزارية مناسبة تعمل على حل مشاكل المواطنين وتقوم بتحسين نمط توزيع الدخل والمرتبات على الأفراد وتقلل الفوارق بين أبناء الشعب باختلاف مستوياتهم المادية والمعيشية، وخاصة أن الفقراء و"الغلابة" ومحدودى ومعدومى الدخل يعانون حتى الآن بسبب عدم وصول الدعم إليهم ، على أن يتم تنفيذ كل ذلك بعد البحث عن حل آخر بديل عن تطبيق الضريبة "التصاعدية".

الدكتور حسـن فـاروق - المستشار القانونى بشركة لإنتاج الصناعات النسيجية بمدينة 6 أكتوبر- هو الآخر يرفض تطبيق نظام الضريبة التصاعدية، مشيرا إلى أنه ليس من الصائب القيام بذلك لأن سلبياتها أكثر من إيجابياتها، واعتبر أن الخبراء الاقتصاديين الذين يؤكدون أن تطبيقها مفيد فى بلد مثل مصر مخطئون تماما، خاصة أن هذا النوع من الضرائب سيعمل على زيادة حالات التهرب الضريبي، بما يتعارض مع دعم مناخ الثقة بين الممولين ومصلحة الضرائب. أضاف فـاروق أن الضريبة التصاعدية لن تحمى السوق من الممارسات الاحتكارية و لن تعمل على دعم المنافسة الشريفة فيه كما يزعم البعض، ومن الخطأ الموافقة على تطبيق هذه الضريبة بحجة وجود تفاوت فى دخول ومرتبات الأفراد طبقا لمستوياتهم المعيشية والمادية، أو بحجة وجود مصانع وشركات كبرى تحقق مكاسب خيالية وأرباحا ضخمة، لأن تلك الضريبة لا تحقق مبدأ العدالة الضريبية والاجتماعية، كما أن مصر ليست مثل الدول الرأسمالية الكبرى التى تطبقها.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة