خالد عزب يكتب: ترجمة كتاب دليل ما وراء الذاكرة والذاكرة

الخميس، 16 يوليو 2015 06:00 ص
خالد عزب يكتب: ترجمة كتاب دليل ما وراء الذاكرة والذاكرة غلاف الكتاب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
صدرت عن جامعة الملك سعود، الترجمة العربية لكتاب دليل ما وراء الذاكرة والذاكرة، وتحرير جون دونلوسكى وربرت ا.بيوركو، قد قام بترجمتة كل من دكتور سلطان العويضة والدكتور أحمد الغرابية، وقدم له فى مقدمة وافية الدكتور ناصر محارب، الذى يرى أن عملية استكشاف ثنائية العقل استحوذت على حيز كبير من تفكير الفلاسفة منذ ديكارت إلى وليم جميز، وكان من أهم الملاحظات التى شغلت بال هؤلاء الفلاسفة فى هذا المجال قدرة الفرد على أن يعرف الكثير حول ما يحدث من حوله وفى نفس الوقت من يراقب نفسه خلال عملية التعرف هذه.

وفى الوقت الحاضر تُعرف هذة الظاهرة بما وراء الاستعراف وتحظى باهتمام عدد كبير من الباحثين فى عدد من العلوم خصوصاً بعد أن وجدت ضالتها فى المنظور الاستعرافى للظواهر النفسية بعد أن كانت المقاربات السابقة لها مقيدة بجوانب القصور فى المنهج الاستقرائى ومن ثم المنهج السلوكى قبل أن تضعف هيمنتها على البحوث النفسية.
ويقصد بما وراء الاستعراف "قدرة الفرد على مراقبة تفكيرة والتحكم فيه" ويشتمل ما وراء الاستعراف على جوانب عدة: أولها ما وراء الذاكرة وهو موضوع الكتاب وهى القدرة التى امتاز بها الإنسان عن غيرة من مخلوقات اللة إذ تمكنة هذة الميزة من تغيير سلوكة الذى يجعلة بالتالى يحقق ما يصبوا إلية من أهداف، فالفرد يقوم وفق هذة الميزة بتقويم أفكارة ويحسنها وهو بذا يمارس عملية ما وراء استعرافية "وظيفة تنفيذية".
ويمكن تعريف ما وراء الذاكرة (أو الوعى بالذاكرة) بـ"ما لدى الفرد من معلومات حول قدرات ذاكراتة والاستراتيجات التى تساعد فى تطويرها، بالإضافة إلى العمليات المرتبطة بالمراقبة الذاتية للذاكرة وتشير نتائج العديد من الدراسات فى هذا المجال إلى أن سوء تقدير كفاءة الذاكرة أحد المهام الأساسية قد يؤدى إلى ضعف أداء الفرد فى حياتة اليومية وهو ما يلاحظ على بعض الناس العاديين بدرجات متفاوتة وعلى المصابين باضطرابات الذاكرة باختلاف مسبباتها.

كما بينت العديد من الدراسات حول ما وراء الذاكرة أن من يعانون من ضعف التحصيل الدراسى ومن بعض الاضطرابات النفسية مثل الوسواس القهرى والفصام يفتقرون إلى وجود أو لا يستطيعون تطبيق الاستراتجيات التى تُحسن الذاكرة التى تعد من الوظائف الأساسية لما وراء الذاكرة، ووفقا لذلك فإن فهم ما وراء الذاكرة قد يؤدى إلى فهم أعمق لدور العوامل الاستعرافية فى حياة الأصحاء وفى سلوك الذين يتعرضون للاضطرابات النفسية الأمر الذى قد يساعد بدورة فى تحسين حياة الأصحاء وتطوير العلاج والإرشاد النفسى (مجال تخصص الأستاذ الدكتور سلطان بن موسى العويضة) المناسب الذى يشتمل على إعداد برامج تدريبية إلى تطوير الوعى بالذاكرة للذين يعانون من الاضرابات النفسية.
وقد كانت معظم الدراسات حول ما وراء الذاكرة والذاكرة حتى وقت قريب محصورة فى علم النفس الاستعرافى إلا أن أهمية هذا الموضوع وتسارع المستجدات فيه أغرت الباحثين فى علم النفس العصبى وعلم الأعصاب فى إدراجه ضمن اهتماماتهم البحثية. ومع أن الدراسات ذات المنحنى العصبى (فى مجال اهتمام الدكتور أحمد محمد الغرابية) لفهم ما وراء الذاكرة لا زالت فى بدايتها إلا أنها كشفت عن نتائج مهمة مشكلة بذلك رافداً قوياً للدراسات التى تجرى فى علم النفس الاستعرافى مما قد يُسهم فى التواصل إلى فهم أفضل لظاهرة ما وراء الذاكرة ويكاد يكون هناك شبه إجماع، كما يتبين من نتائج هذه الدراسات وجود علاقة بين الفصوص الجبهية وما وراء الذاكرة.

كما تشير نتائج بعض الدراسات الحديثة حول علاقة بعض وظائف ما وراء الذاكرة (الشعور المستقبلى بالمعرفة والثقة فى الحكم على حوادث سابقة) بمناطق إلخ.
إن القيام بهاتين المهمتين يتزامن مع زيادة النشاط فى مناطق المخ المرتبطة بالانتباه الداخلى (مراقبة الفرد لذاكرته)، الجبهية الأمامية الوسطى، الجدارية الوسطى والجدارية الجانية وانخفاض مستوى النشاط فى المناطق التى تساعد فى الانتباه إلى المثيرات الخارجية: القفوية، الجبهية الجانبية السفلى والجانبية الأمامية الظهرانية الوسطى. وقد تمت مناقشة كل هذة القضايا وغيرها بأسلوب علمى رصين فى كتاب "دليل ما وراء الذاكرة والذاكرة" الذى قام الأستاذ الدكتور سلطان والدكتور أحمد بترجمته، وقد تعرض محررو هذا الكتاب لكل ما يرغب القارئ فى معرفتة تقريباً حول ما وراء الذاكرة من تعريفها إلى مستقبل الدراسات فيها وكان مصدر إلهامهم فيما قاموا به الأبحاث الرائدة لتوماس نيلسون فيما وراء الذاكرة والذاكرة. ويتمحور الكتاب حول الفكرة التى كان ينادى بها ويؤكدها نيلسون وهى أن: العلاقة بين ما وراء الذاكرة والذاكرة علاقة تكاملية وبالتالى فإن الفهم الصحيح لأى منهما لا يتأتى بدون فهم التأثير المتبادل بينهما، لذا يقدم هذا الكتاب فهماً متعمقاً ما وراء الذاكرة والذاكرة كما يذكر المترجمين، لمعرفة كيفية تكون تلك العمليات وقد قام المؤلفون برحلة تأمل علمى ثاقب فى دهاليز الذاكرة ليتخطى عتبة الحديث السطحى ويرتقى فنجدة تناول ما وراء الذاكرة من حيث الطبيعة التكاملية وأحكام التعلم ودقة شعور المعرفة والتأمل بالذات ليصدر حكماً بأننا بشر ليس فقط بالذاكرة بل مع "ما وراء الذاكرة وما وراء المعرفة". إن همسات هذا الإنجاز العلمى تصدع بحقيقة أن ما وراء الذاكرة والذاكرة هم شراكة كشراكة العقل والجسد لا يمكن فصلهما عن بعضهما إذا أردنا تحقيق الفهم الكامل للعلاقة التكاملية فى موضوعات الذاكرة.
لقد اضطلع هذا الكتاب بالتركيز على علم الأعصاب ما وراء المعرفى، ومدى ارتباط عمليات ما وراء الذاكرة بالدماغ الإنسانى، وعلاقة أحكام التعلم وشعور المعرفة وغيرهما بنصفى الدماغ، وكيف تقوم الدوائر العصبية بنظام المراقبة لجميع العمليات المرتبطة بما وراء الذاكرة والذاكرة، ولم يقتصر الكتاب على ذلك وحسب، بل ذهب لموضوعات أخرى تحظى باهتمام المؤلف ولا تقل أهمية وجاذبية عن سابقتها، كمراقبة الذاكرة والوصول المميز للمعلومات والحدث ما وراء المعرفى، وما وراء المعرفة فى التعلم وغرفة الصف.
ويجيب المؤلفون عن تأثير العقاقير النفسية فى نصفى الدماغ وبالتالى فى عمليات ما وراء الذاكرة وضعفها ليقرع ناقوس الخطر موجهاً صيحة لجميع العاملين فى مجال العلاج النفسى ومنبهاً إلى أن هذة الأدوية "البنزوديازيبينات" وهى الأوسع انتشاراً لعلاج القلق والأرق واسترخاء العضلات، تعد من الأدوية التى تُحفز على فقدان الذاكرة. وعلية فنحن لا نبالغ إن قلنا أن الذاكرة وما وراء الذاكرة يمثلان أحد أهم ما يبحثة علم النفس على الإطلاق فى أصوله الأساسية وفروعه. لقد وجدنا فى هذا الكتاب مادة علمية ثرية تسد حاجة ماسة فى المكتبة العربية فى مجال الذاكرة وما وراء الذاكرة لاسيما أن محررية ضليعان فى هذا المجال وقد شارك فى إعداد الكتاب كوكبة من علماء النفس فى تخصصات متنوعة ومن جامعات ودول مختلفة مما يعطى موضوعاتة شمولية فى الطرح تتجاوز ربما الحدود المحلية إلى العالمية.

لقد جاء الدافع الرئيس بتحرير هذا الكتاب إكراماً ووفاء للعالم توماس و.نيلسون، الذى كان رائداً فى مجالى ما وراء الذاكرة و الذاكرة، وجعل رحيله المفاجىء العام ( 2005 ميلادية ) أن يلتقى تلامذته وزملائه فى ندوة لمناقشة الكيفية التى أثر بها هذا العالم فى أعمالهم فكانت ندوة علمية عقدت وعدت نقطة البداية فى تحرير هذا الكتاب واحتفاءً بهذا العالم الجليل، وقد وقع اختيارنا على موضوع هذا الكتاب إدراكاً منا بأهميته للمكتبة العربية مؤملين استفادة كل الباحثين وأساتذة علم النفس الذين لديهم اهتمام بهذا الموضوع وكذلك طلاب الدراسات العليا وطلاب المرحلة الجامعية.

يقع الكتاب فى ثلاثة أبواب أساسية، بعد التمهيد والشكر والتقدير ونبذة عن المساهمين وحياة توماس ونيلسون وتعليقاتة على تطبيقات وجهة نظر الوظيفية لمراقبة ما وراء المعرفة والذاكرة، أما الباب الأول فكان عن مبادئ القراءة فى ما وراء الذاكرة و الذاكرة و تتضمن خمسة فصول هى: الطبيعة التكاملية لما وراء الذاكرة والذاكرة وتطور ما وراء المعرفة وما وراء المعرفة: معرفة المعرفة "الدارية بالمعرفة" وقياس الدقة النسبية لما وراء التذكر وقياس الذاكرة وما وراء الذاكرة: مشكلات نظرية و إحصائية فى تقييم التعلم بوجة عام و إعتماداً على أسلوب جاما لتدقيق التقييم. أما الباب الثانى فخصص للتوجهات المعاصرة فى مراقبة الذاكرة والتحكم فيها وتتضمن عشرة فصول هى: أحكام ما وراء الذاكرة المبنية على المعلومات و الخبرة: الأدلة المشتقة من الثقة الذاتية، و مراقبة الذاكرة وتأثير أحكام التعلم المتأخرة وتأثير حكم التعلم المؤجل فى ظل فترات تأخير طويلة جداً :دليل من ذكريات وميض البرق، والوصول المميز للمعلومات العامة ومواد النصوص المتعلمة حديثاً ودقة شعور المعرفة والخبرة المتذكرة واستراتيجيات الحدس ما وراء المعرفية فى مراقبة المصدر واختبارات الذاكرة الضمنية: أساليب الحد من تدخل الإدراك والبحث فى التحكم ما وراء المعرفى فى إطار الذاكرة العامة وحكايات من خبايا الذاكرة والعمليات ما وراء المعرفية فى إيجاد الذكريات والإعتقادات الزائفة: دور معقولية الحدس والبحث فى تخصيص وقت للدراسة: الدراسات الرئيسية منذ عام 1890 ميلادية حتى الآن وما بعده.

أما الباب الثالث فكان حول قضايا معاصرة يتشابك فيها نموذج ما وراء الذاكرة بالذاكرة وتتضمن خمسة فصول هى: علم الأعصاب ما وراء المعرفى والمنهج المعرفى العصبى فى مراقبة ما وراء المعرفة والتحكم فيها، وما وراء المعرفة الإجرائية عند الأطفال: الأدلة على اتجاهات النمو وما وراء المعرفة فى غرف الصف وما وراء المعرفة فى التعليم: التركيز على المعايرة: وقد اختتم الكتاب بفهرس بالمؤلفين وآخر بالموضوعات.


موضوعات متعلقة..


خالد عزب يكتب: رضوان السيد... القامة اللبنانية








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة