إبراهيم ربيع

سلسلة الأوهام.. من عيد الرياضة إلى عيد العمال!

الخميس، 13 مايو 2010 08:32 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عيد الرباضة.. عيد العمال.. عيد الأم.. عيد الحب.. أعياد أتأمل فيها كثيراً وأسأل نفسى لماذا يخترعون للرياضة عيدا ولا يمارس من المصريين الرياضة إلا اللاعبون الرسميون فى المسابقات الرسمية وهى لها نظامها وطقوسها الخاصة يفرح فيها من يفوز ويحزن فيها من يخسر.. وحتى فى مصر نبالغ فى الفرحة فنعتبر أى فائز بطلا قوميا ولا يكتفى الخاسر بالحزن ويتدرج فى المبالغة إلى اللطم على الخدود والهجوم على الآخرين بدعوى أن هناك أسبابا ليس هو من بينها هى التى أدت إلى الهزيمة.. لم تعد للرياضة فى مصر متعة مثل دول أخرى يمكن أن تشاهد أسرة ذاهبة إلى الملعب لقضاء يوم ممتع..

هناك فى الخارج العيد يومى فى الرياضة ولن يكون هناك داع لعيد سنوى.. الاستمتاع مضمون حتى لو تخللت بعض المباريات أحداث شغب محدودة تمثل ظواهر غير مألوفة.. أما عندنا فيبدو أن السياسيين رأوا أن الرياضة فى بلدنا لم تعد ممتعة ولابد من تنشيط المتعة سنويا باختراع عيد يرتدى فيه رئيس الوزراء الإلكترونى د. أحمد نظيف بدلة رياضية يقود بها نفرا من الوزراء والمنافقين، يعرقون بعض الوقت فى الملعب فى مشهد هزلى وكوميدى.. وعندما اكتشفوا أنه بدعة وأن رئيس الوزراء فقط هو الذى يحتفل به مع النفر المقربين إليه استغلوا أن يظهروا بهذه «التفاهة» أمام ملايين عرقانين بجد وطالع روحهم فى رياضة يومية شاقة مع الأوتوبيسات والميكروباصات وطوابير البوتاجاز والعيش واللحمة الرخيصة، ففضوها سيرة وحذفوا هذا العيد العجيب من حياة المصريين المليئة بالاعياد الوهمية الخادعة التى تحاول بقدر الإمكان أن تحسن كل ما هو سيئ..

بالله عليكم كيف نجعل للرياضة عيدا، وقد أصبحت عبئا نفسيا وأمنيا وخطرا على المجتمع.. وما دامت الدولة مهتمة باللمسة الجميلة للرياضة فلماذا لا تقول «عيب» لهؤلاء الكبار المعتزلين الذين أمسكوا بالورقة والقلم وقرروا فجأة أن يصبحوا صحفيين وكتابا مرموقين يطالبون الجهات الرسمية برعاية الشغب والتخريب والبلطجة فيقاتلون من أجل الإفراج عن المخربين الذين لا يرحمون بلدا فقيرا مقهورا فيحرقون البشر ويحرقون السيارات ويحطمون المقاعد فى المدرجات من أجل مباراة.. صحيح طريقة التعامل مع هؤلاء المخربين خاطئة وبدائية خاصة أنهم أطفال على أعتاب الصبا بما يستدعى أساليب أخرى لعقابهم غير الحبس.. فهم يحتاجون للتربية والتوعية وتقويم السلوك والأفكار بعقوبات تناسب أعمارهم عن طريق مدارسهم أو جامعاتهم.. لكن فى نفس الوقت لا يصح الدفاع عن خطأ وعن ظواهر خطيرة تهدد السلام الاجتماعى فى مجتمعنا..

والعجيب أن وسائل الاعلام تتبنى هذه الأفكار وتساعد فى أن تكون الفوضى مشروعة ومنظمة لا يخشى فيها الفوضويون من العواقب وكأن الملاعب أماكن مشروعة للجرائم.. وكأن من يحطم أو يحرق أو يقتل من أجل مباراة مختلف عن الذى يسرق ويحرق ويقتل فى جرائم الشوارع والبيوت والأزقة.. وكأن الجريمة تخففها الرياضة وكأن الأهلى والزمالك أقوى وأكثر نفوذا من وزارة الداخلية..

للأسف لم يعد عندنا شىء يستحق أعيادا.. حتى عيد العمال الذى فتحنا أعيننا على الابتهاج به وانتظار اللقطات السنوية التقليدية المعتادة للعمال «المبرمجين» فى «خطب» الرؤساء وهم يهتفون ويقولون شعرا من دواوين النفاق لم يعد له معنى.. كنا نقبله من سنوات طويلة وقت أن كانت الحياة محتملة وهناك تصنيف واضح للعمال وللموظفين وللطبقات الوسطى والسفلى والعليا وما صاحب ذلك من رضا بهذه التصنيفات.. أما الآن فأصبح الجميع ممن لا يعملون عند صاحب عمل واحد هم مجموعة «اتحاد ملاك مصر» من رجال الأعمال المحميين من السلطة توحش ثراؤهم بنفس التوازى مع توحش فقر الأغلبية الساحقة..

حتى عيد الحب وعيد الأم.. لم يعد لهما مذاق.. فالحب اختفى لأن الجوع يزيحه من قائمة الأولويات.. ولو أننا شبعانين من الأكل لشبعنا أيضا من الحب.. فهل يكفينا يوم واحد فى السنة نأخذ فيه هدنة من الكراهية.. ماذا سيصنع لنا وماذا سيغير من مشاعرنا..

إذا رأينا الناس تطارد بعضها بالأسلحة البيضاء ونقرأ أن الاعتداءات تمت فى «كمين»، وأن مشجعين يستمتعون وهم يحرصون بدقة على أن يحرقوا أوتوبيسا به مشجعون منافسون لا يريدون أن يفلت منهم أحد.. إذا رأينا وقرأنا ذلك فإنه من العيب والعبط أن نقنع أنفسنا بأن للحب عيدا فى مصر.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة