ثورة المثقفين على «تجار الحسبة» تفضح تواطؤ الحكومة مع التيارات الرجعية

الجمعة، 14 مايو 2010 12:42 ص
ثورة المثقفين على «تجار الحسبة» تفضح تواطؤ الحكومة مع التيارات الرجعية جابر عصفور
دينا عبد العليم ووجدى الكومى وسارة علام وهدى زكريا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يستند مقيمو قضايا الحسبة على عدة مواد فى الدستور، وعدة بنود فى القانون، يرى المبدعون والمثقفون أنها الأساس القانونى للتنكيل بهم، والإساءة إلى سمعتهم، ولذلك يعتبر بعض المثقفين أن الحكومة متواطئة مع التيارات الرجعية بتركها هذه المواد دون توضيح أو تعديل، لتظل سيفا مسلطا على رقاب المثقفين والمفكرين والمبدعين، الذين عانوا كثيرا من دعاوى الحسبة وأشكالها المتعددة، مثل الناقد الكبير جابر عصفور، والباحث الدكتور سيد القمنى، والشاعر الكبير أحمد عبدالمعطى حجازى، الذى طالب بضرورة رفع كل المواد التى يستند إليها مقيمو هذه الدعاوى من قانون العقوبات، وإعادة صياغة تشريع جديد يكفل حرية المبدع، لأن هذه المواد تمثل ثغرات يستند إليها المحتسبون، مضيفا أن السلطة التشريعية هى الوحيدة التى تستطيع سد هذه الثغرات، لأن أحيانا السلطة التنفيذية تكون أكثر جهلا من هؤلاء، فتصادر الكتب وتلاحق المبدعين دون حكم محكمة، وهو ما يؤكد انحيازها للتيارات الرجعية، لذلك يجب على القانون رفع هذه المواد وإضافة مواد جديدة تكفل حرية المبدع، وتكون المواد ضمن نصوص حقوق الإنسان فى مصر.

وأشار حجازى إلى أن الشعب المصرى هو من عليه أن يقرر الصواب والخطأ، عن طريق فتح باب الحرية على آخره، ويتحدث كل فيما يريد وفى النهاية ستسفر نتيجة المناقشات والحوار عن الصواب، ولا يدعى أحد أنه يمتلك الحقيقة ويقرر وحده الصواب مثلما يحدث مع هذه التيارات الرجعية التى تتعامل مع المبدع مثلما يتعامل الفقى مع تلاميذه فى الكتّاب، وهم أبعد الناس عن المعرفة والعلم والحرية والثقافة والفهم العام، ولا أستبعد أن يكون بينهم جهلة ومرتزقة ومتربحون من هذه الدعاوى، وأنهم ينشرون الخرافة والأوهام وعدم احترام الفكر والعلم.

وطالب الدكتور جابر عصفور رئيس المركز القومى للترجمة بتعديل تشريعى يمنع إقامة دعاوى الحسبة، خاصة أن المحتسبين الجدد لا يزالون يستغلون ثغرات القانون فى جرجرة المثقفين إلى ساحات المحاكم، لذا يجب المضى قدما فى إلغاء هذا القانون، وأضاف عصفور أن هناك جزءا كبيرا من كفالة حرية المثقف تقع على عاتق القضاء المصرى والنيابة العامة، وتاريخ القضاء المصرى يحوى العديد من الأمثلة على رفض تحايل البعض على قانون الحسبة، ومنها محمد نور رئيس نيابة مصر العمومية، الذى قال رأيه فى عدم تقديم طه حسين للمحاكمة لاتهامه ببعض ما ذكره فى كتابه «فى الشعر الجاهلى»، وهناك أيضا القاضى الذى حكم ببراءة سيد القمنى، رغم ما اتهم به، وأباح كتابا له، وهناك القاضى الذى حكم لصالح الروائى محمد عبدالسلام، مشيرا إلى أن جرجرة المثقفين للمحاكم فى قضايا الرأى ونشر كتب التراث تهديد للدولة المدنية، وما يترتب على حقوق المواطنة فيها.

بينما أكد الدكتور سيد القمنى أنه دائم الابتعاد عن كل ما يعد تجريحا لأى شخص، كما يحاول الابتعاد عن كل ما له علاقة بالدين، لكن دائما ما يظهر هؤلاء الذين يضعون العديد من الخطوط الحمراء، ويشير القمنى إلى أنه فوجئ بتقرير مجمع البحوث الإسلامية الذى اعترض على كتبه وطالب بمصادرتها، بحجة أن فيها ادعاء وطعنا وتحريفا وتكذيبا فى حق الصحابة والمسلمين، وهو التقرير الذى يدل على رغبة واضعيه فى محاكمة المؤرخين والعلماء، مؤكدا أنه لم يتعرض بالطعن والتجريح لأى عقيدة من العقائد، وإنما تناول فقط ما تداولته كتب التاريخ.

واتفق مع الكتاب فى ضرورة وضع تشريع يكفل حرية المبدع، عدد كبير من رجال المجتمع المدنى، حيث أكد جمال عيد الأمين العام للشبكة العربية لحقوق الإنسان، قائلا إن الخروج من هذا المأزق يحتاج فقط لتفعيل نصوص القانون الحالية، والمتمثلة فى المادة 3 من قانون المرافعات التى تنص على أن مقيم دعوى الحسبة لابد أن يكون صاحب مصلحة وذا صفة، بمعنى أنه لا يجوز لأى شخص أن يقيم دعوى حسبة باسم الشعب والذوق العام، والوحيد المنوط له ذلك هى النيابة العامة التى تعبر عن ذوق المجتمع، ولا يجوز لأى فرد الحديث باسم المجتمع. لكن الدولة تغمض عينها عن هذه القضايا لأنها عادة ما تكون مقدمة ضد معارضين للنظام، وهذا يعبر عن عجز الدولة التى لاتستطيع تفعيل القوانين وتطبيقها.

أما محمود قنديل عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان فقال إن هناك إشكالية كبيرة فى استخدام مادة ازدراء الأديان، وهى أنها مادة فضفاضة وتسمح لكل صاحب مصلحة شخصية فى استخدامها لمصلحته، وتستخدم دائما ضد المثقفين وأصحاب الفكر، ويجب حذف هذه المادة من قانون العقوبات، لأن كل ما يقال وينشر، فى نطاق حرية الرأى والتعبير، ولا يجوز بأى شكل من الأشكال وضعه أمام المحاكم.

بينما يرى بعض المثقفين إنه إذا طالبنا بقانون يكفل حرية التعبير والإبداع ويضمن عدم تعدى أحد عليهم بدعوى الحسبة فعليهم أولا مراعاة ثوابت المجتمع الدينية أو الأخلاقية، وعليهم أيضا مراعاة شعور التيارات المختلفة للمجتمع الذى يعيشون فيه، وأكد الكاتب الصحفى «فهمى هويدى» أنه لابد للمثقف أن يراعى تقاليد المجتمع الذى يكتب له، فلا يحق لأى كاتب بأى حال من الأحوال أن يستغل مصطلح حرية الرأى والتعبير للنيل من المعتقدات والأديان وهدم قيم المجتمع وعاداته وتقاليده، وانتقد «هويدى» ما يفعله بعض الكتاب من ممارسة حرية الرأى والتعبير فيما يتعلق بالدين، فينالوا من العقائد والمقدسات لكنهم لا يمارسون نفس الحق فى نقد الأوضاع السياسية القائمة، وطالب هويدى بوضع ميثاق شرف أدبى يلتزم به الكتّاب والأدباء من أجل تجنب قضايا الحسبة وازدراء الأديان التى ترفع ضدهم، وضرب مثلا بإنجلترا التى يشرف فيها مجلس عرفى من كبار حكماء الصحافة ويقننون التجاوزات المهنية التى يرتكبها باقى الصحفيين.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة