محمد خالد السباعى يكتب: الفرق بين الفرح والحزن "لحظة"

الخميس، 02 يوليو 2015 08:03 ص
محمد خالد السباعى يكتب: الفرق بين الفرح والحزن "لحظة" صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الفرق بين الفرح والحزن لحظة، وبين النجاح والفشل لحظة، وبين الحب والكره لحظة، ولكن أصعب اللحظات هى التى ما بين الموت والحياة..

اليوم موعد عملية سيجريها من الممكن أن تعيده للحياة أو تودى بحياته إلى الابد، طَلَبَ الدعاء على الاستحياء، كيف لرمز قوة وصلابة أن يطلب من كل عرفهم الدعاء له، لكن اليوم لا تنفع القوة وكل ما ينفع هو الدعاء ...

المستشفى بجدرانها البيضاء التى يقال أنها كذلك لتبعث الطمأنينة داخل المرضى ولكن عند مروره بكل جدار يرى هذا البياض كفن ضخم، كل مدى يضيق عليه حتى يوصله إلى مقره الأخير ....

غرفة عمليات أشبه بورشة لتقطيع الحديد، ما كل هذه الأدوات المعدنية، وكيف لهم أن يستخدموا تلك الأدوات لتكون سببا فى تخلص أحدهم من الآلام، أصحاب الزى الأخضر يقفون منتظرين سباته بعد المخدر ولكن عينيه تتمسك بآخر نظرة له حتى أنه استخدم يديه لرفع جفناه ولكن خر الذراعين وخرت الجفوت وذهب الجسد فى سبات عميق....

الجميع بالخارج، منهم المتلهف لرؤيته ومنهم المستمر فى النحيب، والذى جاء لمجرد أن يكون قد حضر قبل الوفاة، والحامل لكتاب الله يتلو الآيات كأنه يتمنى أن تكون هى بأذن الشافى سبب فى تخفيف آلامه، ومنهم من ينظر إلى صوره ويتذكر كل لحظة معه، كل فى واد، ولكن ما لم يشغل بالهم قط هو أنه قبل أن تخر قواه كان شديد الاهتمام بمعرفة من أتى ومن تخلف عن المجئ، لقد كان يريد أن يقع بصره عليهم ولو لآخر مرة..
غرفة العمليات، الجراح يقبض مشرطه، هدوء يسود المكان، لا تسمع صوت سوى رنين الجهاز الذى يشير إلى أن هناك فى قلبه نبض، التحرك محسوب، والمساعدين متأهبين، والورم فى انتظار استأصاله، يتزايد النبض، يشير الجهاز إلى تسارع الانفاس، الوقت يمر ويتمالك الجراح أعصابه مع من حوله وتعود الحالة إلى الاستقرار من جديد ....

خمس ساعات أشغال شاقة داخل هذه الغرفة، بدون صوت، خمس ساعات ستحدد أن تكمل أم تخرج آخر نفس مع آخر دقيقة من تلك الساعات، وفى النهاية يخرج من يملك زمام الأمور بعد العلى القدير (الجراح) ويطلق رصاصة الرحمة أن الله قد مَنَ عليه بعمر جديد، فمن الواقفين من يهدأ ومنه من يتمسك أكثر بكتاب الله وينهال عليه تقبيلا ومنهم من يهرول على الباب لرؤيته من جديد، ويخرج محمولا على سرير نقال حتى يصل لغرفته ومع أول ضوء يصل لنظره يرى جميع من عرفهم حوله، وهنا يشعر أن هنالك فرصة جديدة لكى يعيش مع هؤلاء ما لم يعشه قبل الخمس ساعات الفاصلة فى حياته..

تذكر دائما أن أصعب اللحظات هى اللحظات التى تفصل بين الموت والحياة وليس فقط الموت بشكله المعتاد بل تفصل بين موت أشياء بداخلنا وإحيائها من جديد .








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة