الجمال هى البديل الغذائى وسط التغيرات المناخية

السبت، 08 مايو 2010 11:40 ص
الجمال هى البديل الغذائى وسط التغيرات المناخية
كتبت / آية نبيل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"أصل إحنا بقينا كتير أوى" جملة ترددت مؤخرا بكثرة على ألسنة المسئولين فى تبريرهم لارتفاع أسعار اللحوم، بالتلميح إلى الزيادة السكانية وقلة الإنتاج الحيوانى التى لا تستطيع استيعاب هذه الزيادة وبالتالى مع زيادة الطلب وقلة العرض تأتى النتيجة ارتفاع الأسعار، وأمام تأكيد خبراء السكان بارتفاع عدد سكان مصر فى السنوات القادمة ليصل إلى 115 مليون عام 2030 من ناحية، ومن ناحية أخرى توقعات علماء المناخ حول التغيرات المناخية فى نفس الفترة تقريبا والذى سيصاحبه تغيرات فى تأقلم أنواع كثيرة من المحاصيل أو المنتجات الحيوانية مع الظروف المناخية الجديدة لتنقرض أنواع وتتضاءل كميات أخرى.

يبقى التساؤل: ماذا سنفعل فى السنوات القادمة؟ هل ستصمد الحيوانات وتتأقلم مع الظروف الجديدة، أم سيكون علينا أن نبحث عن البدائل؟ اليوم السابع التقت دكتور حمدى قنديل رئيس قسم الإنتاج الحيوانى بمركز بحوث الصحراء، مؤكدا أن الجمل - الذى برز مؤخرا كإحدى البدائل لمواجهة ارتفاع أسعار اللحوم – سيبرز مجددا ليكون البديل الأساسى لمصر فى مواجهة كلا من الزيادة السكانية وتغير المناخ.

س : لماذا تؤكد على أن الجمال ستصبح ثروة مصر فى الفترة المقبلة؟
أبدع الله فى خلق الجمال لتتميز بكل الصفات التى تؤهلها لتكون الأمن الغذائى رقم واحد فى العالم العربى والتى ستستطيع تحمل الظروف المناخية القاسية التى يتحول إليها العالم ويحذر منها علماء المناخ، ومع الزيادة السكانية التى ستشهدها مصر فى السنوات المقلبة سيزيد من اتجاهنا إلى الصحراء التى تستطيع أن تتكيف فيها الجمال دونا عن بقية الحيوانات.

س : وما هى هذه الصفات؟
أولها قدرته على التأقلم مع ندرة المياه ومساعدتنا على المحافظة عليها خاصة فى ظل الحياة فى الصحراء، فيقوم الجمل عند قضاء الحاجة بالتبول للداخل وليس الخارج حتى يرطب جسمه فى ظل حرارة الصحراء العالية، وتعد كلى الجمل هى الأقوى على مستوى الإنتاج الحيوانى فتستطيع أن تقلل من كميات العرق الخارج من الجسم وبالتالى تتحمل فترة طويلة العطش وتتحمل تغير حرارة حتى 6 درجات مئوية، والأكثر غرابة أن الجمل يستطيع تحمل مياه البحر التى تصل فيها درجة الملوحة إلى 30، أما من الناحية الجسدية فيمتلك الجمل أهداب مخروطية قوية على طبقة لسانه تستطيع استخلاص الشوك الموجود فى النباتات الصحراوية حتى لا تؤذيه أو تجرحه، أما سقف حلقه فيتمتع بطبقة مخاطية رطبة يحركها كلما قلت كمية المياه لترطيب فمه.

س : لكن البيئة الصحراوية فيها العديد من المخاطر مثل الأتربة أو الرمال المتحركة، فكيف يتغلب الجمل على هذه الظروف؟
تتميز رموش الجمل بطولها سواء العليا أو السفلى فتعيق الأتربة وتحميها، أما الرقبة الطويلة فتساعده على الوصول إلى النباتات المرتفعة التى توجد على الأشجار مثلا، فى حين يتمتع الجمل العربى ذو السنام الواحد بخف متفلطح تمكنه ألا يغرس فى الرمال والتحرك بدون مشاكل، وارتفاعه يبعده عن الإشعاع الحرارى النافذ من الأرض بما لا يؤثر على وظائفه الفسيولوجية.

س : وهل يختلف حياة الجمل فى الصحراء عن الحديث عن تربيته لاستخدامه كإنتاج حيوانى؟
الجمل يعطينا ميزة أنه يقدر على التكيف مع ظروف الصحراء لكن ليس معناه أن نتركه فى الصحراء بلا اى تحصينات وننتظر أن نجمعه لذبحه واكل لحومه وإنما التخطيط له يلزم توفير مراعى ليتغذى منها مع العلم انه قادر على التغذى على كميات اقل ومياه اقل وبالتالى يوفر فى كمية العلف التى تدخل 70% من ثمن الحيوان، وتعد المشكلة فى مصر قلة الأمطار مما يعنى قلة المراعى الطبيعية، ونستطيع أن نتغلب على ذلك باستغلال الأبحاث العلمية التى توفر البدائل العلفية رخيصة الثمن مثل قش الأرز ونواة البلح والزيتون.

س : كل هذه الصفات تؤهل الجمل ليكون الأمل والبديل الحيوانى المتوفر والأرخص فى السنوات القادمة، فهل نعطيه أهمية بقدر مميزاته ؟
للأسف لا يحتل الجمل المكانة المناسبة له، فمنذ قديم الأذل أولى العرب الاهتمام للجمل من ناحية استخدامه فى النقل والترحال ومهر العروس واستغلال سرسوب اللبن الذى يخرج من الأم فور الولادة لأنهم أدركوا أهمية ما يحويه من فيتامينات ومعادن، أما استخدام ألبان الجمال أو لحومها لم تتمتع بإقبال عليها من جانب المصريين الذين لا يستسيغوا طعمها إلا فى صناعة الكفتة، رغم أننا إذا عدنا إلى الحكماء نجد أن الكل نادى بفوائد الجمال خاصة ابن سينا وابن خلدون والرازى والشافعى وتعدت الفوائد فى مقولاتهم إلى بولها ودمائها ودهنها .

س : أليس غريبا ما تقوله عن الاستفادة من دمائها وبولها ودهنها ؟
تحتوى دماء الإبل على أجســـام مضادة صغيرة تتركب من سلاسل قصيرة من الأحماض الأمينية، يصل حجمها إلى عشر حجم المضادات العادية مما يجعلها تمر بسهولة عبر الأغشية الخلوية وتصل لكل خلايا الجسم، وتتميز دهون الإبل بأنها فقيرة بالأحماض الدهنية المشبعة المفيدة لمرضى القلب، و يستعمل معجون اللحم المحروق لعلاج القوباء وإزالة النمش، وتوصلت الدراسات إلى أن بول الإبل نستطيع استخدامه كمادة مطهرة لغسل الجروح والقروح ولنمو الشعر وتقويته، وكذلك لمعالجة مرض القراع والقشرة، والتخفيف من التهابات اللثة ووجع الأسنان وحدة الزكام وقتل القمل وإزالة قشرة الشعر، كما انه يستخدم كعلاج للاكزيما والبهاق والصدفية والحساسية، وقد أعلن مركز الملك فهد للبحوث العلمية مؤخرا عن التوصل لاستخلاص دواء من البول فى شكل مراهم وكبسولات وشراب، وهو ما يدعينا أن نتوقف عنده لنرى أين وصلت مصر من هذه الأبحاث.

انتهى الحوار مع دكتور حمدى قنديل لكن القضايا التى أثارها ما زالت مفتوحة، وهو ما سيجعلنا نتحدث فى الحوار القادم عن تعامل المربين أنفسهم مع الجمال فى مصر.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة