حكاوى المصريين مع تلاجات الميه فى الشوارع.. مبرد مياه طريقك إلى الجنة.. المبردات تنتشر بالشارع بشكل عشوائى ولا يقوم أحد بصيانتها.. الخبراء أكدوا أنها خطر على الصحة

الأربعاء، 05 مايو 2010 09:45 م
حكاوى المصريين مع تلاجات الميه فى الشوارع.. مبرد مياه طريقك إلى الجنة.. المبردات تنتشر بالشارع بشكل عشوائى ولا يقوم أحد بصيانتها.. الخبراء أكدوا أنها خطر على الصحة خطورة مبردات المياه بالشوارع على الصحة
كتبت انتصار سليمان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مع انتشار فكرة مبردات المياه كصدقة جارية انتشرت الإعلانات بوسائل الإعلام، "مبرد مياه طريقك إلى الجنة"، "تتوافر لدينا مبردات محلية الصنع ومستوردة صدقة جارية على روح المرحوم"، ومع قدوم الصيف وشدة الحر تحتل هذه المبردات أهميتها، ويصبح كوب الماء المثلج حلما قد يدفع الإنسان حياته ثمنا له.

وتنشر ثلاجات الماء فى كل مكان داخل المدارس والمستشفيات، بجانب المساجد والكنائس، فى المصانع والمتاجر، بجوار المنازل والمحلات، وعلى طول الطريق الزراعى، بل هناك بعض الأماكن بها أكثر من خمس ثلاجات بجانب بعضها البعض مثل مسجد الفتح بميدان رمسيس بالقاهرة، حتى أصبح وضع ثلاجة جديدة أمر يحير من يفكر فى وضعها .

انتشار هذه المبردات فى الشوارع بشكل يغلب عليه العشوائية، فجر عدداً من التساؤلات فيما يتعلق بإجراءات إنشائها، وكيفية عملها ومدى صحتها أو خطورتها على الصحة.

اليوم السابع تجولت فى عدد من الشوارع التى تنتشر بها المبردات، والتقت بعدد من أصحابها والقائمين على بيعها، لترصد قصصا كثيرة حول المصريين والمبردات، التى أصبحت هم الأهالى وشغلهم الشاغل، ليزيد ثوابهم وأجرهم عند الله، وفقط.

عدد من المفاجآت والمفارقات تقابلك عند البحث عن المبردات فى الشوارع، ففى أحد شوارع مدينة نصر، مبرد مياه مكتوب عليه "صدقة جارية على روح المرحوم فلان" وفى الخلفية على الحائط، لافتة مكتوب عليها اسم ابن المرحوم، وعنوانه ورقم تليفونه، وهو محامٍ.

فى عدد من الشوارع أيضاً يتعمد البعض وضع إعلانات الدروس الخصوصية، وعناوين بعض المحلات، أو أماكن العلاج بالأعشاب وغيرها.

إعلان آخر مختلف تعلنه جمعية الإمام أبى حامد الغَزَّالى بمصر الجديدة تقول فيه "توفرت للغَزَّالى مبالغ مالية يرغب أصحابها فى توجيهها لشراء مبردات مياه، والمشكلة أننا لا نجد هذه الأماكن التى يتوفر بها الشروط التى يطلبها أصحابها، فإذا كنت تعرف مكاناً يحتاج مبرد مياه نرجو أن تتفضل بالإتصال بنا فى أى من فروع الجمعية وإبلاغنا بذلك".

وعن هذا الإعلان تقول حنان إسماعيل، رئيس لجنة المساعدات بجمعية الغزالى منذ حوالى خمس سنوات تقريبا بدأت الجمعية تتلقى تبرعات أهل الخير لشراء وتركيب مبردات مياه بجوار المساجد، البعض تبرع بالمبرد والبعض يتبرع بالمال ويترك للجمعية اختيار المكان، لذا وضعت الجمعية شروطا للمكان المناسب أهمها أن يكون هذا المكان مزدحما بالسكان نسبيا وليس به أى مبرد مياه، ويفضل أن يكون هذا المكان فى القاهرة أو الجيزة، حتى يتسنى لنا متابعته والإشراف عليه، الأمر الذى جعلنا نعلن على شبكة الإنترنت عن توافر مبردات مياه لدينا ونبحث عن المكان المناسب له، وضربت حنان مثالا على ذلك، ففى الوقت الحالى اتصل أحد الأفراد يطلب من الجمعية تركيب مبردين مياه فى كلية الدعوة وهى كلية جديدة بجامعة الأزهر ليس بها أى مبردات مياه.

وتستكمل حديثها قائلة "نبدأ فى مخاطبة المسئولين فى هذه الجهة مدرسة، جامعة، مستشفى، مسجد، لتوفر لنا المكان المناسب لديها والقريب من توصيلات المياه والكهرباء ونقوم نحن بشراء المبرد وتركيبه.

تقول حنان تقوم الجمعية بعمل جولات بمحافظات مصر المختلفة تبحث فيه عن مكان مناسب يحتاج كولدير مياه، فمشكلتنا أن أغلب الطلبات لدينا لأماكن بالفعل بها مبردات مياه ولكن أغلبها لا يعمل وبدلا من الصيانة تطلب هذه الجهة مبردا جديدا وهذا هو السبب فى وجود بعض المبردات تقف كالجثة الهامدة بجانب مبردات أخرى تعمل لذا تنصح حنان من يتوجه إليها للتبرع بتركيب مبرد مياه على نفقته بأن يوجه تبرعه لوجهة أخرى وهى توصيل المياه لأسرة فى الصعيد أو المساكن العشوائية بالقاهرة والجيزة، فتكلفة توصيل مواسير المياه مرتفعة على بعض الأسر الفقيرة حيث تتكلف حوالى 1500 جنيه، وهى صدقة جارية تستمر العمر كله باستمرار هذه الأسرة وأبنائها وأحفادها بالمنزل وليس بضعة سنوات قليلة كما هو الحال مع المبردات، ولكن بعض المتبرعين ترفض هذا الاقتراح وتصر على تركيب مبرد مياه بجوار مسجد أو مكان عام ظنا منها أن عدد المترددين عليه أكثر من أسرة واحدة، وهو ما تصفه حنان بعدم الاستيعاب الجيد لفكرة الصدقة الجارية، فالصدقة الجارية يمكن أن تكون فى العلم من خلال التبرع بكتب ومصاحف فى أحد المساجد أو المال بالإنفاق على أحد الأيتام حتى يكبر أو سقى الماء كما يقول الرسول– صلى الله عليه وسلم- "أفضل الصدقة سقى الماء" والسقى هنا لا يعنى مبرد مياه فقط وإنما هناك أشكال عديدة لسقى الناس لابد أن نفكر بدلا من مبرد مياه يعمل شهرين ومع أو عطل له لا يجد الصيانة المطلوبة فيقف كالجثة الهامدة تعوق المارة فى الشارع وتسئ لشكل المكان.

وتطالب حنان من يحرص على وضع مبرد مياه فى الطريق العام أن يهتم أيضا بمتابعة المبرد وصيانته باستمرار فالفكرة ليست فكرة مال تتبرع به وتنسى أمره وإنما مشروع دائم يحتاج المتابعة والإشراف حتى تستمر ثوابه، كما تطالب بعض الجهات التى توافق على وضع مبردات المياه فى حيزها أن تحرص على متابعته وصيانته أو على الأقل الاتصال بصاحبه كى يصلحه، حيث أكدت أن الجمعية تفضل أحيانا إصلاح مبرد مياه موجود بالفعل عن تركيب مبرد جديد بنفس المكان.

ومن مسجد رمسيس تحدث عم محمود، عامل نظافة فى المسجد، حيث تشكل مبردات المياه عبئا ثقيلاً على كتفه، يقول:"يقوم بعض المحسنين بالتبرع بتلاجة مياه للجامع برغم من توافر أكثر من خمسة مبردات به ولكنهم يريدون الثواب والأجر من الله فلا نستطيع ردهم، وبالفعل يقوم بشراء المبرد وتوصيل مواسير المياه على نفقته، ويقبل عليه المصلين فى أول أسبوع لأن طعم المياه بيكون فى أحسن حاله وبعد فترة بيتغير طعم المياه وتقعد جنب أخواتها تشتغل أو تحتاج صيانة، كما أن الضغط على المياه ده بيسبب بركة مياه حول التلاجة تتطلب منا مسحها باستمرار.

ويضيف عم محمود، إدارة الجامع تحرص على إصلاح المبردات وصيانتها ولكن أحيانا ماينفعش معها الإصلاح خاصة الأنواع الرديئة منها فتقف كالقتيل لا نستطيع بيعها أو رميها فهى ليست ملك للجامع ولكن بعد فترة إذا لم يحرص صاحبها على إصلاحها أو أخدها يقوم الجامع بتكهينها.

ومن أحد المعارض لبيع مبردات المياه بالعتبة، يقول صاحبها المهندس ياسر عمر محمد، الشعب المصرى شعب مؤمن بالفطرة، ويبحث عن عمل الخير ويسعى له باستمرار، بل ويطوره مع الزمن، وروى ظمأ المارة فى الشوارع عرفته مصر منذ سنوات طويلة ولكنه تطور مع الزمن، فقديما كان انتشار القلل والأزيار البلدى المصنوعة من الفخار، ثم انتشرت البراميل البلاستيك المملوءة بالماء والثلج، أو ما يشبه فكرة (الكولمن) ثم بدأت ثلاجات الكولدير الكبيرة فى الانتشار منذ أكثر من خمس سنوات، ولكنها فى العام الأخير أصبحت من علامات الشارع المصرى، حيث تنتشر بشكل كبير لا يفصلها عن بعضها البعض سوى بعض الأمتار، لذا ارتفع سعر الثلاجات أكثر من الضعف فى الفترة السابقة، خاصة فى فصل الصيف الذى يعتبر موسم الطلب عليها، ويتراوح سعر المبرد من 1200 جنية إلى3500 جنيه حسب قوته "نصف حصان أو حصان إلا ربع أو حصان" وعدد الصنابير به من 1 – 6 حنفية ونوع الماتور فأغلى أنواع المواتير هو الألمانى وأقلها ثمناً الصينى، يضاف عليها 100 إلى 350 جنيها تكلفة تركيب مواسير الماء حسب بعد المبرد عن مصدر المياه، وقد يضع لها البعض غطاءً من الحديد يحميها من السرقة تصل تكلفته حوالى 450 جنيها.

والمبرد بصفة عامة هو محلى الصنع تنتشر وورش المبردات بالعتبة وباب الخلق يقوم فيه الفنى بتركيب الماتور على جسم المبرد وصنابيره.

ويضيف المهندس ياسر أن مشروع مبرد المياه مشروع خدمى غير رسمى بعيد عن خطط الحكومة ومشروعاتها، فلا يشترط أى تراخيص أو إجراءات رسمية لوضع مبرد المياه فى الشارع، مما تسبب فى نشر الفكرة حتى أصبحت المبردات تقف بجوار بعضها البعض، والجميل فى الموضوع أن مشروع روى ظمأ الظمآنين فى الشارع لم يتوقف على المسلمين فقط، وإنما يشترك بعض المسيحيين معهم حيث أعرف عددا من المسيحيين قاموا بشراء ثلاجات الماء ووضعوها فى الشارع طمعا فى ثواب روى ظمأ الظمآنين، والجدير بالذكر اهتمامهم بصيانة ومتابعة الثلاجة باستمرار، حتى تؤدى عملها بعكس بعض المسلمين الذين اهتموا بفكرة وضع ثلاجة مياه للمارة فى الشارع ولكنهم أهملوا صيانتها والإشراف عليها بعد ذلك.

من ناحيته، يقول الدكتور سيد محمود عبد الرحيم، أستاذ الشريعة والقانون بكلية الشريعة جامعة أسيوط، سبيل الماء سواء كان قلل بلدى، أو مبردات مياه، أو أى شىء آخر يهدف إلى رى عطش الظمآن فى الشارع يدخل ضمن الصدقة الجارية التى يكسب صاحبها ثواب كل من يشرب من سبيله، سواء كان حى أو ميت.

وينتقد عبد الرحيم تصرفات وفهلوة بعض المصريين كأن يتبرع الفرد بثمن المبرد وتركيبه ولكن يقوم بتوصيل مواسير الماء والكهرباء من مواسير وأعمدة الحى معتقدا أن هذه ليست سرقة للمال العام أو أن يقصر فى اختيار المبرد ويشترى الأرخص أو الإهمال فى توصيل الماء والكهرباء بشكل جيد فيتسبب فى تعرض المارة لخطر الصعق بالكهرباء، كما حدث مع طفلة منذ وقت قريب أو يقوم بشراء وتركيب المبرد ويتركه دون الاهتمام بصيانته فيصبح جثة هامدة بعد أول أسبوع أو شهر من تركيبه كل هذه التصرفات تقلل من ثواب وأجر صاحب المبرد، قال عليه الصلاة والسلام "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه ".

كما لا ننكر وجود عناصر الشر المخربة سواء بسرقة قطع الثلاجة أو بالعبث فيها، لذا على المجتمع كله أن يعتبر السبيل الموجود فى الشارع هو مال عام يجب الحفاظ عليه لحمايته من أيدى العابثين والسارقين، فإذا لم يتمكن صاحب السبيل من صيانته والحفاظ عليه فلتكن هذه مهمة أقرب شخص له، حتى يأخذ نفس ثواب صاحب السبيل.

ومن جهته، يرى الدكتور أحمد رفعت الكشميرى، أستاذ طب المجتمع والبيئة بكلية الطب جامعة الزقازيق أن استخدام مبردات الشارع بهذه الطريقة أفضل وسيلة لانتقال الأمراض، خاصة فى وجود كوب واحد يشرب منه الجميع وهو ما ينتج عنه نقل أمراض الجهاز التنفسى، وينتقد الكشميرى وضع الغطاء المعدنى على المبرد وهو ما يصعب عملية الشرب باستخدام راحة اليد تجنبا للأمراض.

مشكلة أخرى يشير إليها الكشميرى وهى عدم سحب الماء فترة من الوقت أكثر من 6 ساعات سواء خلال الليل أو عدم استخدام للمبرد تسبب فى ركنة الماء ومن ثم تعفنها وانتشار البكتريا والفطريات بها وهو ما يؤدى إلى أضرار بالغة على صحة الإنسان خاصة الإصابة بأمراض الكبد والكلى.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة