د. بليغ حمدى

حول كلمة الرئيس فى ذكرى التحرير

الأحد، 25 أبريل 2010 07:38 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لن يدعى أحد من المعارضة أنه جلس بعيداً وبمنأى عن الاستماع والمشاهدة لكلمة السيد الرئيس مبارك فى الذكرى الثامنة والعشرين لتحرير سيناء الحبيبة، وهى ذكرى مجيدة فى تاريخ مصر وعلامة فارقة فى حياتها كما أشار الرئيس فى كلمته والتى أذيعت صباح السبت الماضى وإن أقسم لك وجادل بأنه لم يستمع للخطاب فلا ولن تصدقه.

وظهور الرئيس مبارك بالصوت والصورة والحضور فى هذه المناسبة له خصوصية وانفراد، يعيها أفراد القوات المسلحة وجنودنا البواسل، وربما يدرك كنهها بعض عناصر المعارضة فى مصر إن أمعنوا النظر وأعملوا العقل والتدبر، فظهور القائد الأعلى للقوات المسلحة يوم عيدهم يعد تقديراً كبيراً لأفرادها الذين نحبهم ونقدر جهدهم على المستويين العسكرى والمدنى، لا سيما وأن القوات المسلحة تعلم أن قائدهم وزعيمهم قد أجريت له عملية جراحية ومازال فى مرحلة الاستشفاء، ومع ذلك قرر أن يحتفل بالذكرى العزيزة على الوطن وهى تحرير سيناء موجهاً كلمته إليهم لتقدير هذا الجهد الذى بذل والدماء التى أريقت من أجل معركة التحرير.

والبداية إننى وغيرى كثيرون ممن سعدوا حينما رأينا الرئيس مبارك متعافى وسليماً وواقفاً بشموخ وهى يقر حقيقة استعادة الأرض، غير غافل عن دور الزعيم الراحل الرئيس أنور السادات بطل الحرب والسلام، وهذه مصر التى لا يعرفها المستوطنون بعيداً عنها، لا ينس أبناؤها دور من سبقوهم بالتضحية والبذل والعطاء.

والمحطة الثانية فى كلمة الرئيس مبارك للشعب المصرى تحمل دلالة وطنية ذات مخزى، حينما أشار إلى أن مصر القوية أفشلت وأحبطت كل المحاولات والمساعى الإسرائيلية لتأجيل عملية الانسحاب واسترداد الأرض كاملة. ولمن لا يعلم من جيل الشباب الجامعى الحالى ومرتادى الفيس بوك من المتمردين والمهووسين والموتورين والمتظاهرين أحيطهم علماً بأن مصر خاضت حرباً سياسية شرسة لا تقل شراسة عن الحرب العسكرية فى أكتوبر المجيد 1973، إلا أن اهتماماتهم الراهنة جعلت بعضهم لا يعرف تاريخ أمته المدنى والسياسى، رغم أنهم ينادون بالتغيير، والتغيير لا يكون إلا باستنطاق الماضى وأحداثه.

وكلمة الرئيس فى الذكرى العزيزة على مصر وشعبها المستقر بعيداً عن ويلات الحروب والدمار والخراب، والمنعم بالأمن والأمان والاستقرار، لها دلالات سياسية مهمة، تخص الوطنى والمستقل والمعارض والمواطن الذى لم يعد عادياً ولا بسيطاً فى ظل خروجه المتكرر للتظاهر والاعتصام والاحتجاج على سياسات مهنية تخص أوضاعه المالية والأدبية والحقوقية.

فلقد طالب الرئيس مبارك بضرورة التمعن فيما حققناه سابقاً وأين كنا قبل معركة التحرير، والتى يصر البعض على إغفال التطور الاقتصادى والسياسى والمجتمعى الذى حدث فى مصر، ويرتكز على مجموعة من السلبيات التى لا شك وأنها موجودة بكل وطن يأمل أن يتنامى ويتطور. نعم فلابد أن يتذكر هؤلاء كيف كانت الأحزاب السياسية تعانى من أنها بلا صوت أو حضور أو فاعلية.

وعلى الجميع أن يدرك عبارة الرئيس مبارك بأننا نمضى فى الإصلاح السياسى، أى أن الإصلاح عملية غير منتهية، والغد إن توافرت النوايا الصالحة لدينا سيكون بالضرورة أفضل، وإن توافرت لنا السبل والوسائل المتاحة للرقى بهذه الأمة. وهذا الإصلاح السياسى الذى تشهده البلاد بغير إنكار يصاحبه تطور اقتصادي.

وربما يتصور البعض أن كلمة اقتصادى تشير إلى قيمة الراتب الذى يحصل عليه الموظف الحكومى الذى يذهب لعمله كما يذهب إلى زيارة حماته لمصالحة زوجته التى غضبت عليه. إنما أعنى به عدد المصانع التى أقيمت، وعدد الشركات الاستثمارية المنتشرة فى ربوع مصر، وحجم الاستثمارات الأجنبية التى يعمل بها آلاف المصريين ويربحون منها آلاف الجنيهات.

وهذا التطور السياسى المنشود والمصاحب للنهضة الاقتصادية لا ولن تتحقق فى ظل ظروف ومقامات أشار إليها الرئيس مبارك فى كلمته الدالة، حيث إن مصر محاطة بعالم مضطرب ومنطقة صعبة لا تزال تصدر الإرهاب والتطرف، وتعانى من الفتنة الطائفية، وغياب الأمن وإراقة الدماء، وبالضرورة أن تتأثر مصر بما يجرى حولها من مشكلات وأحداث. وعلى أبناء مصر أن يكونوا على وعى شديد بمستقبل وطنهم الذى يعيشون على أرضه، بل وسيسلمونه لأبنائهم وأحفادهم بعدهم.

وللذين أغفلوا ولا يزالون يغفلون الحراك السياسى الذى حدث بمصر منذ خمسة أعوام، فها هو الرئيس مبارك يذكرهم بهذا الحراك والحرية السياسية التى لم تكن موجودة بهذا القدر التى هى موجودة عليه الآن، واصفاً هذا الحراك بالنشط، إلا أن فى امتداحه لهذا الحراك تحذيراً شديد اللهجة لكل من يحاول أن يلعب بمقدرات هذه الأمة.

فكل يوم وليلة يخرج علينا بطل قومى يدعى التجديد والتغيير والتطوير، وكأننا فى إحدى صالات المزادات العالمية، وهو مشهد لا نراه فى الدول التى نشيد بديموقراطياتها كالولايات المتحدة مثلاً، فأنا مع الرئيس حينما يحذر أن يتحول هذا الحراك السياسى إلى تناحر وتشاحن وصراع، فالتنافس فى تطوير الأمة مطلوب ومرغوب، طالماً كان فى ضوء أحكام الدستور والقانون، ويقصد سلامة الوطن وتحقيق مصالحة بصورة سلمية صحيحة.

وازدادت سعادتى وأنا أستمع للرئيس مبارك وهو يفوت الفرصة على مثيرى الفتنة والقلاقل بأنه يعد المواطنين بانتخابات نزيهة محترمة، مؤكداً فى ذلك ترحيبه المطلق بالأفكار والرؤى التى تسعى لخدمة البلاد ورقيها مادامت بعيدة عن اللعب بمصير هذه الأمة، هذه الأمة التى جاء عليها يوم تجلى فيه لتحتفل وتسعد بذكرى تحرير سيناء الحبية المنقوشة ذهباً فوق جدار القلب.

* أكاديمى مصرى.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة