اعتزال أبو تريكة.. نهاية المتعة والإنسانية فى ملاعب الكرة

فرض محمد أبو تريكة، نجم الأهلى المعتزل، نفسه على رأس قائمة الموهوبين الذين أنجبتهم الكرة المصرية، بعد 10 سنوات من العطاء مع القلعة الحمراء، وهو العصر الذهبى للفريق الأحمر الذى تحقق خلاله العديد من الأمجاد لقلعة الجزيرة، وكان لأبو تريكة دور فيه، بسبب موهبته الفذة التى جعلته يتربع على عرش معشوقى الكرة المصرية عامة والأهلاوية خاصة.

غابت معه المتعة الكروية

كانت الجماهير الحمراء تضع آمالا عريضة على تريكة فى أن يكون منقذها فى المباريات الصعبة على مدار السنوات العشر الماضية، لما يتمتع به من موهبة غير عادية، من قدرة على المراوغة واللمسات السحرية ومعاونة زملائه، وكانت لمساته للكرة تخطف آهات الجماهير العاشقة للكرة، ولم يخيب الماجيكو آمال الجماهير فى الكثير من المناسبات منها التتويج ببطولة دورى الأبطال الأفريقى فى 2006 من هدف درامى جاء فى اللحظات الأخيرة، وهدفه فى مرمى الكاميرون فى نهائى بطولة الأمم الأفريقية 2008، وهدفه فى مرمى أورلاندو برايتس فى عام 2013، وبات غيابه مؤثرا على الفريق الأحمر بعد اعتزاله، خاصة أن الكرة الجمالية غابت عن الملاعب مع إنهاء مسيرته بالملاعب، وكأن المتعة أبت أن تبقى فى غياب الراهب الذى وهبها قُبلة الحياة.

تريكة الإنسان

لم تقتصر موهبة القديس على الكرة فقط، وإنما كانت له مواقف إنسانية كثيرة، كشفت عن معدنه الأصيل مثل تعاطفه مع القضية الفلسطينية ورفع شعار "تعاطفا مع غزة" خلال إحدى مبارياته مع المنتخب الوطنى، ولم يعبأ بتهديد الفيفا للاعبين من عدم القدوم على أى إشارات سياسية، ودفاعه عن النبى بعد الرسوم المسيئة، بعدما ارتدى قميصا فى إحدى المباريات وكتب عليه "نحن فداك يا رسول الله"، بخلاف تضامنه مع الألتراس فى قضيتهم بعد موت 72 فردا من زملائهم فى حادثة استاد بورسعيد، ورفض اللعب على أرواح الشهداء والمشاركة فى لقاء السوبر المحلى أمام إنبى، ورفع شارة الشهداء السوداء على رأسه عند الاحتفال بأحد الأهداف، بخلاف ارتدائه القميص رقم 72 بعد انتقاله إلى بنى ياس الإماراتى، وزيارته لأطفال مستشفى السرطان 57357، وبسبب مواقفه الإنسانية عرّض الماجيكو نفسه للعديد من المخاطر منها الإيقاف من قبل مجلس إدارة الأهلى وتوقيع غرامة مالية كبيرة عليه بعد امتناعه عن المشاركة فى لقاء السوبر المحلى.

ذكريات جميلة مع الفراعنة

تحدث تريكة فى حديث سابق عن مشاركاته الأفريقية، وقال "استفدت كثيرا من مشاركتى مع المنتخب فى بطولتى أمم أفريقية، لأنك تعرض فنك أمام القارة بأكملها والبطولتين الذين شاركته فيهما فى 2006 و2008 كانت لهما ذكرى جميلة معى، خاصة فى بطولة 2008 بغانا، لاسيما أننى عاصرت جيلا هو من أفضل الأجيال التى أنجبتها القارة الأفريقية، ويعد منتخب كوت ديفوار هو الذى كنا نخشاه خلال مشاركاتنا الأفريقية، لأنه كان يضم نجوما كبيرة مثل ديديه دروجبا ويايا توريه وكانت دائما هى المرشح الأول والأقرب فى حصد اللقب، كما أن إقامة البطولة كل عامين أفضل من إقامتها كل 4 سنوات.

هذا هو خليفتى

أحسن القديس التوقع فى اختيار خليفته بالملاعب، حيث رشح محمود حسن تريزيجيه لاعب الأهلى الصاعد، والذى تنبأ بموهبته الفذة وقتما كان اللاعب صاعدا حديثا من قطاع الناشئين للتدرب مع الفريق الأول، وتحققت نبوءته بعدما بات تريزيجيه أحد أفضل اللاعبين هذا الموسم، إن لم يكن هو الأفضل.

الإحسان جزاء الإساءة

لم يلجأ تريكة إلى رد من أساءوا إليه بجنس العمل، وإنما كان الإحسان جزاء من هاجموه، ولعل ما نشره على القديس على حسابه بموقع "فيس بوك"، خير دليل على ذلك حيث رد على هجوم الإعلامى أحمد شوبير له وكان رده "عندما تتعرض للإساءة لا تفكر فى أقوى رد.. بل فكر فى أحسن رد ﴿ولا تستوى الحسنة ولا السيئة إدفع بالتى هى أحسن﴾".

سر الرقم 72

يقول تريكة: إن اختياره الرقم 72 مع بنى ياس الإماراتى جاءت فى ليلة سفرى إلى الإمارات وأنا أفكر فى رقم القميص الذى سأرتديه ووجدت أن الرقم 72 فيه تخليدا لشهداء الأهلى، وردا على سؤال، لماذا لم يكن الرقم 22 الذى ترتديه مع بنى ياس، جاءت الإجابة، 22 للأهلى وبس".

قبلته القادمة

وكشف تريكة عن قبلته القادمة بعد اعتزال الكرة وعقب انتهاء فترة النقاهة بعيدا عن الأضواء بالاتجاه إلى مجال الإدارة لإفادة بلده وناديه فى هذا المجال، رافضا سلك مجال التدريب بالقول، "معنديش ملكة فيه".