عمرو جاد يكتب: رسالة إلى أمى

السبت، 27 مارس 2010 07:48 م
عمرو جاد يكتب: رسالة إلى أمى صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء


امرأتان فقط فى هذه الدنيا تستحقان منى أن أنحنى إجلالا وتقديرا لتقبيل أيديهما، ليس لشىء سوى أننى لا أمتلك فى الوقت الحالى أن أقدم لكلتيهما غير هذه القبلة، الأولى هى تلك السيدة التى أعتبر نفسى جزءًا من حياتها وعمرها، ولولا إخوتى لمنحتنى كليهما دون نقصان، هى السيدة التى لا يعرفها المصيلحى حين يمنح جوائز الأم المثالية، و لا تعرفها...

هذه السيدة حقا هى الكائن الوحيد فى الدنيا الذى يجعلنى أشعر بالعجز، فما الشىء الذى تستطيع أن تمنحه لإنسان أعطاك ما لا يُمنح، حزمة كاملة من المعانى الجميلة "الحياة، والحب، والفرحة، والحنان، والإخلاص" منحتنى أيضا حب التعلم، وحسن الأدب، وإن كان قد ساء مؤخرا فهذا عيب فىَّ وليس نقصا فى تربيتها لى، ولكنها الدنيا هكذا، تأخذ ما تمنحه كل أم لابنها شيئا فشيئا إلى أن تأخذ منه الحياة أول ما استمده منها.

أعرف أننى تأخرت، كالعادة، عن تهنئتها بعيد الأم، ولكن أرجو منها ألا تعتبر هذا الخطاب هو هديتى لها، ولكنه محاولة منى فى أن أعبر لها عما لا أقوله لها فى وجهها، فى وقت كانت تبدو فيه "الحنية" ضعفا، والرقة تخاذلا، والتعبير عن الحب نوعا من الرقاعة، تلك محاولة منى أن أعتذر عن قدر من الجحود والنسيان فرضته ظروف الحياة، كانت دائما مشغولة بى وكنت مشغولا عنها، كانت تدعى لى كعادتها "ينور طريقك وينجحك وينصرك على من يعاديك" وأنا أترك النور لأمشى فى الظلام وكأنى أختبر فاعلية دعائها، كثيرا ما تعثرت لكننى فى النهاية أضحك فى قرارة نفسى "يا بركة دعاك يامة" لأكتشف أنه لولا هذا الدعاء لكنت تعثرت ولم أستطع القيام مرة أخرى، هل عرفتم جحودا مثل هذا.

أمى الحبيبة.. لأننى لا أمتلك سوى هذه الكلمات لأعبر لك بها عن حقيقة مشاعرى، فإننى سأعترف الآن أمامك أننى أشعر بالخزى وتقتلنى المرارة حينما لم أستمع لنصائح، ولم أعط كلماتك اهتماما تستحقه، سيدتى وملهمتى ومولاتى ليس فى هذا الكون أحد سواك يستحق منى أن ألعن خجلى، هذا الخجل الذى لم يمنحنى فرصة لأنحنى على قدميك أقبلهما، ولولا بقية من حياء لكنت اعترفت لكِ بكل ما خالفت نصائحك فيه، ولكنى سأحافظ على تلك الصورة الجميلة التى ترسمينها لابنك الذى تظنينه ناجحا.

أمى.. أعرف أنك الآن تتساءلين عن المرأة الثانية التى تقاسمك قلبى، سأخبرك..فلحسن الحظ أن اسميكما يبدأ بنفس الحرف، إنها إنسانة وقفت جانبى فى أشد لحظات عمرى ضيقا، حنانها ذكرنى بك، فانتزعتنى من حيرتى تضعنى على طريق كنت تائها عنه منذ زمن، ها أنذا أعود إليه من أجلك وأجلها ومن أجل نفسى أيضا، أمى العزيزة هذا الخطاب سرى جدا فلا تدعى أبى يقرأه حتى لا يشعر بالغيرة، واعلمى أننى أرفع يدى للسماء كل يوم لأرد لكِ بعض الدعاء الذى تسانديننى به وأرجو من الله أن يتقبل منى.

ابنك الذى لم ينسك








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة