"آباء وأبناء قتلة".. مسلسل جرائم أسرية ذات طبيعة انتقامية.. قانونيون:"لا يُقتل الوالد بولده" قاعدة فقهية لا يعترف بها القانون المصرى.. وعلماء النفس: يرجعون الجرائم إلى الإدمان والعنف والإيذاء الجسدى

السبت، 07 فبراير 2015 08:23 ص
"آباء وأبناء قتلة".. مسلسل جرائم أسرية ذات طبيعة انتقامية.. قانونيون:"لا يُقتل الوالد بولده" قاعدة فقهية لا يعترف بها القانون المصرى.. وعلماء النفس: يرجعون الجرائم إلى الإدمان والعنف والإيذاء الجسدى طفلتان بالطالبية أثناء نقل جثتهما إلى سيارة الإسعاف
كتب أحمد الجعفرى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
القتل أول جريمة على الأرض حركها الحقد وألهب نارها الحسد، ولمفارقات القدر أن قتل فيها الأخ أخاه، ثم أتى غراب وعلم القاتل كيف يحنو على جثة أخيه فيوارى سؤاتها، وبعد مرور آلاف السنين على تلك الواقعة، ظهرت دوافع جديدة أخلفت وراءها العديد من الوقائع، التى تجرد فيها الآباء والأبناء من مشاعر الرحمة، ليتخلصا من أقرب الأقربين إليهم.

العقار الذى شهد ذبح الطفلتين بالطالبية أثناء نقل الجثث إلى سيارة الإسعاف- 2015-02- اليوم السابع
العقار الذى شهد ذبح الطفلتين بالطالبية أثناء نقل الجثث إلى سيارة الإسعاف

أحدث تلك الوقائع، كانت بمنطقة عزبة الهجانة بالقاهرة تصدر فيها المشهد شاب فى العشرين من عمره عاطل عن العمل يأساً من الحياة، دفعته ظروفه إلى حالة نفسية سيئة انتهت بالتخلص من والده الرجل المسن الذى تخطى عقده الخامس.


إبراهيم والد طفلتى الطالبية المذبوحتين على يد والدتهما- 2015-02- اليوم السابع
إبراهيم والد طفلتى الطالبية المذبوحتين على يد والدتهما

تفاصيل تلك الواقعة تحاكى أفلام الرعب والخيال، بدأت بمشادة بين الأب وأبنه نتيجة لخلافات أسرية لا يخلو منها أى بيت، ولكنها انتهت نهاية غريبة، أحضر الولد سكيناً وذبح والده لم يكتف بذلك بل تفنن فى تشريح الجثة ومزقها إلى أشلاء، ووضع عضوه الذكرى فى زيت مغلى، وتبين فيما بعد أن المتهم مهتز نفسيًا قضى فترة علاجية بمستشفى الأمراض النفسية بالعباسية ثم خرج لينهى حياة والده.


إحدى الطفلتين المذبوحة على يد والدتهما- 2015-02- اليوم السابع
إحدى الطفلتين المذبوحة على يد والدتهما

جريمة قتل بشعة أخرى شهدتها محافظة الجيزة وبالتحديد منطقة الطالبية حيث تخلصت أم من طفلتيها ذبحاً هكذا بكل بساطة، ما الدافع؟ وما المحرك؟ وأين كانت مشاعر الأمومة حينما أقدمت تلك السيدة على تلك الفعلة؟ الإجابة لا ندرى.


المتهمة بقتل والدتها بأبو زعبل- 2015-02- اليوم السابع

المتهمة بقتل والدتها بأبو زعبل

المشهد الأول: عقار مكون من 14 طابقاً بشارع مكة تعيش فيه أسرة صغيرة مكونة من تاجر وزوجته وطفلتين لم يكملا عامهما الثالث بعد "شهد" و"شاهيناز"، تحولت فجأة تلك الأسرة إلى حديث الجميع بعد وقوع الجريمة التى تم الكشف عنها مصادفة أثناء صعود ابنة حارس العقار لنشر الملابس أعلى السطح ففوجئت بأم الطفلتين تجلس على سلم العقار غارقة فى دمائها وتكاد تفقد وعيها، أسرعت ابنة الحارس إلى والدتها لاستدعائها وصراخها يسبق قدميها حتى خرج سكان العقار وفوجئوا أن الأم المصابة دخلت إلى شقتها مرة أخرى، طرقوا عليها الباب ففتحت لهم ثم سقطت أرضا بعد أن أشارت بيديها تجاه أسطوانة الغاز وإلى غرفة النوم، أسرع الجيران إلى أسطوانة الغاز ففوجئوا بخرطوم الغاز مقطوعا والغاز ينبعث منها فأغلقوه ثم أسرعوا إلى غرفة النوم فكانت المفأجاة التى نزلت بهم كالصاعقة، حيث عثروا على الطفلتين غارقتين فى دمائهما نتيجة تعرضهما للذبح.


صورة السيدة التى قتلت طفلتيها بالطالبية- 2015-02- اليوم السابع
صورة السيدة التى قتلت طفلتيها بالطالبية

المشهد الثانى: أفاقت الزوجة من إغمائها لتجد نفسها محاصرة بين رجال المباحث، فادعت أن مجهولين ملثمين اقتحما الشقة وطلبا منها مبلغ 240 ألف جنيه، وعندما أكدت لهما عدم امتلاكها المبلغ ذبحا طفلتيها ثم طعناها بالأسلحة البيضاء ولاذا بالفرار، الأمر لم ينطل على رجال الشرطة وأكد ذلك رجال المعمل الجنائى حينما كشفوا عن عدم وجود أى آثار عنف بمنافذ الشقة مما يدل أن الجناة دخلوا الشقة بطريقة مشروعة عن طريق الباب، كما تبين عدم تعرض محتويات الشقة للسرقة مما أكد لرجال المباحث أن الدافع ليس السرقة.


صورة الفتاة التى تخلصت من والدتها بالزيت بعين شمس- 2015-02- اليوم السابع
صورة الفتاة التى تخلصت من والدتها بالزيت بعين شمس

المشهد الثالث: كان بمثابة المفاجأة حينما كشف التحقيقات أن والدة الطفلتين وراء ذبحهما واعترفت بقتل طفلتيها، وذلك بسبب مرورها بأزمة نفسية بالإضافة إلى سوء معاملة زوجها لها.

واقعة أخرى تصدر فيها المشهد رجل فى العقد الرابع من عمره، بمنطقة عزبة خير الله التابعة لمصر القديمة، تخلص فيها من أسرته بالكامل ليبقى وحيداً معدماً فى انتظار أن يعدم، دفعه الشك فى سلوك زوجته إلى إثارة الخلافات الزوجية بينهما، لينتهى بهم الحال إلى أن سدد عدة طعنات قاتلة لزوجته "سعاد.ب"37 سنة، وطفلتيه "مريم" 10 سنوات،"ميرنا" 7سنوات، ولم يكتف بذلك فأشعل النيران فى غرفة النوم لحرقهن لإخفاء جريمته، وفر هارباً.

وتتصدر المشهد مرة أخرى فتاة فى العشرينيات من العمر تدعى"نشوى.م" أنهت حياة أمها بمنطقة عين شمس، بعدما تعدت عليها بالضرب بمكواة على رأسها ولم تكتف بذلك فدفعها الانتقام والتفنن فى التعذيب إلى أن سكبت عليها الزيت المغلى، "نشوى" تشاجرت مع والدتها كأى فتاة بسبب أعمال المنزل وتطورت المشادة الكلامية إلى تشابك بالأيدى تعدت المجنى عليها على ابنتها بالضرب مما دفع المتهمة إلى إحضار مكواة وتعدت بالضرب على والدتها وسكبت عليها الزيت المغلى حتى أسقطتها قتيلة.

عودة إلى مسلسل آباء وقتلة رجل صعيدى فى الأربعين من عمره دفعه الشك والذى يبدو أنه المحرك الرئيسى لمعظم قضايا القتل، إلى التخلص من نجلته "سناء" 20 عاماً، وذلك لارتباطها عاطفياً بشاب ورغبتها فى الزواج منه.

تفاصيل الواقعة مثيرة للدهشة فالأب تخلص من ابنته بطريقة ابتدعها هو وتفنن فى تنفيذها، فبعد أن اكتشف الوالد وجود علاقة غير شرعية بين ابنته وشخص آخر ورغبتها فى الزواج منه رغم رفض أسرتها، زوجها من نجل خالتها، وبالفعل تزوجا إلا أن الزواج بينهما لم يستمر لعدم وجود وفاق بينهما ولكثرة المشاكل فانتهى الحال بينهما إلى الانفصال، فدفعه ذلك للثأر منها فدس "مبيد حشرى" عنوة فى فمها لتسقط جثة هامدة.

ماذا عن تلك القاعدة الفقهية التى تبناها بعض من جمهور العلماء والتى تقول "لا يقتل الوالد بولده" مستندين إلى حديث "أنت ومالك لأبيك" فضلاً عن ما رواه الترمذى عن ابن عباس عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقام الحدود فى المساجد ولا يقتل الوالد بالولد)؟؟

سؤال طرحناه على عدد من خبراء ورجال القانون المصرى والذين اتفقوا جميعاً على دحض القانون لتلك القاعدة، لأنه لا ينظر إلى العلاقات الأسرية التى قد تربط الجانى بالمجنى عليه وأن الحكم يأتى نتيجة الحيثيات والأسباب وأدلة الثبوت التى تقدم وترفق بأوراق القضية ليتخذ فيها حكم عادل رادع.

وقال المحامى والخبير القانونى نجاد البرعى، إنه لا يوجد نص فى القانون يتفق مع تلك القاعدة، مستنكراً إياها وموكداً أن المتهمين جميعاً أمام القانون سواء ولا يوجد فى قانون العقوبات استثناءات أسرية فالعقوبات محددة وواضحة.

وأضاف البرعى، أنه من الممكن أن تلتمس هيئة المحكمة الرأفة مع الأب المتهم فى حالة أن الابن عاق أو سيئ السلوك، الإ أنها لا تستبعد الإعدام إذا اقتضت الضرورة ذلك وهذا ما تحدده تفاصيل القضية وسير الأحداث وظروف وملابسات الواقعة.

من جانبه قال وليد الشواربى المحامى، إن القانون المصرى واضح وصريح لا يفرق بين والد وولد، فالعلاقات الأسرية لا تحدد نوع العقوبة وقوتها، فمن قتل يقتل ولو بعد حين، وأنه حتى ولو ثبت صحة تلك القاعدة الفقهية فبعض نصوص القانون المصرى مشتقة من القوانين الفرنسية.

تقول الدكتورة غادة حشاش الاستشارية التربوية والأسرية، إن العنف فى العلاقة بين الآباء والأبناء تجلى فى أبشع صوره حينما نسمع عن قتل الآباء للأبناء أو الأبناء للآباء، فذلك عكس الفطرة التى فطر الله عليها الإنسان وأمره ببر الوالدين، ونجد أن هناك العديد من الأسباب التى تؤدى إلى الوصول إلى تلك النقطة الخطيرة، منها الأمراض النفسية التى تحتاج إلى علاج فورى ونحن نملك العلاج حتى لا تتطور الأوضاع والمشكلة أن فى مصر البعض لا يتهم بالعلاج النفسى، فلابد حينما يلاحظ الأباء على أبنائهم العنف الزائد سواء فى معاملته مع أصدقائه أو أسرته لابد من عرضه على طبيب نفسى لعلاجه.

وتضيف "غادة" قائلة: "الإدمان والضغوط العصبية الزائدة أحد العوامل التى تؤدى إلى تفاقم تلك الأزمة، لأنه يؤدى إلى غياب العقل والتوهان، ويجعل الإنسان قليل التحمل ويزيد الضغط العصبى له مما يتسبب فى الكثير من المشاكل، هذا إلى جانب البعد عن الدين والتنشئة السليمة".

وتنتقل الدكتور "غادة" للحديث عن بشاعة الجرائم والتفنن فى التعذيب، قائلة إن تراكم كافة العوامل السابقة من الضغط العصبى الشديد وسوء العلاقات الأسرية وجنوح شخصية المدمن والمريض النفسى، والبعد عن الدين والسلوك القويم والتربية السليمة معاً يفرز لنا جيلاً محطماً ومضغوطاً يؤدى بنا فى نهاية المطاف إلى تلك الجرائم البشعة التى تقشعر لها الأبدان.

وأوضحت الدكتورة غادة، أن علاج مثل تلك المشاكل يجب أن يبدأ من المنبع من التكوين الأسرى فى بدايته أى الزواج، والاختيار السليم من البداية يحدد شكل العلاقة وكيفية استمرارها، لافتة أن الزواج ليس مجرد تخلص من مصطلح العنوسة للدخول فى مصطلحات أخرى أشد خطورة، ويجب أن يكون هناك تفاهم بين الزوجين، حتى ينعما بالاستقرار.

وتابعت "غادة" قائلة: "وظيفة الأب والأم ليس الإنجاب ولا الإنفاق ولكن التربية، إذا لم نكن قادرين على التنشئة السليمة للأبناء وسط جو مستقر من الحب والترابط فلا يجب أن ننجب، الإنفاق يمكن أن يتم تعويضه بالتربية السليمة لكن التربية السليمة لا يمكن تعويضها بالإنفاق، هكذا تتراكم الأخطاء خطاء فى اختيار الشريك، وخطأ تربية الأبناء، خطأ على خطأ على خطأ حتى تحدث الكارثة".








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة