مجد خلف تكتب.. نعمة العقل

الأربعاء، 24 مارس 2010 08:36 م
مجد خلف تكتب.. نعمة العقل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قال تعالى :(قل سيروا فى الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشىء النشأة الآخرة إن الله على كل شىء قدير) العنكبوت 20
يقول المفسرون: إن الأمر بالسير فى الأرض يحثنا كى ننظر ونفكر كيف بدأ الخلق وكيف بدأت الحياة، ودعوة للتأمل والتدبر والتفكير، ودعوة لتنبيه الحواس والمشاعر والعقول وإعمالها
أى أننا كمسلمين قد صدر لنا الأمر الإلهى بإعمال العقل فى كل ما أحاط ويحيط بنا من أمور وملابسات ووقائع فى حاضرنا أو فى ماضينا.
وقد يتساءل البعض ولماذا نتأمل فى ماضينا وهو تساؤل قد يرد فى خاطر البعض، والجواب واضح: كى نتعلم من أخطاء الماضى ونتعظ من دروسه فلا نكرر ما وقع به أسلافنا وأجدادنا.
ولكننا للأسف لم ولن نتعظ مادام فينا من يهاجم بضرواة كل من يدعو إلى إعمال العقل والاستفادة من دروس الماضى كى نتجنبها مستقبلا، والهجوم على الناجحين وخاصة الذين يدعون إلى إعمال العقل، عادة عربية لا تزال متأصلة فينا بشدة (خاصة فى زماننا الحالى)، ولقد حبانا الله بمن ينكر علينا كمسلمين أن نعمل عقولنا بل قد يصل الأمر فى بعض الأحيان بتكفير كل من تسول له نفسه أن يتساءل ويبحث ويجتهد فى البحث عن أمر لا يقبله العقل أو يخامره الشك فى صدق بعض أحداث أو روايات من التاريخ والتى لو فكرنا فيها لما صدقناها أقول لو لأنه من غير الجائز التفكير أصلا، بل لقد أصبح من المسلم به أن نصدق كل ما روته كتب التاريخ دون أى تعديل أو تفكير وإلا خرجنا من ملة الإسلام، إننا نعمل بسياسة الأمر الواقع والمفروض والمكتوب، حتى لو كان كذبا أو مدسوسا أو غير صحيح أو على أقل تقدير مبالغ فى وصفه، هكذا جرت العادة فى شتى البلدان العربية والإسلامية.
وإننا فى قبولنا التسليم بذلك معناه أننا رضينا أن نضع عقولنا فى ثلاجة ونقفل عليها خوفا من استعمالها وانتهاء صلاحيتها، وهذا التسليم فى الحقيقة هو الذى أوصلنا إلى ما نحن فيه من التأخر والتخلف والجمود وعدم القدرة على التغير، لقد تقدم أسلافنا لأنهم كانوا يعملون عقولهم فغزت حضارتهم شتى بقاع الأرض وتغير حالهم من النقيض إلى النقيض من الجهل إلى أزهى عصور العلم والحضارة، وتأخرنا نحن لأن عقولنا ألغيت وتجمدت فلم نتقدم بل تأخرنا إلى الوراء سنين عددا، وأصبح زماننا زمن فيه يجترأ السفيه ويسخر من وعلى كل عاقل مستنير يدعو بيده أو بلسانه أو بقلمه إلى إعمال العقل والتفكير ومحاولة مجرد محاولة التعمق فى بعض ما التبس علينا من أحداث تاريخية وقصص ربما شوهتها بعض الأيدى التى نقلتها إلينا من مصادر متعددة الأشخاص والروايات بقصد أو بدون قصد، والمفروض أن نصدق دون تفكير.
وكلنا يحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكننا لا نعمل إلا بالشق الثانى منه كما جرت العادة عندنا أن نأخذ دائما بالسهل الذى لا تعب فيه: (إعقلها وتوكل) ونحن لا نعقلها أبدا (إعمال العقل) وليس عقل الناقة وربطها هو المقصود فقط، بل تحرير العقل كى يعمل وليس إعقاله كما نعقل الناقة.
ولكننا كعهدنا دائما نتوكل ونتواكل، وننتظر من يمد يده إلينا كى يأخذ بيدنا ويقيلنا من كبوتنا وعثرتنا التى طالت حتى انكسفت منا الشمس والقمر ولكن لا حياة لمن تنادى.
لم يأمرنا الله عز وجل ولا رسوله عليه أفضل الصلاة والسلام، أن نكون متواكلين بل لقد أمرنا أن نسعى ونعمل ونفكر وننجز أعمالنا بأيدينا، فكلنا مكلفون مأمورون وسنحاسب كل بمقدار ما فكر وعمل يوم لا ينفع أحد أحدا ولا تزر يومها وازرة وزر أخرى.
وقد قال عليه الصلاة والسلام: يسأل المرء يوم القيامة عن أربع عن علمه كيف انتفع به وعن عمره فيما أفناه وعن ماله فيما أنفقه وعن شبابه فيما ضيعه.
سنحشر جميعا يوم القيامة يوم لا ينفع المرء إلا ما قدم فى دنياه من خير، وسنحاسب عن أعمالنا ومالنا وعمرنا وعلمنا، ولنتكلم فيما نحن بصدد الحديث عنه، عن العلم الذى سنسأل عنه وإن من يكتم علما يعرفه ولم ينفع الناس به يكون إثمه كمن كتم شهادة، قال تعالى: ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه والله بما تعملون عليم) 283 البقرة.

وبناء على منطوق الآية الكريمة فإن من بلغه علم توجب عليه أن ينفع الناس به وإلا فهو يعتبر آثماً، خاصة إذا كان هذا العلم تصحيح لما قد تواتر إلينا من السلف مما فيه إساءة كبرى لتاريخنا كمسلمين، إننا يجب أن نهب للدفاع عن أنفسنا وتاريخنا كمسلمين ونفند وندحض وننقب ونبحث عن كل الأكاذيب التى دسها وزورها من يكتبون كتاب الله بأيديهم فكيف بكتابة التاريخ؟ إننا بذلك نكون قد عقلنا وتوكلنا، والله من وراء القصد.











مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة